كان إحد أبرز أعلام زمانه في جزالة شعره وقوة ذاكرته.. اليوم ذكرى ميلاد شاعر النيل، حافظ إبراهيم‎‎

 

في مطلع القرن العشرين كان الشعر العربي على موعد مع أعظم شعراء الفصحى أمير الشعراء أحمد شوقي، وشاعر النيل حافظ إبراهيم، وكلا الشاعرين قد أحييا الشعر العربي، وردا إليه نشاطه ونضارته. وتحل اليوم ذكرى ميلاده.

ولد الشاعر المصري محمد حافظ إبراهيم في محافظة أسيوط، يوم 24 فبراير 1872م. وكان شاعرًا ذائعَ الصيت، حاملًا للقب “شاعر النيل” الذي لقبه به صديقه أمير الشعراء أحمد شوقي، وأيضا لقب بشاعر الشعب.

وقد كان حافظ إبراهيم إحدى عجائب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره بل في قوة ذاكرته التي قاومت السنين ولم يصبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هي عمر حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب قد إتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب، حيث كان باستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتابا أو ديوان شعر كاملا في عده دقائق وبقراءة سريعة، ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالرواية التي سمع القارئ يقرأ بها.

يعتبر شعره سجل الأحداث المصرية، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره ويملأه بما يجيش في صدره.

صداقته لأمير الشعراء

كان أحمد شوقي وحافظ إبراهيم يتسامران في إحدى جلساتهما، فأحبا أن يتبارزا بالشعر، فقال حافظ لشوقي: «يقولون إنّ الشوق نار ولوعة.. فما بال شوقي اليوم أصبح باردًا»، فما كان من «شوقي» إلا أن رد عليه بسرعة بديهة، فقال: «استودعت إنسانًا وكلبًا أمانة.. فضيعها الإنسان والكلب حافظ»، واستخدم كلاهما منهما في البيت الذي قاله أسلوب التورية، حتى يظهر للسامع بأنه ليس هجاءً.

وقد ظن الكثيرون أنه كانت هناك عداوة بين «شوقي» وحافظ إبراهيم، نظرًا لكثرة الهجاء الذي كان بينهما، ولكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، فعندما توفي حافظ كان أحمد شوقي يصطاف في الإسكندرية وبعدما بلّغه سكرتيره – أي سكرتير شوقي – بنبأ وفاة حافظ بعد ثلاثة أيام لرغبة سكرتيره في إبعاد الأخبار السيئة عن شوقي ولعلمه بمدى قرب مكانة حافظ منه، شرد شوقي لحظات ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ:

قد كنت أوثر أن تقول رثائي.. يا منصف الموتى من الأحياء

وهي مرثاة تعبر عن مدى العلاقة القوية التي نشأت بين الشاعرين، ووصفه فيها بأعظم الوصف، ومدحه أكرم المديح.

وفاته :

توفي حافظ إبراهيم في 21 يونيو سنة 1932م بالقاهرة الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، وكان قد استدعى اثنين من أصحابه لتناول العشاء ولم يشاركهما لمرض أحس به. وبعد مغادرتهما شعر بوطأة المرض فنادى غلامه الذي أسرع لاستدعاء الطبيب وعندما عاد كان حافظ في النزع الأخير، توفي ودُفن في مقابر السيدة نفيسة بالقاهرة.. رحمه الله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى