الوحدة المصرية – السورية في ذكراها الــ65

تمر السنين وتتعاقب الأحداث في ظل حركة التاريخ ، وتهل علينا هذه الأيام ذكرى عزيزة وغالية على كل أحرار وحرائر العرب ، وهي ذكرى الوحدة المصرية السورية، ورغم أنها كانت أشبه بالحلم الجميل الذي عقبته يقظة موحشة ، لكنه حلم مليء بالأمل والانجازات التي كادت أن تغير خارطة الوطن العربي وهذه المنطقة المهمة من العالم .
لذلك منذ اليوم الأول لولادة تلك الوحدة ، وقفت القوى الكبرى ضدها كل لأسبابه ، امريكا العدو الحقيقي لأمتنا العربية والداعم الأكبر للكيان الصهيوني اللقيط ، وموقفها ضد الوحدة أمر طبيعي ، وماذا نرجو من الأعداء ؟
والأتحاد السوفيتي وقف ضد الوحدة بسبب نظرته للقوميات، وضرورة تجاوزها نحو الأممية ؛ الأمر الذي هو ذاته الذي أدى بالنهاية لسقوط الأتحاد السوفيتي ، ومن أسباب  هذا السقوط تجاهل القوميات .
ونذكر للتاريخ التراشق الاعلامي بين الزعيمين جمال عبد الناصر ونكيتا خورتشوف منذ ولادة تلك الوحدة كما أسلفت ، وقفت كل دول الشر في العالم ضدها .
الكيان الصهيوني أعلن، وعلى لسان ديفيد بن غوريون: “أن اسرائيل أصبحت بين فكي كماشة”.. وفي وطننا العربي بقدر فرحة الشعب العربي وابتهاجه بكل أقطاره بتلك الوحدة ؛ الا أن الأنظمة الرجعية التابعة وقفت ضد الوحدة ، وسعت بكل امكانياتها المادية ودعم مشغليها من خارج الحدود لأنهاء تلك الوحدة واجهاض الحلم قبل أن يؤتي ثماره ، ودعم الانفصال الذي حدث بالفعل للأسف بعد ثلاثة أعوام ونصف في الثامن والعشرين من سبتمبر أيلول عام 1961م .
وللمفارقة هو نفس التاريخ، بفارق تسع سنوات، الذي رحل فيه فارس الوحدة وجامع كلمة الشعب العربي الزعيم جمال عبد الناصر ، وكانت دبابات الانفصاليين الخونة في سوريا بقيادة المدعو عبد الكريم المحلاوي هي المقدمة الأولى أو المشاه التي سبقت عاصفة الخامس من حزيران يونيو عام 1967م، تلك المعركة التي خسرتها الأمة العربية ، وللاسف أصبحت بعد ذلك قميص عثمان الذي تتاجر به الأنظمة الرجعية العميلة وأبواقها حتى يومنا هذا للتشكيك بكل ما هو عمل وحدوي.. ولكن رغم الانفصال المفجع الا أن الوحدة كانت موجودة حتى قبل اعلانها رسميا ، موجودة بالجغرافيا والتاريخ المشترك ، موجودة بصرخة الاعلامي المعروف عبد الهادي البكار رحمه الله الذي صرخ معلنا “هنا القاهره من دمشق” عندما ضرب العدوان الثلاثي اذاعة صوت العرب بالقاهره.
كما أن الوحدة موجودة عندما قام السوريون الأحرار بنسف خط أنابيب البترول التي تغذي آلة الحرب على مصر عبد الناصر ابان العدوان الثلاثي، ناهيك عن موقف الشعب العربي بكل أقطاره وفي مقدمتهم شعب سوريا لدعم مصر الناصرية في تصديها وبطولتها الأسطورية ضد العدوان الثلاثي .
ومن انجازات الوحدة بل وأهمها أنها وعلى مدار التاريخ أعطت الشعب أملا أن الوحدة ممكنه وربما صعبه ولكنها ليست مستحيلة ، كما ان الجمهورية العربية المتحدة دولة الوحدة من انجازاتها ، حاربت الأحلاف العسكرية وأسقطت تلك الأحلاف التي حاولت الامبريالية الأمريكية المتصهينة ربط العرب بها، من حلف بغداد الى مبدأ ايزنهاور وغيرهما، اضافة لدعم حركات التحرر الثورية وعلى رأسها الثورة الجزائرية ودعم حركات التحرر في القارات الثلاثة آسيا ، افريقيا وأمريكا اللاتينية .
كما تجلت وحدة الموقف العربي المستمد من تلك التجربة عندما قام جمال عبد الناصر بمنع الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم من احتلال دولة الكويت، مانعا بذلك تدخل بريطانيا بحجة حماية الشعب العربي في العراق والكويت .
كما أن الوحدة أثبتت أنها الخيار الوحيد للنصر عندما ناضل جمال عبد الناصر بعد النكسة ،وقاد حرب الأستنزاف وعمل جهة شرقية مع سوريا بشكل خاص التي تجلت بوحدة السلاح في حرب أكتوبر المجيدة، وكانت تلك البداية الرائعة لملحمة أكتوبر قبل أن تخون السياسة السلاح في مصر، وذلك موضوع آخر يحتاج لشرح طويل ، ولكن تلك المعركة ثمرة نضال وكفاح جمال عبد الناصر الذي لم يراه للأسف .
رحم الله فرسان الوحدة، الزعيم جمال عبد الناصر، والمواطن الأول في دولة الوحدة مع أعلى درجات الشرف شكري القوتلي الذي تنازل لجمال عبد الناصر عن رئاسة سوريا في سبيل قيام دولة الوحدة .
ورحم الله كل من ناضل وساهم بذلك الحلم الجميل الذي سيبقى الأمل وبأن الوحدة العربية صعبة ولكنها ليست مستحيلة ؛ فهي مفتاح القوة والنصر لأمتنا العربية والتحرير فلسطين.. وبحجم تلك الآمال العظيمة تكون التحديات، وتشتد الحاجة لرجال المواقف من الناصريين الجدد .
ولا عزاء للصامتين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى