إنطلاق وشيك لغول الاستيطان.. المستوطنون يتأهبون للعودة إلى المستوطنات التي اخليت سابقاً في شمال الضفة

 

نابلس – تشير كل المعطيات إلى أن الحكومة اليمينية المتطرفة التي من المتوقع أن ينجح بتشكيلها رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف، بنيامين نتيناهو، خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، سوف تمنح غلاة المستوطنين وقادتهم المتطرفين أمثال زعيم “القوة اليهودية” ايتامار بن غفير، وزعيم “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش، الفرصة الكافية والإمكانيات الملائمة، لتوسيع وتثبيت المشروع الاستيطاني في الضفة، الهادف أساسا إلى تقطيع أوصال الضفة ومحاصرة التجمعات السكنية الفلسطينية فيها، والقضاء نهائيًا على أي احتمال لنشوء دولة فلسطينية أو كيان فلسطيني متصل جغرافيا في الضفة الغربية.
ومن نقاط الاتفاق التي نصت عليها اتفاقية تشكيل الحكومة ما بين “نتنياهو” و”بن غفير”، عودة المستوطنين إلى المستوطنات التي تم اخلاؤها في منطقة شمال الضفة الغربية عام 2005.
وقد عُرفت تلك الخطة الإسرائيلية آنذاك بخطة فك الارتباط أحادية الجانب، ووفقها قامت الحكومة الإسرائيلية التي كان يتزعمها أرئيل شارون بإخلاء المستوطنات ومعسكرات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة و4 مستوطنات أخرى متفرقة في شمال الضفة الغربية من دون أية ترتيبات مع السلطة الفلسطينية.
وبحسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، فإن المستوطنات الأربع التي تم اخلاؤها ضمن الخطة هي: “جانيم” التي تأسست عام 1983، شرقي محافظة جنين، وكانت تضم حوالي 30 أسرة، بها 100 شخص. ومستوطنة “كديم” التي تأسست عام 1981، وتقع إلى الشرق من محافظة جنين، وتتربع على مرتفعات منخفضة تحوي عدداً من المغارات، ومساحتها 332 دونماً، وكان يعيش فيها نحو 35 عائلة تضم 165 شخصا. وكذلك مستوطنة “صانور” التي بدأ تأسيسها عام 1987، وهي تطل على المشارف الشمالية لبلدة سبسطية، على الطريق الرئيسي جنين – نابلس. وتحتل ما مساحته 68 دونماً، وكان فيها 15 أسرة تضم 39 شخصاً.
والمستوطنة الرابعة والأهم هي مستوطنة “حومش” التي أقيمت في مطلع الثمانينات فوق قمة جبل “القبيبات” الذي يضم آلاف الدونمات التي يملك غالبيتها أهالي قرية برقة، ويطل من ارتفاع 650 مترا عن مستوى سطح البحر على عدد من القرى والبلدات الفلسطينية، فيما يتوسط الموقع الاستراتيجي ثلاث محافظات فلسطينية وهي نابلس وجنين وطولكرم. وتحتل ما مساحته (923) دونماً، وكان يقطنها 70 اسرة تضم نحو 200 شخص.
ومنذ اخلائها عام 2005، ظلت مستوطنة “حومش” المثيرة للجدل نقطة صراع ساخن ما بين المستوطنين وأصحاب الأرض، حيث ظل أصحاب الأرض يحاولون استرداد أراضيهم المفترض أن تعود اليهم، فيما ظل المستوطنون يحاولون الرجوع إليها بشكل أو آخر.
وفي عام 2013 احتفل أهالي برقة بانتزاعهم قرارًا من المحكمة العليا الاسرائيلية باستعادة نحو 1200 دونم من أراضيهم الزراعية التي صادرها الاحتلال منهم العام 1978 لإقامة مستوطنة “حومش” آنذاك، ولكن هذا القرار ظل من دون تنفيذ.
لقد مر على إخلاء الجيش الإسرائيلي لمستوطنة “حومش”، نحو 17 عاما، لكن أصحاب الأراضي في تلك المنطقة لم يتمكنوا من الوصول إليها والعمل فيها بحرية، بسبب عودة عدد من المستوطنين للإقامة فيها بشكل شبه دائم بحماية من الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى عدم قدرة المزارعين انفسهم على استصلاح أراضيهم في تلك المنطقة بجهود ذاتية، بعد غياب الدعم الرسمي والمؤسساتي وسياسة الإهمال لهذه المنطقة الحيوية.
وقال ناشطون في لجان الدفاع عن أراضي القرية، أنه في العام 1978 أصدر جيش الاحتلال أمرًا عسكريًا بالاستيلاء على جبل مرتفع يشرف على القرية من الناحية الشمالية، ويقع ضمن الأحواض (5) و(6) و(7) من أراضي القرية، وذلك بذرائع أمنية، وأنشأ هناك معسكرًا لقواته، لكن أهالي القرية واصلوا التظاهرات والاحتجاج على مصادرة أراضيهم.
وفي عام 1980 قام الجيش بتسليم المعسكر للمستوطنين، الذين شرعوا بإنشاء مستوطنة “حومش” والتوسع تدريجيًا وقضم المزيد من الأراضي، فسيطروا شيئًا فشيئًا على الجبل الذي يضم نحو 1200 دونما لأهالي القرية، وشقوا حولها الطرق الالتفافية وبنوا الأسيجة الدائرية، لدرجة أن نحو 5 آلاف دونم أخرى محيطة بالمستوطنة أصبح الوصول إليها من قبل المستوطنة مغامرة غير محسوبة.
وأشار أحد أعضاء لجان الدفاع عن أراضي برقة، فطين صلاح، إلى أنه وبعد اندلاع الانتفاضة الثانية، أصبحت حركة مستوطني “حومش” صعبة بعد انقطاع الطرق إليها، فهجرها الكثير من المستوطنين، وأصبحت حماية المستوطنة صعبة، لذلك كان القرار باخلائها.
وأوضح أنه عند تنفيذ قرار الاخلاء أبقى جيش الاحتلال على أنقاض “حومش” منطقة عسكرية مغلقة في وجه الفلسطينيين، ومنع أصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم لاستصلاحها وزراعتها.
وأضاف صلاح أن أهالي القرية لجأوا وبمساعدة من مؤسسات حقوقية، إلى المحكمة العليا الاسرائيلية، ونجحوا عام 2013، باستعادة أراضيهم بعد معركة قضائية استمرت طويلا، توجت بإصدار المدعي العام الإسرائيلي قرارا بفتح الموقع أمام الفلسطينيين والسماح لهم بالوصول إلى أراضيهم.
وتابع صلاح، إن المشكلة لم تنته بصدور القرار، لأنه قرار مدني، والقرار المدني لا يلغي القرار العسكري الصادر عن الجيش.
وقال عدد من المزارعين، إنه كان يحدوهم الأمل بإستعادة أراضيهم واصلاحها وتشجيرها والبناء فيها وإقامة المشاريع الاستثمارية، لكن لا شيء من ذلك قد تحقق.
يشار إلى أنه في عام 2009 شرع مستوطنون بتأسيس مدرسة دينية مكان مستوطنة “حومش” وذلك بحماية جيش الاحتلال، ويقيم في هذه المدرسة عشرات المستوطنين بصورة دائمة.
وقبل أقل من عام، أسفرت عملية اطلاق نارعن مقتل مستوطن واصابة اثني آخرين بجروح بعد استهداف مركبتهم عند مدخل مستوطنة “حومش”، وقد سلطت تلك العملية الأضواء مجددا على هذه المستوطنة المثيرة للجدل. واتخذ المستوطنون من تلك العملية ذريعة لتعزيز مطالبهم بالعودة إلى المستوطنة المذكورة، فكثفوا من تواجدهم فيها وأخذوا يشنون غارات على القرى الفلسطينية المجاورة بحماية من جيش الاحتلال.
وعلى ما يبدو أن المستوطنين المتطرفين الذي حصدوا عددا لا باس به من مقاعد الكنيست في الانتخابات الأخيرة، عازمون على العودة إلى هذه المستوطنات المخلاة وفي مقدمتها حومش، ووضعوا ذلك كشرط للموافقة على الحكومة التي سيشكلها نتنياهو والتي لا يمكن لها أن ترى النور من دون اراضاء هؤلاء المستوطنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى