“داعش” التلمودية تحكم اسرائيل.. ألا تستحي جوقة المطبعين العرب بعد إحياء المستوطنين لعصر العصابات؟

ما أشبه اليوم بالبارحة، فالأجواء الحاليّة داخل المشهد الفلسطيني تعيد الأذهان إلى عام 1948 حين احتل الكيان الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية، معلنًا تدشين دولته المزعومة، وقتها لم يكن هناك جيش إسرائيلي نظامي بالمعنى التقليدي، لكنها ميليشيات صهيونية وعصابات مسلحة رسخت أركان هذا الكيان المغتصب في مواجهة شعب مسلوب الحقوق.

فما يمارسه المستوطنون اليوم في بلديات حوارة وبورين وقريوت وزعترة جنوبي نابلس، ترجمة حرفية لتلك العقيدة الميليشاوية التي تخيم على العقلية الإسرائيلية وترسم مساراتها بدقة بالغة وتفضح أيديولوجيتها العنصرية رغم محاولات التجميل والترميم عبر أدوات الإعلام والدبلوماسية والنفوذ المالي والسياسي.

اللافت هنا أن تلك الجرائم من قتل وحرق وتهجير تزامنت مع تلك القمة الأمنية التي استضافتها مدينة العقبة جنوب الأردن، الأحد 26 فبراير/شباط 2023، وشارك فيها ممثلو السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال بحضور ممثلين عن مصر والولايات المتحدة وبريطانيا، وكان من مخرجاتها وقف الانتهاكات الإسرائيلية وفرض الأمن والاستقرار وإبرام هدنة لمدة 6 أشهر.

كانت مبررات السلطة الفلسطينية والوفد المصري المشارك في تلك القمة ومعهم حلفاء تل أبيب الإقليميين من العرب تدور حول العمل من أجل الصالح الفلسطيني وتوفير الحماية والأمان للشعب الفلسطيني ووقف النشاط الاستيطاني، لتأتي عربدة المستوطنين في نابلس لتضع العرب المتحالفين مع حكومة بنيامين نتنياهو في مأزق وحرج كبير، أمام الشعوب العربية من جانب، والشارع الإسرائيلي والدولي من جانب آخر، بعدما ضرب الكيان المحتل بتفاهمات القمة عرض الحائط.

شغل عصابات
ما يدور في قرى نابلس من المستوطنين بحق الفلسطينيين هناك حرب عصابات قولًا واحدًا، هكذا تبرهن المؤشرات التي توثقها تصريحات المسؤولين في حكومة الاحتلال وأحاديث شهود العيان، فضلًا عن المسؤولين الدوليين المعنيين بالقضية الفلسطينية كما جاء على لسان المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند الذي أعرب عن قلقه إزاء ما أسماه “تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية”، لا سيما أعمال عنف ارتكبها مستوطنون إسرائيليون بحق فلسطينيين في بلدة حوارة.

المسؤول الأممي حمل جيش الاحتلال مسؤولية تفاقم الوضع في الضفة، مشددًا على ضرورة قيام القوات الإسرائيلية بمنع الأفرد – في إشارة إلى المستوطنين – من أخذ القانون بأيديهم، قاصدًا الرد على استهداف مستوطنيين على أيدي مقاوميين فلسطينيين، مضيفًا “لا يمكن أن يكون هناك مبرر للإرهاب، ولا للحرق العمد وأعمال الانتقام ضد المدنيين”.

حتى الشهادات الواردة من مسؤولي الجيش الإسرائيلي تكشف عن هيمنة الفكر الميليشاوي على عقلية المستوطنين بشكل متجذر يصعب إيقافه، كما جاء على لسان المتحدث باسم جيش الاحتلال، الذي لفت إلى أنه بعد ورود نبأ أمس عن قيام عدد من المستوطنين بإلقاء الحجارة على مركبات فلسطينية بالقرب من قرية المغير شمال شرق رام الله، سارعت كتيبة من الجيش لفض هذا الاشتباك، لكنه أضاف “بعد رفض المستوطنين إخلاء المكان، ردت القوة بإجراءات تفريقهم، قام أحد المستوطنين بركل جندي إسرائيلي ورش ضابط شرطة برذاذ الفلفل”.

الأجواء ذاتها عبر عنها قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة يهودا فوكس لقناة ريشت كان، بقوله: “لم نكن مستعدين لقدوم عشرات المستوطنين بزجاجات المولوتوف وأن يتوزعوا في أكثر من 20 نقطة في حوارة ويبدأوا عمليات حرق متعمد”، تعليقًا على كثرة أعمال العنف التي استهدف بها المستوطنون الفلسطينيين، مدنيين وعسكريين وإعلاميين.

أما الناطق باسم حركة فتح في حوارة، عواد نجم، فوصف ما حدث بأنه “محرقة وجرائم لقطعان المستوطنين في حوارة وإرهاب منظم للاحتلال وأذنابه ضد شعبنا وقيادتنا”، كاشفًا أنه قد تم منع طواقم الدفاع المدني من الوصول للمصابين والشهداء، بجانب إطلاق النار على بعض الضباط الفلسطينيين، مؤكدًا على أن تلك الجرائم تتم تحت مرأى ومسمع من جيش الاحتلال.

من جانبه يرى الكاتب الصحفي الفلسطيني، محمد المدهون، أن ما جرى في بلدة حوارة جنوب مدينة نابس شمال الضفة الفلسطينية جريمة بشعة تضاف إلى سلسلة الجرائم التي ينفذها قطعان المستوطنين بحماية جيش الاحتلال في كل الأراضي الفلسطينية، فلم تكن هذه الجريمة البشعة وهذا الهجوم الشرس من قطعان المستوطنين هو الأول من نوعه، وإنما هو مسلسل طويل من الجرائم المتواصلة ضد الفلسطينيين وأراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم.

وأضاف في حديثه لـ”نون بوست”: “ليلة مرعبة عاشها أهل بلدة حوارة، ومعهم آلاف الفلسطينيين في شمال الضفة، الذين أمضوا ساعات طويلة عالقين في الطرقات، بعد أن حالت حواجز جيش الاحتلال واعتداءات المستوطنين دون وصولهم إلى أماكن سكناهم، فقد شنّ مئات من المستوطنين هجمات إرهابية على منطقة حوارة، أسفرت عن شهيد وعشرات الإصابات وإحراق نحو مئة مركبة، وعشرات المنازل، ما بين حرق كليّ وجزئيّ”.

وأكد الصحفي الفلسطيني أن الهجوم استمر عدة ساعات، مدفوعًا بإذن من جيش الاحتلال وتشجيع وزراء الحكومة الصهيونية وخاصة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، حيث لم يحاول الجيش منع المستوطنين من هذه الهجمة الإجرامية، فكان شريكًا ومشجعًا ومساندًا، منوهًا أنه ما كان ليد المستوطنين أن تنطلق إلى هذا الحد دون ضوء أخضر من المستويين العسكري والسياسي في كيان الاحتلال، لإحداث ردع كبير يطال نفوس الجمهور الفلسطيني ووعيه، ليس في الشمال فقط، بل في عموم الضفة الغربية، وكل فلسطين، لأن هذه الحكومة تريد أن تؤكد أنها مختلفة عن سابقاتها في السياسات الحاسمة وتنفيذها المباشر، وفي التحلل من أي كوابح أو خطوط حمراء في ردها على عمليات المقاومة أو عدوانها على الفلسطينيين، على حد وصفه.

التاريخ يعيد نفسه
حين وقعت فلسطين تحت الحماية البريطانية عام 1920، فُتح الباب على مصراعيه أمام الهجرات اليهودية إليها، حيث اجتذبت المئات من اليهود في كل أنحاء العالم، وعلى الأخص فرنسا والمملكة المتحدة وبولندا وأوكرانيا وروسيا، تلاقوا جميعًا على شعار واحد: تأسيس دولة “إسرائيل”.

ولأجل هذا الهدف غير الشرعي، تاريخيًا وقانونيًا وإنسانيًا، دشن اليهود عصبات مسلحة أشبه بالميليشيات وضعت لنفسها إطارًا عامًا مكونًا من عدة أهداف أبرزها: الدفاع عن حياة اليهود وممتلكاتهم وشرفهم، حتى لو تعارض ذلك مع الانتداب البريطاني، تدريب الأفراد المنضمين إليها من الفتيان والفتيات اليهود ما بين 15 و18 عامًا، على عمليات الحراسة والدفاع عن المستوطنات الإسرائيلية، وذلك لأجل تحقيق الغاية الكبرى وهي تأسيس وطن قومي لليهود.

الميليشات دشنت نقاط عسكرية داخل المدن الفلسطينية، وحولتها إلى قواعد ونقاط ارتكاز في مواجهة الفلسطينيين والعرب، وبعد 12 يومًا فقط من إعلان دولة إسرائيل المزعومة عام 1948 أصدر ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لـ”إسرائيل” ووزير الدفاع حينها قرارًا بحلّ العصابات الصهيونية وتحويلها إلى جيش الدفاع الإسرائيلي، ومن أبرز تلك الميليشيات: هاجاناه وإرجون وبيتار وشتيرن وبلماح.

وتحول زعماء تلك الميليشيات والعصابات إلى قادة لدولة “إسرائيل” المحتلة، حيث تبوأوا المناصب القيادة فيها ومن أبرزهم: موشيه ديان رئيس أركان الجيش وشمعون بيريز رئيس الوزراء وكذلك رئيسا الوزراء إسحاق رابين ومناحم بيغن وغيرهما، وهو ما انعكس بشكل أو بآخر على إدارتهم للسلطة التي تمت في إطار ميليشياوي بحت.

وارتكتب تلك الميليشات والعصبات عشرات الجرائم والمجازر خلال عام 1948 من أبرزها: مجزرة فندق “سميراميس” بالقدس في 5 يناير/كانون الثاني، حين هدمت عصابة صهيونية الفندق، وقتلت 20 فلسطينيًا على الأقل، وجرح 20 آخرين، وبعدها بيومين فقط ألقت عصابة أخرى قنبلة على بوابة يافا في مدينة القدس، فقتلت 18 عربيًا وجرحت 41 آخرين، وفي الثامن من الشهر ذاته فجرت عصابات صهيونية سيارة ملغومة قرب مبنى كان يُطلَق عليه اسم السرايا العربية (كان يضمّ مقر اللجنة القومية العربية) وسط يافا، ما أسفر عن مقتل 70 عربيًا وإصابة العشرات.

وفي 14 يناير/كانون الثاني 1948 فجّرت عصابة صهيونية سيارة ملغومة بجانب السرايا القديمة، ما أسفر عن مقتل 30 عربيًا، وبعد يومين فجرت قنبلة موقوتة قرب عمارة يطلق عليها اسم “المغربي”، ما أسفر عن مقتل 31 عربيًا وإصابة ما يزيد على 60 آخرين، وفي الـ22 من الشهر هاجمت عصابة صهيونية قرية يازور على مدخل مدينة يافا ليلًا، ونسفت بعض المباني، ما أسفر عن مقتل نحو 15 عربيًا وهم نيام على فراشهم.

وقبل نهاية يناير/كانون الثاني بيومين فقط دحرجت عصابة صهيونية برميلًا مملوءًا بالمتفجرات في شارع عباس العربي (مُنحدر)، ما تسبب في هدم بعض البيوت على ساكنيها ومقتل 20 عربيًا وجرح 50 آخرين.

كما قتلت تلك العصابات 60 فلسطينيًا معظمهم من النساء والأطفال حين دمرت نحو 20 منزلًا فوق رؤوس سكانيها في قرية سعسع قضاء حيفا في 14 فبراير/شباط من نفس العام، وبعدها بأقل من أسبوع فجرت مركبة مملوءة بالمتفجرات وضعتها أمام بناية السلام في مدينة القدس، ما تسبب في مقتل 14 عربيًا وجرح 26 آخرين.

ثم توالت المجازر التي ارتكبتها الميليشيات الصهيونية بحق الفلسطينيين تباعًا: مجزرة قطار حيفا في 31 مارس/آذار وأسفرت عن مقتل 40 شخصًا وإصابة 60 آخرين، ومجزرة “دير ياسين” في 9 أبريل/نيسان التي راح ضحيتها 254، بينهم 25 سيدةً حاملًا بُقرَت بطونهن أحياءً برؤوس الحراب، ومجزرة حيفا في 22 من ذات الشهر وأسفرت عن مقتل 150 وإصابة 400، ومن بعدها مجزرة قرية “عين الزيتون” في 4 مايو/أيار التي نجم عنها 70 قتيلًا، بجانب 60 آخرين في قرية “أبو شوشة” شرق الرملة بعدها بعشرة أيام فقط.

ومن المجازر الخالدة في الذاكرة صعبة النسيان مجزرة اللد في 11 يوليو/تموز 1948 التي راح ضحيتها نحو 426 مواطنًا، ومجزرة “الدوايمة” في 29 أكتوبر/تشرين الأول من العام التي تمت في شكل سلسلة من الهجمات المتتالية وأسفرت عن مقتل 500 مواطن، وكان من أبرزها حادثة مسجد “الزاوية”، حين قُتل نحو 50 شيخًا كانوا داخل المسجد، فيما تشير الوثائق إلى قتل الجنود الإسرائيليين لأطفال بتكسير جماجمهم بالعصيّ.

وعلى مدار أكثر من 70 عامًا تحاول دولة الاحتلال طمس تلك المجازر وإخفائها من السجلات التاريخية، إلا أن المقابر الجماعية التي تم الكشف عنها وشهادات الجنود الإسرائيليين المشاركين في تلك الجرائم أبقتها في الذاكرة وظلت كأدلة دامغة على الإجرام الميليشاوي الإسرائيلي.

خلال تلك الفترة لم يتغير الأمر، لكن المسألة لا تعدو إعادة تدوير وتقسيم أدوار لا أكثر، فالبداية كانت الميليشيات والعصابات هي من تقوم بعمليات الإجرام، وبعد ذلك تم تضمينها داخل الجيش الإسرائيلي ليقوم هو نيابة عن تلك العصابات بذات الجرائم، اليوم عاد الأمر إلى سيرته الأولى، حيث إحياء دور الميليشيات مرة أخرى لكنها تحت غطاء من الحماية والدعم من جيش الاحتلال ذاته.

قلق إسرائيلي.. الأسطورة الأمنية على المحك
الهيجان الاستيطاني ضد الفلسطينيين رغم ما حققه من خسائر في صفوف أبناء الأرض، فإنه مثار رعب لدى القيادات الإسرائيلية التي تقلقها عمليات المقاومة الفردية التي يقوم بها مواطنون فلسطينيون عاديون غير منتمين لأي تنظيمات أو فصائل معروفة لها مواءماتها وحساباتها السياسية، ما يجعل استهدافها وإجهاضها مسألة غاية في المشقة والصعوبة وهو ما تترجمه تصريحات مسؤولي حكومة الاحتلال.

ثمة شواهد تبرهن على حالة القلق تلك التي تخيم على المشهد الإسرائيلي لعل من أبرزها التحفظ على التصريحات المتطرفة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير التي خُشي من تصعيدها لحالة الاحتقان الشعبي الفلسطيني، إذ كانت السبب الرئيسي وراء استبعاده من المناقشة التي عقدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأحد 28/2/2023 بشأن الأحداث في حوارة، وإن اعتذر نتنياهو على هذا الموقف لاحقًا إثر احتجاج الوزير المتطرف.

وتوثق تصريحات رئيس جهاز محاربة الإرهاب السابق في الجيش الإسرائيلي، العميد يحيعام ساسون في حديث لراديو الشمال 104.5FM، حالة الرعب التي تسيطر على الحكومة العبرية حين قال: “منفذو العمليات الفلسطينية لا يخشون من تنفيذ عمليات تستلزم التضحية بالنفس، فهم أصبحوا يُطلقون النار من مسافة صفر”.

وتمثل حالات استهداف مستوطنين في بلدة حوارة نقلة نوعية في مسار المقاومة الفلسطينية الفردية، تعكس القدرة على اختراق المنظومة الأمنية الإسرائيلية وتهدد أسطورتها المزعومة، وهو ما أشار إليه الصحفي الفلسطيني محمد المدهون حين قال إن بلدة حوارة تقع في مربع أمني إسرائيلي، حيث تطلّ عليها عدة مستوطنات مثل (هار براخا) و(يتسهار)، وفيها معسكر حوارة الإسرائيلي، وشارعها الحيوي الذي وقعت العملية وسطه، يقع بين حاجزي زعترة وحوارة العسكريين، حيث التفتيش والتنكيل اليومي بالفلسطينيين عليهما، أي أن المنطقة بمثابة ثكنة عسكرية صهيونية للجيش والمستوطنين.

وأضاف “أن تقع عملية نوعية فيها، وفي وضح النهار، فإن هذا يعني أن منسوب التحدي المقاوم للاحتلال قد ارتفع كثيرًا، ومن شأنه أن يحمل شبانًا آخرين على تكرار فعل مشابه في منطقة مليئة بالأهداف وتجمعات الجيش والمستوطنين، وهو ما سيعني تهتك المنظومة الأمنية في تلك المنطقة الحساسة والخطيرة والمهمة بالنسبة للاحتلال”.

إحراج حلفاء “إسرائيل” العرب
جرائم العصابات التي ارتكبتها ميليشيات المستوطنين في نابلس، بغطاء من الجيش والمنظومة الأمنية التي توفّر الحماية الكاملة لمثل هذه العصابات، وضعت المشاركين في قمة العقبة الأخيرة وحلفاء تل أبيب العرب في مأزق حقيقي، فما يحدث على أرض الواقع يتنافى تمامًا مع بيان القمة والمبررات التي ساقها العرب الذين شاركوا في تلك المسرحية الهزلية.

ومما يعمق مشاعر الحرج تلك التصريحات الصادرة عن نتنياهو نفسه وبعض وزراء حكومته بشأن الاستمرار في النشاط الاستيطاني وأن الخطط المدرجة في هذا الشأن لن تتوقف، هذا بخلاف توفير غطاء أمني شامل لجرائم المستوطنين بحق أبناء فلسطين في نابلس وأريحا وغيرها، ضاربين بمخرجات اللقاء عرض الحائط، وهو ما يرجح كفة المعارضين لمشاركة العرب في قمة العقبة.

يقول الكاتب المصري وائل قنديل تعليقًا على تطورات المشهد الحاليّ: “حائط الحماية الأول لعصابات الاستيطان هو النظام العربي الذي يحضر بعد كل فعل إسرائيلي إجرامي ليحاصر رد الفعل الفلسطيني، حاملًا حقيبة التهدئة، متحدثًا عن ضرورة وقف التصعيد”، مضيفًا في مقال له “كل ما يشغل الأنظمة العربية التي تتربح من وظيفة التهدئة هو تفتيت الغضب الشعبي الفلسطيني المتصاعد ضد الهمجية الصهيوني، بحيث لا يتراكم ويؤدي إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية شاملة، بمواجهة انتفاضة عصابات المستوطنين، هكذا يعلنونها صريحةً في وجه الشعب العربي، الذي بات محرومًا من التظاهر تضامنًا مع فلسطين”.

وكان البيان الختامي لقمة العقبة قد نص على “التزام الجانبَين الفلسطيني والإسرائيلي بخفض التصعيد ومنع مزيد من العنف، وتأكيد كل الأطراف على الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس، وإلزام الجانبَين بوقف الإجراءات الأحادية من 3 إلى 6 أشهر” كذلك التزام حكومة الاحتلال “بوقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، إلى جانب التزام إسرائيلي بوقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر، واتفاق المشاركين على دعم خطوات بناء الثقة لمعالجة القضايا العالقة عبر حوار مباشر”.

وبعد الانقلاب الإسرائيلي على ما تضمنه هذا البيان، فضلًا عن اشتعال حرب العصابات الاستيطانية في نابلس، باتت السلطة الفلسطينية ومحور التطبيع (أبو ظبي والمنامة والرباط والخرطوم والقاهرة) في مأزق كبير، وأصبحت بين خيارين لا ثالث لهما لحفظ ماء الوجه – إذا ما كان لديها الرغبة في ذلك -، إما التصعيد ضد الحليف الإسرائيلي والضغط لإثنائه عن هذا الانتهاك لما تم الاتفاق عليه، أو اتخاذ خطوات بشأن مستقبل العلاقات مع دولة الاحتلال ومستقبل مسار التطبيع والمباحثات البينية.

عماد عنان/ نون بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى