اقالات واستقالات تهز حكومة زيلينسكي .. قضايا الفساد تضرب المؤسسات الكبرى في أوكرانيا وتصل لنائب وزير الدفاع

توالت استقالات كبار المسؤولين في أوكرانيا بعد أن كشفت وسائل إعلام عن فضيحة فساد، توعّد الرئيس فلاديمير زيلينسكي بالتحقيق فيها؛ إذ أعلن 3 مسؤولين في كييف وإدارة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الثلاثاء 24 يناير/كانون الثاني 2023 استقالتهم من مناصبهم.
ومن بين المسؤولين المستقيلين نائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف الذي كان مسؤولاً عن الدعم اللوجستي للقوات المسلحة، وكيريلو تيموشينكو وهو أحد مساعدي الرئيس الأوكراني، ونائب المدعي العام أوليكسي سيمونينكو، حسب ما نشره موقع BBC البريطانية.
كما أقال الرئيس الأوكراني، اليوم الثلاثاء، حكام خمس مناطق في إطار تغييرات يجريها في المناصب العليا بالحكومة. وذكرت شبكة يورو نيوز الأوروبية، أن الرئيس زيلينسكي أعلن عزمه إجراء تغييرات في المناصب العليا بالحكومة والأقاليم “قريباً”.
أضافت أنه بعد تقارير تحدثت عن فساد ورشى، اعترف الرئيس بأن هناك بالفعل قرارات تتعلق بالمناصب، في “مرحلة حساسة نوعاً ما” من الحرب بالنسبة إلى كييف. ونقلت الشبكة عن الإعلام الأوكراني الرسمي أنه تمت إقالة حكام مناطق كييف وسومي وزاباروجيا ودنيبرو وخيرسون، اليوم الثلاثاء.
وكانت الحكومة الأوكرانية قد أقالت، في وقت سابق، نائب وزير تنمية البلديات بشبهة تلقيه رشوة، فيما أعلنت وزارة الدفاع فتح تحقيق بشأن اتهامات بإبرام عقود بأسعار مبالغ فيها لمنتجات غذائية مخصّصة للعسكريين.
فيما نشر زيلينسكي، على صفحته الخاصة على منصة “تليغرام”، منشوراً على خلفية فضيحة الفساد في المؤسسات الحكومية في أوكرانيا، قال فيه إن قرارات جديدة سيتم اتخاذها على مستوى الموظفين والمناصب الإدارية والحكومية في الدولة.
يأتي هذا في وقت يقترب فيه الهجوم الروسي على أوكرانيا من نهاية عامه الأول دون مؤشرات على اقتراب تلك الحرب الكارثية من نهايتها، ومع تدفق المساعدات الغربية غير المسبوقة على كييف وفتح الباب أمامها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، من الطبيعي أن يأتي الحديث عن استمرار الفساد في أوكرانيا في هذا التوقيت كصدمة للمتابعين لتلك الحرب المدمرة.
والحديث عن الفساد لم يأتِ من جانب روسيا، بل من داخل دوائر الحكومة الأوكرانية نفسها؛ إذ كتب رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، عبر تليغرام: “يأمر مجلس وزراء أوكرانيا بإقالة ف. إم. لوزينكيتش من منصب نائب وزير تنمية البلديات والأقاليم والبنية التحتية في أوكرانيا”.
هذا الإعلان جاء بعد يومٍ من القبض على المسؤول للاشتباه في تورطه في الفساد؛ إذ أفاد المكتب الوطني لمكافحة الفساد، السبت 21 يناير/كانون الثاني، أن فاسيل لوزينكيتش الذي شغل منصبه منذ مايو/أيار 2020، “تلقى 400 ألف دولار لتسهيل إبرام عقود شراء معدات ومولدات بأسعار مبالغ فيها”.
الحديث عن المولدات والمعدات يأتي في وقت يعاني فيه أغلب الأوكرانيين من الظلام وبرد الشتاء القارس، بسبب النقص الحاد في الكهرباء في البلاد، نتيجة للهجمات الروسية التي تستهدف منشآت الطاقة في البلاد، بينما يسارع حلفاء كييف الغربيون إلى تعويض النقص في الطاقة، من خلال تدفق المساعدات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات.
وقبل أيام قليلة، كان وزير الداخلية الأوكراني، دينيس موناستيرسكي، من بين القتلى في حادث تحطم مروحية في منطقة بروفاري بأوكرانيا، ولم تعلن كييف بعد عن أسباب وملابسات تحطم المروحية، فيما أشارت بعض التقارير إلى أنها كانت عملية اغتيال نتجت عن وجود “خيانة داخلية”.
ومنذ عقود، كانت قضية الفساد المستشري في أوكرانيا إحدى أبرز العقبات في طريق سعي كييف إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ووصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أوكرانيا بأنها واحدة من أكثر الدول “فساداً على الإطلاق”، وكان ذلك عام 2020 خلال محاولة الكونغرس عزل ترامب في المرة الأولى فيما عرف وقتها باسم “فضيحة أوكرانيا”.
بسبب أوكرانيا.. نقص كبير في مخزون السلاح الأميركي
هذا وقد كشفت دراسة عسكرية عن نقص كبير في مخزون السلاح الأميركي بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وبحسب الدراسة التي نشرتها “وول ستريت جورنال” فإن أوكرانيا استهلكت مخزون 7 سنوات من إنتاج أميركا لصواريخ “جافلين”.
ووفقا للدراسة، فإن أميركا ستعاني من مشكلات في الذخيرة إذا واجهت الصين عسكرياً قريباً، مشيرة إلى أن مخزون السلاح الأميركي الحالي غير كاف في وقت الحرب.
وفي التفاصيل:
*تم استهلاك مخزون 7 سنوات من إنتاج أميركا لصواريخ جافلين بتقديم 8500 وحدة منها إلى أوكرانيا.
*أميركا سلمت أوكرانيا 1600 منظومة “ستينغر” المضادة للطائرات والتي تساوي الكمية التي تم تصديرها للخارج خلال 20 عاماً.
*هناك تراجع كبير في مخزونات مدفعية “هاوتزر” والرادارات المضادة للمدفعية.
*تقلصت إمدادات الجيش الأميركي بأكثر من مليون طلقة من ذخيرة عيار 155 ملم.
*انخفضت المخزونات من نظام الدفاع الساحلي “هاربون”.
وفي ظل هذه الخسائر ستعاني الولايات المتحدة من جملة تداعيات صعبة، يكمن أبرزها في نقص الذخيرة بحال حصول مواجهة قريبة مع الصين، بالإضافة إلى تأخر استلام الذخيرة بسبب اضطرابات سلاسل الإمدادات.
كما أن إنتاج كل منظومة جافلين يتطلب أكثر من 250 رقاقة إلكترونية وتوفرها يواجه صعوبة في هذه الظروف.
ومنذ بدء الحرب الأوكرانية، قبل حوالي عام من الآن، أرسلت الولايات المتحدة أطنان من المساعدات العسكرية إلى كييف.
وتطالب أوكرانيا الدول الغربية بالمزيد من الدعم العسكري، مؤكدة أن ذلك سيكون عاملاً حاسماً في الحرب مع روسيا.
وقبل أيام، أعلنت الولايات المتحدة، عن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة 2.5 مليار دولار، تشمل خصوصا مئات المركبات المدرعة من أنواع مختلفة، لكنها لا تضم دبابات ثقيلة من طراز “أبرامز”.
وبهذه الشريحة الجديدة، يرتفع إجمالي المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا إلى 26.7 مليار دولار منذ بدء الهجوم العسكري الروسي في 24 فبراير.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن مسؤولين حاليين وسابقين في الولايات المتحدة يوصون بالمزيد من الحرص والتدقيق من أجل ضمان عدم سرقة أو إساءة استخدام ما تقدمه واشنطن من أسلحة وأموال لأوكرانيا.
ومنذ بداية الحرب، قبل نحو عام، قدمت الولايات المتحدة ما يقارب بـ130 مليون دولار في اليوم الواحد، على شكل مساعدات عسكرية واقتصادية لأوكرانيا.
وبعدما وافق الكونغرس في يناير الجاري على تخصيص مساعدة عسكرية قدرها 54 مليار دولار، بدعم قوي من الحزبين الجمهورين والديمقراطي، يكون هذا الدعم قد تجاوز أي مساعدة قدمتها الولايات المتحدة لدولة أخرى في الخارج، بما في ذلك أفغانستان، عندما كان التدخل الأميركي هناك في ذروته.
“ما خفي أعظم”
يقول جون سوبكو، المفتش العام لهيئة إعادة إعمار أفغانستان، “حتى عندما يتعلق الأمر بقضية نبيلة، فإن السرقات تقع حتما، كما يُساء التصرف أيضا، إلى جانب أمور أخرى مثل المحسوبية والقرارات الغبية، وهذا الأمر من صميم الطبيعة البشرية”.
وقال سوبكو، الذي قضى قرابة العقد من الزمن لأجل رصد ملايين الدولارات الأميركية التي أسيء صرفها في أفغانستان، إنه في غضون سنوات من الآن سيعرف الناس ويقرؤون قصصا حول تعرض أموال في أوكرانيا للاحتيال والهدر والتبذير.