وصول اليمين الإسرائيلي العنصري المتطرف للحكم لم يكن مفاجأة؛ فمنذ اغتيال اسحق رابين في الرابع من نوفمبر 1995 ازداد المجتمع الإسرائيلي تطرفا، وحققت الأحزاب الصهيونية اليمينية الرافضة للسلام مكاسب جديدة في كل انتخابات برلمانية أجريت في الدولة الصهيونية، وتغول الاستيطان وزادت وتيرته بشكل جنوني، وتم ضم القدس واعتبارها عاصمة الدولة الصهيونية، وحاولت إسرائيل وما زالت تحاول إلغاء الوصاية الهاشمية على الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة، وأصبح حل الدولتين سرابا لا يراه ويؤمن بإمكانية تحقيقه إلا من فقد البصر والبصيرة.
ولهذا فإن حكومة نتنياهو الجديدة التي ستكون الأكثر تطرفا منذ إقامة الدولة الصهيونية لا تشكل خطرا داهما على الفلسطينيين فقط، ولكنها تهدد وجود الأردن، وتؤكد النوايا الصهيونية بإقامة ” الوطن البديل ” خاصة بعد موافقة نتنياهو على اسناد وزارة ” الأمن القومي ” للعنصري إتمار بن غفير، خصم الأردن القوي، الذي لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني، ويطالب بطرد الفلسطينيين للأردن، واتفق مع نتنياهو على تنظيم ميليشيات تحت مسمى ” حرس وطني ” تعداده 200000 مسلح يتكون من المستوطنين، ويعمل إلى جانب قوات ” حرس الحدود ” التابعة للشرطة لشن حرب على الفلسطينيين، ومحاصرتهم، وسلب المزيد من أراضيهم، وتحويل مدنهم وقراهم إلى مناطق معزولة جغرافيا؛ وقال إنه سيعمل على شرعنة المستوطنات والبؤر الاستيطانية وتوسيعها، وسيسمح للمستوطنين بالصلاة في المسجد الأقصى، وسعيد سياسة اغتيالات قادة المقاومة والمقاومين الأبطال وترحيل عوائل منفذي العمليات الفدائية.
أي إن ما تخطط الحكومة الإسرائيلية الجديدة لتحقيقه واضح لا لبس فيه، وهو تهويد الضفة الغربية بإيصال عدد المستوطنين فيها إلى مليون مستوطن خلال السنوات الأربع القادمة، وتصفية القضية الفلسطينية، والعمل على إقامة ” الوطن البديل ” في الأردن! فما الذي جناه الأردن من اتفاقية السلام وما الذي فعله لحماية هويته الوطنية واستقلاله ووحدته وإفشال المخططات الصهيونية؟ للأسف الشديد لم يجن الأردن فوائد اقتصادية وسياسية تذكر من تلك الاتفاقية التي يرفضها الشعب الأردني؛ فمنذ توقيعها قبل 28 سنة تفاقمت معدلات البطالة والفقر ومديونية الدولة، وازدادت الهوة بين الشعب والنظام، وتعمقت الخلافات بين القوى والأحزاب السياسية.
سلامة الأردن واستقراره، والمحافظة على استقلاله ووحدته الوطنية مصلحة أردنية فلسطينية عربية من الواجب الدفاع عنها وصيانتها والتمسك بها، وفكرة ” الوطن البديل ” التي يتبناها ويعمل على تحقيقها الصهاينة مؤامرة تتماشى مع مخططاتهم الهادفة إلى تهويد فلسطين من البحر إلى النهر، والتوسع والوصول إلى عمان وبغداد ومكة المكرمة والمدينة المنورة ومصادر الطاقة في الخليج؛ أي ان الصدام الأردني الصهيوني قادم حتما، وإن الأردن وفلسطين يشكلان خط الدفاع الأول عن الوطن العربي، وإذا تمكن الصهاينة من العبث بأمنه واستقراره وصموده فسيكون ذلك كارثة عليه وعلى الأمة العربية جمعاء.
الشعب الأردني الذي قدم عشرات آلاف الشهداء دفاعا عن فلسطين، والذي يرفض التطبيع والاستسلام والانحناء للصهاينة قادر على حماية وطنه وإفشال المخططات الصهيونية؛ ولهذا فإن الدولة الأردنية مطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لنتنياهو وحكومته المتطرفة فعلا لا قولا، أي بالاستجابة لرغبات الشعب السياسية وتدريبه وتسليحه، وتجميد اتفاقية السلام، أو على الأقل قطع العلاقات الدبلوماسية ووقف التعامل مع الدولة الصهيونية!
في ذكرى رحيله الـ ٥٣ .. قراءة في حيثيات “العروة الوثقى” بين عبد الناصر وجماهير الشعب العربي
بعض الناس يشبهون الوطن، إن غابوا عنا شعرنا بالغربة (نجيب مح... إقرأ المقال