ستراتفور: الاجتماع بين الرئيسين التركي “رجب طيب أردوغان” والسوري “بشار الأسد” أصبح أكثر قابلية للتحقق

 

على الرغم من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وأوروبا والجهات الفاعلة الإقليمية لعزل الحكومة السورية، فقد أجرت تركيا في الأسابيع الأخيرة العديد من الاجتماعات الاستخباراتية والدفاعية والدبلوماسية رفيعة المستوى مع المسؤولين السوريين، ويبدو أن الاجتماع بين الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” والرئيس السوري “بشار الأسد” أصبح أكثر قابلية للتحقق.

وقد يكون الجانبان بعيدان جدًا عن التطبيع الكامل، لكن الظروف ستدفع تركيا للاقتراب أكثر من دمشق، وتشكيل حلف تركي-روسي-سوري من شأنه أن يغير المشهد الأمني في شمال شرق سوريا.

فشل المنطقة العازلة

عارضت تركيا نظام “الأسد” منذ بداية الحرب الأهلية السورية. وفي عام 2011، قطعت العلاقات الدبلوماسية مع دمشق وقدمت دعمًا كبيرًا للمعارضة السورية والمتمردين المسلحين في شمال البلاد.

وامتنعت تركيا عن التواصل مع النظام السوري، فيما ركزت على تقويض الجماعات المسلحة الكردية – مثل وحدات حماية الشعب – التي تقول تركيا إنها تدعم طموحات الانفصال الكردي والهجمات ضدها في سوريا والعراق وتركيا.

وثانياً، عملت أنقرة على إنشاء منطقة آمنة (منطقة عازلة لإعادة اللاجئين السوريين إلى الوطن ومنع امتداد العنف إلى تركيا) على طول الحدود.

وعلى مدار السنوات الست الماضية، نفذت تركيا العديد من العمليات ضد المليشيات الكردية. وبالرغم أن هذه المحاولات أحرزت بعض التقدم والنفوذ في شمال شرق سوريا، فقد وقفت إحدى العقبات في طريقها؛ وهي الوجود العسكري الأمريكي في شمال شرق سوريا وشراكة واشنطن مع “قوات سوريا الديمقراطية”، وهي جماعة كردية تقول تركيا أنها مرتبطة بـ”حزب العمال الكردستاني”.

وأدى الاختلاف بين مصالح تركيا وأمريكا في شمال شرق سوريا إلى احتكاك بين حلفاء الناتو وأحبط المحاولات التركية لتأسيس المنطقة الآمنة.

استنفاد الخيار العسكري

خلقت التحولات الأخيرة في تركيا وأماكن أخرى فرصًا لمحور تركي في شمال شرق سوريا. فقد أدت الظروف الاقتصادية الصعبة في تركيا إلى إحباطات سياسية في الداخل، مما فاقم الغضب تجاه 4 ملايين لاجئ سوري يقيمون في تركيا.

ومع هجوم إرهابي في 13 نوفمبر/تشرين الثاني في إسطنبول، زادإصرار “أردوغان” على تأمين منطقة لإعادة اللاجئين إلى الشمال السوري ومناهضة الجماعات المسلحة الكردية.

لكن الحكومة التركية لم تنجح في تحقيق ذلك عسكريًا من خلال عملية “المخلب-السيف” في نوفمبر/تشرين الثاني وأوائل ديسمبر/كانون الأول، وعجزت القوات التركية عن التوغل البري وسط الضغط الدولي وإشارات على إمكانية تفعيل تنظيم “الدولة الإسلامية” في شمال شرق سوريا.

وبعد أن استنفدت تركيا الخيار العسكري، ومع تلهفها إلى التصرف قبل انتخابات 18 يونيو/حزيران، بدأت الحكومة في استكشاف فرص زيادة الانخراط مع نظام “الأسد”، بوساطة روسيا.

ووضع حزب “العدالة والتنمية” الحاكم التقارب مع النظام السوري في استراتيجيته الانتخابية، واكتسب الموافقة ليس فقط من مسؤولي حزب “العدالة والتنمية” الرئيسيين وشركاء التحالف مثل “حزب الحركة القومية” ولكن أيضًا من قوة المعارضة الرئيسية “حزب الشعب الجمهوري”.

وتقدمت الحكومة التركية بحذر، وبدأت اجتماعات رفيعة المستوى بين مسؤولي الاستخبارات والدفاع، وحدث زخم قد يتم تتويجه في نهاية المطاف بلقاء وزراء خارجية ورؤساء كلا البلدين.

وساطة روسيا

تمثلت إحدى الميزات الرئيسية لهذه الجهود في الدور الوسيط لروسيا. فقد استضافت موسكو أول اجتماع رفيع المستوى بين مسؤولي المخابرات والدفاع الأتراك والسوريين، وعملت على صياغة خطط من أجل “خارطة طريق” معدلة (تركية سورية روسية) في شمال شرق سوريا.

وبحسب التقارير، يمكن أن تعيد الخطة فتح طريق حلب إلى اللاذقية، وتوسع الدوريات المشتركة بين القوات العسكرية وتضع الأساس لدفع “وحدات حماية الشعب” بشكل تدريجي من المنطقة العازلة التي تنشدها تركيا على طول الحدود، فيما يعد بديل أنقرة المثالي عن تدخل عسكري فاشل آخر.

وفي خضم هذا العدد الكبير من الارتباطات مع الحكومة السورية، حاول المسؤولون الأتراك مثل وزير الخارجية “مولود جاويش أوغلو” ووزير الدفاع “خلوصي أكار” والمتحدث الرئاسي “إبراهيم كالين” إلى موازنة هذا بالتأكيد على الدعم للمعارضة السورية والتعبير عن التزام تركيا بعملية دستورية عادلة وفق معايير الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من الدعم الذي يتلقاه حزب “العدالة والتنمية” في هذا المسعى من الحلفاء والخصوم السياسيين على حد سواء، فإن البيانات التحذيرية من حلفاء الناتو تضغط على الحكومة التركية.

وإذا لم يحدث تغيير في موقف النظام السوري، يظل التطبيع الكامل بين تركيا وسوريا احتمالًا بعيدًا. لكن مزيجًا من الضغوط الانتخابية والاقتصادية والأمنية في تركيا سيقود أنقرة لتشكيل وضع راهن جديد مع روسيا وسوريا على طول حدودها الجنوبية.

المصدر – كارولين دي روز/ جيوبوليتيكال فيوتشرز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى