الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل.. في ذكرى رحيله
بقلم: عبدالهادي الراجح

مع احترامي وتقديري للكثير من الصحفيين والكتاب في وطننا العربي الكبير ومصر بشكل خاص ممن لا يزالوا مع قضايا وطنهم وامتهم ، الا ان للاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل حضورا خاصا بطعم التاريخ في ظل كل ما تمر به امتنا العربيه من غياب الرؤية والحالة الضبابية التي اختلط بها الحابل بالنابل ، ولا سيما مع شبكات التواصل الاجتماعي وما احدثته من تغيرات في مجتمعنا العربي ايجابا وسلبا .
فقد اصبح باستطاعة اي مواطن ان يكون صحفيا يحلل ويكتب كما يشاء ، واصبح الكثير من الصحفيين للاسف يعتمد بشكل كبير على الكوبي بست اي copy paste اللصق والطبع .
وبذلك قل الابداع وعمق التحليل والمنافسات الشريفة بين الصحفيين والكتاب خاصة في ظل مؤامرات ودسائس اعداء الامة الذين انشأوا محطات ناطقة بالعربية تعمل ليلا نهار في بلاد العرب ولا سيما في محميات الذهب الاسود، لتغيب الوعي وتزور التاريخ وانكار حتى حقائق الجغرافيا التي هي معلم التاريخ بتعبير الاستاذ الكبير نفسه .
في ظل هذه الظروف تمر على امتنا العربية الذكرى السابعة لرحيل عملاق الصحافة والادب العربي واستاذ الكلمه المكتوبه وفنان ومبدع الكلمه المسموعة، الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل الذي شهد له كل خصومه قبل محبية بالابداع والتالق الذي تفوق على كل سابقية واصبح يؤرَخ للصحافة في الوطن العربي ومصر بشكل خاص بالقول: “قبل وبعد عصر هيكل”.
لقد اتهم بأنة قلم للسلطة ، لكن من يقرأ التاريخ العربي والمصري بشكل خاص في المائة عام الاخيرة، خاصة بعد فجر ثورة 23 يوليو المجيدة ، يعلم ان عظمة الاستاذ الكبير وعالميته جاءتا ببعده عن السلطه واختلافه معها وليس العكس .
لقد اقترب من السلطة طيلة المرحلة الناصرية ؛ وهي اعظم مراحل تاريخنا العربي ولغاية نهايه حرب اكتوبر المغدورة، اي ما يقارب العشرين عاما من عمره الصحفي الذي قارب 70عاما ، وبعد ذلك اختلف مع السلطة بل وجعلت منه ندا لها حتى قال المقبور انور الساداتي في غيض شديد: أننا أقلناه ولماذا كل هذا الاقبال على عليه ؟ عندما راى بأن مقالات وكتب الاستاذ تنشر في معظم لغات العالم ، واصبح مكتبة مقصدا قبل رئاسة الجمهورية لكل سياسي يريد معرفة مشاكل وقضايا المنطقة والعالم ؛ الامر الذي خلق له الكثير من اعداء النجاح، حتى انه منع من النشر والكتابة داخل وطنه رغم تسابق الكثير من صحافه العالم لاستقطابه ليكتب بها .
لقد كان رحمه الله عملاقا في عالم الصحافه العربية و العالمية ، وهو من القلائل الذي كانت شهرته عابره للقارات ؛ الامر الذي يؤكد فروسية الزعيم الخالد جمال عبدالناصر وبعد نظره وثقافتة الواسعة عندما قرب الية الاستاذ ونشأت بينهم صداقة وعلاقه قوية.
وبعد رحيل الزعيم اثبت الاستاذ حالة وفاء نادره واصبح ليس الصحفي الاوحد ولكن ضمير الثوره الثقافي، ووقف سدا منيعا في وجه كل الأعاصير التي هبت من كل الجهات مدعومة بخونة الداخل والخارج من كتبة البترودولار وممن خدموا كل العصور واكلوا وشربوا على كل الموائد.
اليوم تمر ذكرى رحيل الاستاذ الكبير، ونسأل بعد ذلك اين القامات الاعلامية التي منع الاستاذ حضورها؟ اين من اتهموه بانه وقف سداً في طريق هولاء الجهابذه الذن يذكرونني ببعض الفنانين في عصر العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ الذين اتهموا هذا العندليب بأنه يقف في وجوههم، واليوم واقع الاعلام والفن المصري والعربي يتحدث عن نفسه.
رحم الله الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل الذي كان وسيبقى مدرسة اعلامية عظيمة لكل من يحترم حرية الكلمة وقدسيتها .