11 كوكبًا تنير سماء نابلس.. جنود الصهاينة اقترفوا أمس مجزرة، وأبطال المقاومة سجّلوا بالدم مفخرة

 

نابلس – لم تشأ مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، أن تفوّت ذكرى ثلاثة من أبنائها اغتالتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في فبراير/ شباط العام الماضي، فأرادت أن تخلدهم بأحد عشر كوكبًا ينيرون سماءها ويروون ترابها بالدماء.

وبعد معركة بطولية وغير متكافئة استمرت 3 ساعات متواصلة، ارتقى المقاومان حسام بسام اسليم ومحمد أبو بكر “الجنيدي” من مجموعات “عرين الأسود”.

عملية مُحكمة حشد لها الاحتلال قوات النخبة وكل طاقاته العسكرية والاستخبارية لتصفية الحساب مع منفذي عملية “شافي شمرون” قبل أربعة أشهر، ويطوي ملفًا طال أمده بالنسبة له.

وبينما كانت أسواق مدينة نابلس تبدأ يوما جديدا بنشاط وحيوية، جاء مشهد اقتحام قوات إسرائيلية خاصة لسوقها الشرقي ليكسر رتابة الحياة اليومية ويشعل ميدان المواجهة.

وتشير روايات شهود العيان وتسجيلات كاميرات المراقبة إلى دخول قوة خاصة بشكل مسبق إلى حارة الشيخ مسلّم، مؤلفة من سبعة أفراد متنكرين بزي مدني، خمسة منهم يحملون السجاد وآخرين متنكرين على هيئة نساء بخمار يغطي وجوههم.

وبمجرد وصولهم لمدخل بيت يؤوي المطاردين اسليم والجنيدي، أخرجوا أسلحتهم المخبأة داخل السجاد وأشهروها بوجه المواطنين وفرضوا حصارًا على البيت.

وخلال دقائق قليلة، وصلت تعزيزات مكونة من عشرات الآليات عبر شارع القدس شرقا، وشارع دير شرف غربا، وطوقت مداخل البلدة القديمة، وحلقت في السماء طائرات “درون”.

ومن تحت القصف والاشتباكات، وجه المقاومان المحاصران رسالتين صوتيتين قبيل استشهادهما مؤكدين رفضهما الاستسلام، وأوصيا شعبهما باستمرار المقاومة وعدم إلقاء السلاح.

واستهدف الاحتلال المنزل المحاصر بالصواريخ المضادة للدروع والرصاص، ما أدى لتدمير أجزاء كبيرة منه، واستشهاد المقاومين المحاصرين.

وفي الوقت نفسه، هبّ عشرات المقاومين من داخل البلدة القديمة وخارجها للاشتباك مع قوات الاحتلال في محاولة لفك الحصار عن المطاردين، وأصيب واستشهد عدد منهم.

ومن بين هؤلاء المقاومين مصعب عويص، أحد قادة كتيبة بلاطة، الذي أصيب بجراح حرجة خلال اشتباكه مع قوات الاحتلال بمنطقة المركز التجاري استشهد على إثرها.

وبعد ساعات من انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في نابلس، أعلن جيش الاحتلال عن إصابة جنديين بجراح خلال الاشتباكات العنيفة في نابلس.

وفي بيانها نعت “عرين الأسود” شهداء نابلس، مبينة أن ستة منهم هم من أبناء العرين وكتيبة بلاطة وكتيبة نابلس، وهم حسام اسليم ومحمد أبو بكر ومصعب عويص ووليد الدخيل ومحمد العنبوسي وتامر الميناوي.

كما اندلعت مواجهات عنيفة على امتداد منطقة واسعة ولا سيما في شارع فيصل وشارع حطين والمركز التجاري والسوق الشرقي وشارع رأس العين، أصيب خلالها عشرات المواطنين.

وتشير أعداد الإصابات ونوعيتها إلى رغبة إسرائيلية بإيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف الفلسطينيين، فمن بين 11 شهيدا هناك ثلاثة مسنين وطفل، فيما شملت قوائم الجرحى الذين تجاوزوا المئة عددا كبيرا من الأطفال والمسنين والنساء.

وأعاقت قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف إلى عدد من المصابين الذين استشهد بعضهم بعد وقت قصير من وصولهم للمستشفيات.

وخلف الاقتحام الواسع لنابلس دمارا كبيرا بالبنية التحتية، وانقطعت الكهرباء عن أجزاء كبيرة من البلدة القديمة بفعل ضراوة الاشتباكات، وبدت بعض الشوارع كما لو أصابتها زلازل تركيا وسوريا.

كما استهدفت قوات الاحتلال الصحفيين وأصابت ثلاثة منهم بالرصاص الحي والشظايا.

وتزامن الاقتحام مع وجود الطلبة في مدارسهم بمحيط البلدة القديمة، ما أدى لاحتجاز مئات الطلبة ومعلميهم، ووقوع حالات اختناق بينهم.

وينسب الاحتلال للشهيد اسليم المشاركة مع الأسير أسامة الطويل في تنفيذ عملية “شافي شمرون” التي وقعت بتاريخ 11/10/2022 وقتل فيها الجندي عيدو باروخ.

ونجا اسليم خلال الأشهر الماضية من عدة محاولات لاعتقاله أو اغتياله، ليستشهد بعد عشرة أيام من اعتقال المقاومين أسامة الطويل وكمال جوري جريحين.

أما الشهيد أبو بكر فقد تعرض لإصابة خطيرة بست رصاصات إحداها في الرأس خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال باقتحام سابق لمدينة نابلس، وأجريت له عملية جراحية معقدة في الجمجمة.

ومساء “الأربعاء الدامي” شيّع الآلاف في مدينة نابلس شهداء المجزرة، وسط أجواء مشحونة ودعوات للثأر انتقامًا لدماء الشهداء.

وحمل المشيعون جثامين الشهداء على الأكتاف وانطلقوا بها من أمام مستشفى رفيديا مرورًا بشارع رفيديا الرئيس وحتى دوار الشهداء وسط المدينة، وأدوا عليهم الصلاة.

وقد جاب المشيعون البلدة القديمة وتوقفوا في منطقة باب الساحة قبل أن يتوجهوا بجثامين الشهداء لمواراتها الثرى بمقابر المدينة ومخيماتها، فيما صدحت حناجر المشيعين بهتافات غاضبة مطالبين أجنحة المقاومة المختلفة بالرد السريع والموجع على هذه المجزرة.

قناة عبرية:  صفعة للتفاهمات مع السلطة

ومن جانبها قالت القناة “12” العبرية، اليوم الخميس، إن عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس في قلب مدينة نابلس بشمالي الضفة الغربية المحتلة قد شكلت صفعة للتفاهمات الأخيرة التي أبرمت مع السلطة الفلسطينية، حول تهدئة الأوضاع مقابل عدم التوجه لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان.

ونقلت القناة عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها، إنه: “على الرغم من وفاء السلطة الفلسطينية بتعهداتها في التفاهمات وسحب مشروع قرار إدانة إسرائيل في مجلس الأمن، إلا أن عملية أمس في نابلس شكلت نهاية سريعة لهذه التفاهمات”.

وذكرت القناة أن “العملية شكّلت ضربة لمساعي تهدئة الأوضاع الأمنية على الأرض”، إذ تسببت بعدد من الشهداء والإصابات لم يسبق له مثيل منذ انتفاضة الأقصى، خلال هذه الفترة من السنة.

 

وأشارت المصادر الأمنية الإسرائيلية، وفق القناة، إلى أن “اقتحام نابلس في وضح النهار يبعث برسالتين، الأولى الرغبة الإسرائيلية بنسف التفاهمات المزعومة، والثانية عدم وجود مكان آمن في الضفة الغربية للمطلوبين، وأن لدى الجيش حرية عمل كاملة في مناطقها كافة”.

بدوره، ادّعى جهاز “الشاباك” أن الخلية المستهدفة كانت تخطط لتنفيذ عملية في المدى القريب، زاعمًا أنه “لم يكن بالإمكان إحباط ذلك دون عملية في قلب نابلس”.

وقال إن العملية جاءت “بعد وصول معلومة استخباراتية بمكان تواجد أفراد الخلية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى