الأردن.. وعدوانية حكومة نتنياهو !!

الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي حدثت في عدد من المدن الرئيسية الأردنية في أعقاب ارتفاع أسعار المحروقات تحولت إلى اضطرابات خطيرة شملت العديد من المحافظات، خاصة الجنوبية منها التي تقطنها القبائل التي تعتبر معقلا تقليديا لدعم النظام الملكي والعائلة المالكة، وأشارت إلى اتساع الهوة بين الشعب الذي يعاني من البطالة والفقر وغلاء الأسعار والدولة، وإلى تزايد الاحتقان السياسي نتيجة لتقصير الدولة في التعامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية، خاصة تعاملها مع نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية المتطرفة الذين أعلنوا بكل بصراحة لا لبس فيه انهم لن يقبلوا أبدا حل الدولتين الذي يدعمه ويراهن عليه الأردن وغيره من الدول العربية وتؤيده معظم دول العالم، ويتفقون جميعا على هدف حكومتهم الرئيسي الذي أعلنوه بوضوح وهو أن ” للشعب اليهودي حقا حصريا غير قابل للتصرف على كل مناطق أرض إسرائيل( فلسطين المحتلة من البحر إلى النهر)، وستدفع الحكومة قدما وتطور الاستيطان في أرجاء البلاد كلها: في الجليل والنقب والجولان ويهودا والسامرة ( الضفة الغربية.)”
ولهذا، وتماشيا مع سياسة وأهداف هذه الحكومة المتطرفة وبموافقتها قام وزير الأمن الداخلي إتمار بن غفير، الذي يطالب علنا بطرد الفلسطينيين إلى الأردن وتهديد وجوده بإقامة ” الوطن البديل “، وإلغاء الوصاية الهاشمية على الأوقاف الإسلامية والمسيحية، باقتحام الحرم القدسي بحراسة قوات الأمن الإسرائيلية في تحد واضح للأمتين العربية والإسلامية.
فما الذي فعله الأردن الرسمي للرد على هذا التصعيد الصهيوني الذي يتعارض مع اتفاقية سلام ” وادي عربة؟” لقد أعلن جلالة الملك عبد الله الثاني رفضه لهذه التصرفات الصهيونية، وكرر القول بأن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية لا يمكن العبث بها والتخلص منها كما يفكر غلاة الصهاينة، وأنها ” خط أحمر” لا يمكن تجاوزه!
لكننا نقول بصدق ومع بالغ احترامنا لتصريحات جلالة الملك، ان لغة التهديد والوعيد لا تجدي نفعا مع الصهاينة، وانه لا بد من اتخاذ إجراءات عملية ترغمهم على إعادة النظر بسياساتهم العدوانية التصعيدية، كي لا يتصور الصهاينة ان هناك تناقضا واضحا بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة؛ فالشعب الأردني الذي قدم آلاف الشهداء فداء لفلسطين يرتبط مع الفلسطينيين بعلاقات وحدوية أخوية مصيرية، حيث إنه يرفض التطبيع ويعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى. والدليل على ذلك هو الاحتجاجات والدعوات الشعبية المطالبة بتسليح العشائر وإعادة التجنيد الإجباري، والبيان الذي أصدرته يوم الخميس 12/ 1/ 2023 مجموعة من الشخصيات السياسية والوطنية الأردنية تجاوز عددها 150 شخصا طالبوا فيه الدولة بضرورة إجراءات عملية لمواجهة تحديات وتهديدات حكومة نتنياهو لسلامة واستقرار الأردن.
السلطات الأردنية استدعت السفير الإسرائيلي في عمان واحتجت على تصرفات بن غفير وسياسات الحكومة الإسرائيلية، إلا ان ذلك لا يكفي، ولا يرتقي لأهمية الحدث وخطورة النوايا الصهيونية، خاصة أن الأردن يستطيع ان يكون أكثر تشددا وتأثيرا في مواجهته مع حكومة نتنياهو بتفعيل بعض الأوراق الهامة التي يمتلكها كزيادة دعمه للفلسطينيين ومقاومتهم في الداخل، وإعادة علاقاته مع حركة حماس، ووقف التعاون الأمني، وسحب السفير الأردني من تل أبيب، وطرد السفير الإسرائيلي، والتهديد بإلغاء اتفاقية السلام!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى