هل باعت عملاءها الأكراد؟.. أمريكا تعلن تقليص دورياتها مع مقاتلي “قسد” المحشورة بين مطرقة انقرة وسندان دمشق

تحفظت الخارجية الأمريكية على تأكيد أنباء أو نفي إجلائها موظفيها المدنيين ودبلوماسييها من شمالي سوريا إلى أربيل في شمال العراق، بينما رفضت القيادة المركزية الأمريكية التعليق على الموضوع بذريعة أمن جنودها.

فقد تناقلت وسائل إعلام أنباء مفادها أن الولايات المتحدة أجلت موظفيها من شمالي سوريا إلى شمال العراق، فضلا عن تقليص عدد دورياتها في المنطقة، إثر العمليات التركية الأخيرة ضد تنظيم “بي كي كي” الإرهابي.

وردا على سؤال لمراسل الأناضول حول نفي أو تأكيد تلك الأنباء، قالت القيادة المركزية “سنتكوم”، إنه “لا يمكننا الحديث عن تحركات قواتنا، فهذا قد يعرضهم للخطر”.

من جهة أخرى، لم تؤكد الخارجية الأمريكية صحة تلك الأنباء، لافتة أنها تلقت “أسئلة مشابهة” دون التعليق على صحتها أو نفيها.

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” قد اعلنت، امس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة قلصت عدد الدوريات المشتركة في شمالي سوريا مع ما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية”، بعد ضربات تركية في المنطقة وقبل عملية برية من جانب أنقرة تخشاها واشنطن.

واعلن المتحدث باسم البنتاغون، البريجادير جنرال باتريك رايدر، للصحفيين إنه بينما لم تتوقف العمليات ضد تنظيم داعش “تعيّن تقليص الدوريات لأن قوات سوريا الديمقراطية خفضت عدد الدوريات الخاصة بها”.

وأضاف رايدر أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن سيتحدث مع نظيره التركي خلوصي أكار “قريباً”، على حد قوله.

تركيا تهدد بعمل عسكري
وتشن تركيا منذ أيام سلسلة من الغارات الجوية على شمال شرقي سوريا ومواقع لمقاتلين أكراد، وذلك رداً على التفجير الذي وقع في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، واستهدف شارع الاستقلال وأودى بحياة 6 أشخاص وإصابة عشرات آخرين بجراح.

خلال الأيام الماضية، تركز القصف الجوي ونيران المدفعية على مواقع لحزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، اللذين تتهمهما تركيا بالوقوف وراء التفجير، وهو ما ينفيانه.

ومن جانبه، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات خلال كلمة له، يوم الجمعة الماضي، أن أنقرة تهدف من وراء تنفيذ عملية عسكرية إلى إقامة “حزام أمني”، على طول الحدود الجنوبية، “من الشرق إلى الغرب”.

وأشار إلى أنه “مع الحزام الأمني الذي ننشئه خارج حدودنا، سندافع عن حقوق الملايين من النساء والأطفال الأبرياء”. مضيفاً: “إن شاء الله سننجز هذه (المنطقة) على طول حدودنا بأكملها من الغرب إلى الشرق في أقرب وقت ممكن”.

وتشمل هذه المنطقة مدينة عين العرب (كوباني)، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (الكردية)، بعد أن انتزعتها في 2015 من عناصر تنظيم الدولة “داعش” بدعم من أمريكا.

يشار إلى أن الرئيس التركي قد حدد البلدات السورية “تل رفعت ومنبج وعين العرب” هدفاً للعملية العسكرية، وذلك لاستكمال منطقته الأمنية التي يبلغ عرضها 30 كيلومتراً على طول الحدود الجنوبية.

وتُصنّف أنقرة وحدات حماية الشعب كمنظمةٍ إرهابية بسبب علاقاتها المباشرة مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمةً إرهابية.

“قسد” أمام الخيارات الصعبة
من جهتها، تقف “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) أمام الخيارات الصعبة مجدداً، فهي إن سلّمت مناطق تل رفعت ومنبج وعين العرب إلى الجيش السوري، كما تطالب أنقرة، ستفقد الكثير من أوراق قوتها. وربما تعد هذه الخطوة مقدمة لتسليم كل الشمال الشرقي من سورية للنظام، ومن ثم الخروج تماماً من كل معادلات الصراعين العسكري والسياسي في سورية.

مع العلم أن صحيفة “الوطن” امقربة من النظام السوري، كانت قد ذكرت أن موسكو قدمت لـ”قسد” عرضاً يقضي بانسحاب جدّي مسافة 30 كيلومتراً ودخول قوات النظام لهذه المناطق وانتشارها على طول الحدود. ونقلت عن مصادر وصفتها بـ”المتابعة”، قولها إنه “يمكن اعتبار اللقاء رسالة تركية أخيرة لـ”قسد” عبر الوسيط الروسي قبيل عملية عسكرية برية تركية محتملة.

وتعتبر منطقة عين العرب (كوباني)، شرقي نهر الفرات، أبرز المناطق السورية ذات الكثافة السكّانية الكردية، بعد سقوط منطقة عفرين في يد فصائل المعارضة السورية المدعومة تركياً. لذا من المتوقع أن ترفض “قسد” تسليم هذه المنطقة لأي طرف، إلا إذا خسرتها بالحرب مثلما حدث في عفرين (2018) أمام فصائل المعارضة.

وقال الرئيس المشترك لمجلس سورية الديمقراطي (مسد – الجناح السياسي لـ”قسد”)، رياض درار : “لا أحد يعرف إلى أين تذهب التقلبات التركية”، مضيفاً: “هذا العدو اللدود (تركيا) للنظام السوري، والذي اعتمد عليه السوريون كداعم لهم، أصبح يريد تسليم كل شيء لهذا النظام”. وتساءل درار: “نحن (“قسد”) موسومون بالعمالة مع النظام، وهذه كانت تهمة الجانب التركي لنا، فلماذا يريد منّا اليوم تسليم هذا النظام كل شيء؟”.

 

وتسيطر “قسد”، والتي ينظر إليها الأتراك على أنها نسخة سورية من حزب العمّال الكردستاني، على جلّ الشمال الشرقي من سورية، وهي تعوّل حتى اللحظة على موقف أميركي رافض لأي توغل تركي ثالث على حسابها في الشمال السوري.

وكان منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، أكد أول من أمس، أن من حق تركيا دفعَ الإرهاب عن نفسها، غير أنه أشار إلى معارضة بلاده أي تحرك قد يؤثر على مواصلة الحرب على “داعش”، أو يوقع ضحايا بين المدنيين.

وطالب قائد “قسد” مظلوم عبدي، أمس، في تصريح هاتفي لوكالة “رويترز”، برسالة “أقوى” من واشنطن إلى تركيا. وقال عبدي إنه تلقى تطمينات “واضحة” من واشنطن وموسكو بأنهما تعارضان غزواً برّياً تركياً، “لكننا نريد شيئاً ملموساً أكثر”.

وأضاف: “نحن ما زلنا قلقين. نريد بيانات أقوى وأكثر صلابة لوقف تركيا“، معتبراً أن “بداية الاجتياح ستعتمد على كيفية تحليل أنقرة لمواقف الدول الأخرى”.

وأشار عبدي إلى أنه لن يعول على الدفاعات الجوية السورية “الضعيفة” نسبياً، بعدما عبّر في وقت سابق عن أمله في أن تساعد في الدفاع عن قواته من ضربات أنقرة الجوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى