وصية عدي التميمي.. إستمروا في الهجوم

عدي التميمي , سيبقى هذا الإسم محفوراً في ذاكرة المجد والبطولة الفلسطينية, شاب في مقتبل العمر يقاتل من نقطة صفر يصيب ويقتل من العدو ويقاتل حتى النفس الأخير ,هذه هي حكاية الإسطورة الفلسطينية التي تتجدد في كل جيل بنموذج فريد من التضحية والفداء , لتلحق به آلاف الجنود المجندة من ذات الطراز الفلسطيني الملحمي, يقاتلون بروح الإستشهادي بلا خوف أو تراجع , يتصاغر كل تهديد بالموت أو الأسر أمام إصرار وبطولة شباب فلسطين الذي يستمر في الدفاع عن الأرض والمقدسات أمام الهجمة الصهيونية المسعورة .
الشهيد عدي التميمي إبن مخيم شعفاط , إستطاع خلال عمليته الفدائية على حاجز شعفاط بتاريخ ( 9-10) أن يركع منظومة الأمن الصهيوني تحت طلقات مسدسه , وشكلت العملية الجريئة مؤشراً إضافيا على أن الشباب الفلسطيني سوف يواصل القتال ومن نقطة صفر ولن يترك خيار المواجهة ضد العدو الصهيوني , ولن تجدي لغة التهديد والإجراءات الإنتقامية التي يتم إستخدامها في محاولة لوأد الثورة المشتعلة في الضفة الفلسطينية وفي القلب منها القدس العاصمة , فأعلن الشهيد التميمي بعملية شعفاط ومن خلفه جماهير القدس أن لا تراجع عن المقاومة , فإنتفضت كافة الأحياء والحارات والبلدات في القدس لمساندة قمرها المفدى وبطلها المغوار الذي أغار بكل بطولة وإنقض كالأسد على حاجز شعفاط.
من تداعيات العمل البطولي للإستشهادي عدي التميمي بأن تحولت القدس لساحة معركة كبيرة ومواجهة يومية, كتب خلالها الفلسطيني الثائر سيادته المطلقة على القدس وفر الغرباء من شوارعها كعادة اللصوص عندما يطاردهم أهل الدار وطلاب الحق وكأن ما يحدث مشهد مصغر عن الإنتفاضة الكبرى التي ستقتلع الإحتلال من أرضنا وقدسنا إلى الأبد .
حاول العدو الصهيوني أن يسلخ الشهيد عدي التميمي عن حاضنته الشعبية , فأقدم على حصار مخيم شعفاط وأغلق مداخلها , فإشتعلت المواجهة مع كل أهالي المخيم وساندهم في ذلك كل بلدات القدس الصامدة , فشلت قوات الإحتلال في إقتحام المخيم, شددت مخابرات العدو من ملاحقة الشهيد التميمي , وراقبت الإتصالات ووسائل التواصل الإجتماعي , فتردد إسم عدي في كل أحاديث أهل المخيم من أجل تشتيت وإرباك منظومة المراقبة التي يستخدمها العدو لمتابعة الاتصال, وعندما تناقل العدو ملامح وشكل المطارد عدي , قام شباب مخيم شعفاط بحملة لحلق رؤوسهم ليشبهوا بذلك المقاوم عدي التميمي وتضامن معهم كثيرون من شباب الضفة وخارجها في إلتفاف جماهيري حاشد حول الثائر عدي التميمي .
بعد قرابة العشرة أيام على عملية حاجز شعفاط البطولية , وما أعقبها من مطاردة ساخنة وإجراءات عقابية وحصار مشدد لمخيم شعفاط وإقتحامات لمعظم بيوت آل التميمي في القدس, لم يستطيع العدو الصهيوني تحقيق أي إنجاز في مهمة البحث عن الفدائي البطل عدي التميمي , إلا أن البطل عدي كان له رأي آخر , ولعلها رسالة يخطها بالدم للشباب الفلسطيني بأن إستمروا في الهجوم , لا تتوقفوا عن القتال , كونوا أنتم مُطاردين للعدو , ولا تسمحوا له بأن يهنأ بالهدوء ولو للحظة , فتقدم نحو مستوطنة معاليه أدوميم الصهيونية , بما يملك من سلاح (مسدس وقنبلة وسكين ), لا يقارن ذلك بما في حوزة الجندي الصهيوني , ولكن الشهيد عدي يملك إرادة القتال وإقدام الإستشهادي الذي يرى في الشهادة حياة للقضية وإنتفاضة متجددة , تبعث الأمل بالنصر والتحرير في نفوس الشعب الفلسطيني.
الشهيد عدي التميمي قد أتم المهمة على أكمل وجه , قاوم بكل بسالة , تقدم بلا خوف , وكتب وصيته بالدم لكل الشعب الفلسطيني لا تتراجعوا فخير الدفاع عن أرضنا وطهارة أقصانا هو الهجوم المستمر, أشعل الشهيد عدي التميمي من جديد روح التضحية في نفوس الشباب , وجدد فيهم العزم لمقاتلة العدو في كافة أماكن تواجده , على الحواجز وفي داخل المستوطنات وعلى الطرق الإلتفافية حربا شعبية شاملة ضد الوجود الإستيطاني في القدس والضفة المحتلة.
ترجل الفارس عدي التميمي ولازال الجواد يقطر من دم الشهيد يوزع عبق أريجه في كل حارات وازقة القدس لينتفض البشر والحجر في وجه الأدعياء من سارقي الأوطان ومزوري التاريخ , ترجل الفارس ولازال الجواد ينتظر فارسه القادم الذي لن يطول إنتظاره ليجوس العاصمة ضربا وطعنا وقنصا من نقطة صفر يستهدف هذا الباطل الذي يلوث نقاء قدس الأقداس .

*كاتب وباحث فلسطيني
20/10/2022

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى