موقع استخباري فرنسي: قادة الجيش المصري يبدون قلقهم من ضغوط الإمارات للإسراع ببيع أصول الدولة الاقتصادية

أفادت مصادر استخباراتية، الأربعاء، أن قيادات الجيش المصري عبروا عن ارتيابهم من الضغوط التي يمارسها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة “محمد بن زايد” للإسراع ببيع أصول للدولة إلى مستثمرين إماراتيين، خاصة تلك التي تقع على ضفاف قناة السويس.

وأوضحت المصادر أن الإمارات هي أشرس المنافسين في سباق الحصول على موطئ قدم بمنطقة القناة منذ عام 2018، من خلال استثمارات شركة موانئ دبي العالمية في ميناء العين السخنة المصري، ما يجعل حصةً مهمة من إمبراطورية الجيش الاقتصادية على المحك، وفقاً لما أورده موقع “أفريكا إنتليجنس”.

وذكر الموقع الفرنسي أن “بن زايد” يتطلع إلى السيطرة على “الشركة الوطنية للبترول”، في سياق البيع المرتقب لعدة شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، إحدى أذرع النشاط الاقتصادي للجيش المصري.

وتملك هذه الشركة أصولاً من الأراضي في منطقة شرق دلتا النيل، بالقرب من قناة السويس، ومن ثم، فإن بيعها يمكِّن هيئة الإمارات للاستثمار (صندوق الثروة السيادي لدولة الإمارات) من الاستحواذ المباشر على أصول تقع على ضفاف القناة المصرية.

وأوضحت المصادر أن أبوظبي ترى قناة السويس ركناً أساسياً في خطة تنمية التجارة البحرية التي تتمحور حولها استراتيجية الدولة الخليجية للخروج من عصر الاعتماد على النفط، بينما يرى لواءات مصر، خاصة العاملين في جهاز المخابرات العامة، أن تزايد نفوذ الإمارات على هذا النحو يمثل تهديداً للسيادة المصرية في منطقة استراتيجية شديدة الحساسية.

وإزاء ذلك، يعاني الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” حيرة كبيرة، إذ يحتاج إلى أموال الإمارات، بعد الارتفاع الكبير لدين مصر الخارجي منذ الحرب في أوكرانيا وما أعقبه من هروب رؤوس الأموال الأجنبية، ليصل عند ذروته إلى نحو 155 مليار دولار في شهر يونيو/حزيران، وفقاً لبيانات البنك المركزي.

واغتنم “بن زايد” آخر زياراته إلى مصر لزيادة الضغوط على “السيسي” وتأجيج الصراع، فقد استغل الرئيس الإماراتي زيارته إلى مدينة العلمين أواخر شهر أغسطس/آب الماضي لتذكير مضيفه بنيته الاستثمار في قلب العاصمة المصرية (القاهرة).

وأوضح الموقع الفرنسي أن “بن زايد” يضع عينه على جزيرة الوراق، الواقعة في قلب نيل القاهرة، والتي أخلتها الحكومة المصرية من سكانها لإغراء المطورين العقاريين بالاستثمار فيها، وأصدر “السيسي” مرسوماً رئاسياً منح به القوات المسلحة ملكيتها.

وأشارت المصادر إلى أن “بن زايد” يتطلع أيضاً إلى الاستحواذ على قطعة أرض تقع عليها ناطحة سحاب تابعة لوزارة الخارجية المصرية على ضفاف نهر النيل، ومن المقرر إخلاؤها بعد الانتقال الحكومي إلى العاصمة الإدارية الجديدة في موعد لم يُعلن عنه بعد.
وقد سبق لموقع “ميدل إيست آي” ان سلط الضوء على ردود الأفعال الرسمية والشعبية في مصر، إزاء استحواذ دول أجنبية على أصولا اقتصادية في البلاد، معتبرا تلك الردود تعكس انقساما عميقا.

وذكر الموقع البريطاني في تقرير له، أن بعض الجمهور يتهم الحكومة المصرية بتعمد التفريط في تلك الأصول، خاصة لصناديق الثروة السيادية المملوكة لكل من السعودية والإمارات، فيما ترى دوائر رسمية أن عمليات الاستحواذ تضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري، الذي يحتاج الاستثمارات الأجنبية.

ونوه التقرير إلى آخر عمليات الاستحواذ الأجنبي على الأصول المصرية، مثل استحواذ شركة المواساة للخدمات الطبية في السعودية على كامل أسهم مستشفى المراسم الدولي، وهي منشأة طبية رئيسية في ضواحي العاصمة المصرية القاهرة.

كما استحوذت الشركة السعودية المصرية للاستثمار، الذراع الاستثماري لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، على حصة الحكومة المصرية في شركة مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو) في مدينة دمياط الساحلية.

وتعهدت السعودية باستثمار 10 مليارات دولار في مصر، لمساعدة الدولة المكتظة بالسكان في الوقت الذي تكافح فيه لاحتواء آثار الحرب الروسية في أوكرانيا.

وهنا يشير التقرير إلى أن آثار الحرب على مصر كبيرة، إذ أدت إلى ارتفاع تكلفة استيراد القمح والوقود في البلاد، وضغطت على قيمة عملتها، ما دفع الحكومة إلى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي.

ويلفت الموقع البريطاني في هذا الصدد، إلى أن مصر شهدت ثاني أكبر عدد من عمليات الاستحواذ والاندماج في المنطقة خلال النصف الأول من هذا العام، بإجمالي 65 صفقة، بلغت قيمتها 3.2 مليار دولار.

وفي يونيو/حزيران الماضي، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري “نادر سعد” إن “الحكومة لها الحق في إدارة أصولها بطريقة تحقق لها أرباحًا”، مضيفا لقناة تلفزيونية محلية: “لدينا أصول متنوعة، وفي هذه المرحلة نجد أنه من المناسب بيع بعضها واستثمار العوائد في شيء آخر بما في ذلك شراء أصول أخرى”.

وفي السياق، يرى “خالد الشافعي”، مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن “عمليات الاستحواذ تنشط سوق الأوراق المالية وتخلق فرص عمل، خاصة إذا تسببت في زيادة رأس مال الشركات الإجمالي”.

ويشير “الشافعي” إلى التأثير الكبير للحرب الروسية الأوكرانية على مصر، إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا، ما أدى إلى تباطؤ النمو في بلد يعاني أصلا من أزمة اقتصادية، معتبرا أن الحكومة تحاول “تخفيف الخسائر” بخصخصة بعض قطاعات الاقتصاد وتشجيع عمليات الاستحواذ الأجنبي.

وفي المقابل، يرى معارضون أن عمليات الاستحواذ التي تقوم بها الشركات العربية وصناديق الثروة السيادية “لا علاقة لها بالاستثمار أو خلق فرص العمل”، واتهموا الحكومة ببيع ما وصفوه بـ “الأصول الاستراتيجية” للسعودية والإمارات.

وهنا يشير “محمد عبد الحميد”، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان المصري، إلى أن بلاده ليست بحاجة إلى بيع الأصول للشركات الأجنبية بقدر احتياجها “إلى زيادة الإنتاج الزراعي؛ لأن هذا سيساعدنا على توفير مبلغ ضخم من المال الذي ينفق على استيراد المواد الغذائية” حسب قوله.

ويلفت “ميدل إيست آي”، في هذا الصدد، إلى أن الخصخصة وبيع أصول الدولة لهما سمعة سلبية تاريخية في مصر، لارتباط كل منهما بتاريخ من الفساد، حيث سبق بيع عدد كبير من الشركات والمصانع المملوكة للدولة في عهد الرئيس الراحل “حسني مبارك” بأسعار أقل بكثير من قيمتها السوقية، ما أثار غضب الرأي العام في ذلك الوقت.

وينوه الموقع البريطاني إلى مخاوف مشابهة من أن الدول العربية، صاحبة صناديق الثروة، “ربما تستخدم الآن الظروف الاقتصادية المتدهورة في مصر للحصول على الأصول العامة بأقل من قيمتها السوقية الفعلية”، وأن العائد من المبيعات سيستخدم لسداد ديون الدولة المتراكمة، وليس في الاستثمار أو خلق فرص عمل.

وفي هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي المصري “ممدوح الولي”: “لا تؤدي عمليات الاستحواذ الحالية إلى توسع الشركات التي تم الاستحواذ عليها”، مضيفا: “آسف للقول: إن بلدنا يمر بظروف صعبة للغاية، ولا يتمتع بحرية اختيار نوع الاستثمارات التي يمكنه القيام بها”.

ويؤكد “الولي” أن “صناديق الدول العربية تشتري شركات ناجحة وتحقق بالفعل الكثير من الأرباح”، ما يعني انتفاء الغرض الاستثماري من عمليات الاستحواذ”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى