بدعم استخباري مصري واردني.. بلينكن يطالب عباس بتنفيذ خطة أميركية لاستعادة السيطرة الأمنية على جنين ونابلس

موقع عرب ٤٨
مارس وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ضغوطا على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في محاولة لإقناعه بقبول وتنفيذ خطة أمنية تهدف إلى إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على مدينتي جنين ونابلس، بحسب ما نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين رفيعي المستوى، مساء امس الأربعاء.

ولفت التقرير إلى أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، “تبحث عن سبل تهدئة الوضع في الضفة الغربية ومنعها من التدهور إلى انتفاضة ثالثة”، فيما ترى الإدارة الأميركية أن “تراجع السيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية هو سبب رئيسي للتصعيد”، بحسب المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين.

وشدد بلينكن خلال لقائه مع الرئيس الفلسطيني، عباس، في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله أمس، الثلاثاء، على أنه “من أهم الخطوات التي يتعين على السلطة الفلسطينية اتخاذها من أجل تهدئة الوضع الأمني قبول وتنفيذ خطة أمنية صاغتها الولايات المتحدة” بواسطة المنسق الأمني الأميركي الحالي في القدس، الجنرال مايكل فينزل.

وأفاد الموقع الأميركي نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، بأن خطة فينزل “تحدد كيف يمكن لقوات الأمن الفلسطينية استعادة السيطرة على شمالي الضفة الغربية، وخاصة في جنين ونابلس”. وتشمل “تدريب قوة فلسطينية خاصة سيتم نشرها في هذه مناطق شمالي الضفة” لمواجهة المجموعات الفلسطينية المسلحة.

ولفت التقرير إلى أن المنسق الأمني الأميركي في القدس، فينزل، قدم خطته إلى الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية قبل عدة أسابيع؛ في الوقت الذي صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي من عملياته العدوانية على مدينتي نابلس وجنين، كان آخرها العدوان على مخيم جنين، الذي أسفر عن استشهاد 10 فلسطينيين، يوم الخميس الماضي، عشية وصول بلينكن إلى البلاد.

وبحسب التقرير، فإن الجانب الإسرائيلي “وافق على الخطة الأميركية، لكن الفلسطينيين أبدوا تحفظات كثيرة عليها، أبرزها أنها لا تتضمن أي مطالب من إسرائيل، على سبيل المثال، تقليص عمليات الجيش الإسرائيلي في المنطقة (أ)، إذ قال المسؤولون الفلسطينيون لنظرائهم الأميركيين: لا يمكننا العمل أثناء النهار فيما يقتل الجيش الإسرائيلي الناس ليلاً”.

وذكر التقرير أن المسؤولين الفلسطينيين شددوا على أن “الخطة لا تتماشى مع طريقة عمل أجهزة الأمن الفلسطينية، والتي تقوم أيضًا على المفاوضات وليس فقط عبر استخدام القوة. كما أن الجدول الزمني الذي حدده الأميركيون في إطار تنفيذ الخطة كان قصيرًا جدًا، كما أن الخطة لا تأخذ بعين الاعتبار حاجة السلطة الفلسطينية لحشد دعم الرأي العام الفلسطيني لمثل هذه العملية”.

وأشار إلى أن عباس اجتمع مع رؤساء الأجهزة الاستخباراتية في مصر والأردن ومسؤولين أمنيين من البلدين، الذين طالبوه باتخاذ خطوات لتحسين الوضع الأمني في الضفة الغربية، ونقلوا إليه رسائل مماثلة لتلك التي ناقشها خلال اجتماعه بوزير الخارجية الأميركي، بلينكن.

ووفقا لتقرير “أكسيوس”، يأتي ذلك في ظل حالة “الضعف” التي تعاني منها السلطة الفلسطينية في شمالي الضفة، وفقدان أجهزتها الأمنية السيطرة على مدينتي جنين ونابلس، وأشار إلى تآكل الدعم الشعبي للسلطة شمالي الضفة بسبب “تصاعد الأزمة الاقتصادية والفساد الذي ينخر في مؤسساتها وحالة الإحباط” من جراء عدم إحراز أي تقدم يذكر لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك “إطلاق عملية سياسية”.

وبالإضافة إلى الضغط على الرئيس الفلسطيني في ما يتعلق بالخطة الأمنية، أفاد الموقع الأميركي بأن بلينكن حث عبّاس على استئناف التنسيق الأمني مع إسرائيل، الذي أعلنته السلطة الأسبوع الماضي عن تعليقه.

وفي أعقاب عدوان الاحتلال في جنين، الخميس الماضي، أعلنت السلطة الفلسطينية تعليق التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وقالت إنه “لم يعد قائمًا اعتبارًا من الآن”، وذلك عقب اجتماع طارئ ترأسه عباس، عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين، التي أسفرت كذلك عن عشرين جريحًا، أربعة منهم في حالة حرجة.

ويدعى الاحتلال الإسرائيلي أنه ينفذ عمليات الاقتحام والمداهمة في جنين ونابلس، لاعتقال مقاومين مطلوبين لأجهزته الأمنية، “لأن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تمتنع عن القيام بذلك بنفسها”؛ في حين يقول مسؤولون فلسطينيون إن التوغلات الإسرائيلية تقوض قدرتهم وشرعيتهم في العمل ضد المجموعات المسلحة شمالي الضفة.

وفي جولته التي شملت إسرائيل والضفة الغربية المحتلة ومصر، حض بلينكن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على خفض التصعيد. وقال في ختامها، أمس الاول الثلاثاء، إنه “من المهم اتخاذ خطوات للتخفيف من حدة التصعيد ووقف العنف وتقليل التوترات”.

وأعلن بلينكن أن أعضاء من فريقه (باربرا ليف وهادي عمرو) سيبقون في المنطقة لمواصلة النقاشات بهدف اتخاذ “إجراءات ملموسة” من أجل “خفض درجة الغليان، والتشجيع على تعاون أكبر وتعزيز الأمن”.

كما قال بلينكن إنه سمع بعض الأفكار حول الخطوات التي يمكن أن يتخذها الجانبان، وإن حدثت، ستساعد في تخفيف التوترات. وقال: “المهمة العاجلة هي خفض التوترات ووقف العنف. على الجانبين تجنب الخطوات التي من شأنها أن تزيد من تأجيج النار”.

وتأتي ضغوطات واشنطن، فيما قام رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، ورئيس جهاز المخابرات الأردنية أحمد حسني، بزيارة خاطفة إلى الرئيس عباس في رام الله، امس الاول الثلاثاء، قبل لقاء عباس ووزير الخارجية الأميركي.

وجاءت زيارة عباس كامل بتنسيق مسبق بين المسؤولين في مصر وبلينكن، الذي طالب الجانب المصري بالضغط على عباس من أجل التوصل لتهدئة في الضفة الغربية، ومنع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، أو دخول قطاع غزة على خط المواجهة، بدعم من أطراف إقليمية، وفق تخوفات الإدارة الأميركية.

وبحسب صحيفة “العربي الجديد”، فقد حمل اللواء عباس كامل ثلاث رسائل رئيسية من القاهرة للرئيس الفلسطيني، أولاها تتمثل في ضرورة الإعلان الرسمي عن عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وهو المطلب نفسه الذي أكد عليه بلينكن خلال لقائه المسؤولين المصريين في القاهرة، حيث شدد على ضرورة عودة التنسيق دون أي شروط من جانب السلطة الفلسطينية.

كما تضمن لقاء رئيسي المخابرات الأردني والمصري بعباس وعدد من المسؤولين في السلطة الفلسطينية، ضرورة الإعلان الرسمي عن استعداد الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية للعمل الجاد على استعادة الأمن والسيطرة على الوضع في مدن الضفة الغربية، وذلك لتمكين الوسطاء من ممارسة ضغوط على حكومة الاحتلال بوقف التصعيد.

وخلال اللقاء، أكد عباس لرئيسي المخابرات المصرية والأردنية أن ضبط الأوضاع الأمنية في الضفة لا يقتصر على السلطة فقط، وأن الأمر يرتبط بشكل مباشر بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، إذ ينشط عناصرهما في عمليات ضد الاحتلال، وهو ما استتبعه نقل كامل للرسالة المصرية الثالثة بأن القاهرة بصدد إيفاد وفد أمني رفيع المستوى إلى قطاع غزة للقاء قيادات حركتي حماس والجهاد من أجل التوصل لتفاهمات واضحة بشأن الحفاظ على الهدنة، ومنع التصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب الصحيفة، فان ما جعل اللقاء بين عباس ورئيسي جهاز المخابرات المصري والأردني متوترا، هو كون الضغوط والطلبات التي قدمت إلى عباس لم يقابلها الحديث عن أي ضغوط ستتم ممارستها بالمقابل على حكومة الاحتلال من أجل وقف ممارساتها، وأن الأمر لم يكن سوى إشارات بمطالب ستنقلها مصر للجانب الأميركي وحكومة الاحتلال بشأن تحسين الأوضاع في مدن الضفة، وأوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون.

وأضاف مصدر أمني فلسطيني أن “زيارة وزيري الخارجية المصري والأردني، الإثنين الماضي، ولقاءهما الرئيس محمود عباس، صبّا في الهدف نفسه، وهو إقناع القيادة الفلسطينية بالتهدئة، دون ذكر تفاصيل محددة حول ما تتضمنه التهدئة”.

وبحسب المصدر الأمني، فإن الولايات المتحدة معنية بتهدئة تتواصل حتى شهر رمضان، الذي يتوقع أن تعود الأمور فيه للتصعيد حسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى