المولد النبوي الشريف..مولد فجر جديد أعلى شأن أمة

عمان 8 تشرين الأول(بترا) بشرى نيروخ- يستذكر العالم في ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي يصادف الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام، الأحداث الخالدة التي بدلت معالم الحياة وغيرت مجرى التاريخ بولادة النور والهدى، حيث كان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ايذانا بإعلاء شأن أمة، تشعر فيه بالعزة والإباء والكرامة، وتنفض عن كاهلها رواسب الجاهلية، وغبار الظلم الطغيان .
والثابت في السياق التاريخي، أن الحالة الاجتماعية في الجزيرة العربية وما حولها اتسمت بالتشظي والانقسام الحاد على أسس قبلية وجهوية، وكان العالم كأنما على عتبة ولادة المصلح وترقب المنقذ الذي سيقود البشرية إلى طريق الحق والهدى وسلم المجد والكمال، وولد رسول الهدى وجاء المصلح للعالم، ففك قيد العقول وحررها وأضاء النفوس وطهرها وغرس فيها الخير والفضائل، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46)”سورة الأحزاب.
وبهذه المناسبة العطرة التي أشرقت فيها شمس النبوة، تقام في كثير من المؤسسات من مساجد ومدارس وجامعات وبيوت، الدروس والمواعظ والخطب التي تتحدث عن المولد وما كان فيه من علامات النبوة، وفيوض الرحمات بمولده صلى الله عليه وسلم والنفحات الإيمانيّة العظيمة التي تحملها هذه الذكرى.
نسائم الرحمة والبركة تتجدد في ذكرى المولد النبوي الشريف.
سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة يقول لوكالة (بترا)، يتنسم المؤمنون في شهر ربيع الأول من كل عام نسمات الإيمان والرحمة بتجدد ذكرى المولد النبوي الشريف التي تحيي في الأمة معاني الانتماء لنبيها الكريم، الذي جاء بالرحمة المُهداة والنعمة المُسداة للعالمين، وحلّت البركات بمولده وعلى أمته التي استمدت خيريتها من انتسابها إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، فقد جعل الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُباركاً تفيض بركته على الوجود بأسره.
ويضيف، أنه منذ لحظة ولادته الشريفة حلّت البركة في مكة المكرمة، ثم في ديار مرضعته حليمة السعدية فنبت عندهم الزرع، ودرّ الضرع حتى قال زوجها لها: ” تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة، فقالت: والله إني لأرجو ذلك”، ثم نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، في كنف جده وعمه، وأنزل الله تعالى عليه القرآن الكريم كتاب نور وهداية، ووصفه الله تعالى بأنه كتاب مبارك، فقال تعالى: “الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)” سورة إبراهيم، فاكتملت بذلك أركان الدين، وتشكلت وسيطة الإسلام المُستمدة من شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه التي قال الله تعالى فيها: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)”سورة الأنبياء، ومن القرآن الكريم الذي جاء بالمنهاج القويم والصراط المستقيم.
لذلك كانت هذه الأمة أمةً مباركة منذ بدايتها تهدي إلى الحق والرشاد، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، ابتعثها الله تعالى لهداية العباد وإخراجهم من الظلمات إلى النور، فكما قال ربعي بن عامر رضي الله تعالى عنه: ” إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام”، والمقصود بأن هذه الأمة أمة مباركة، أي أن الخير فيها دائم ومستقر، بحسب الخصاونة.
ويبين أن أنوار أمة الإسلام مستمدة من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، وخيرتها تتمثل باتباعها لأوامر الله سبحانه وتعالى، في صلاح النفس وإصلاح البشرية من خلال الحثّ على مكارم الأخلاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله عز وجل، يقول الله تعالى: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ”سورة آل عمران.
وبالتالي فإن معتمد الأمة الإسلامية وسندها هو البركة التي وضعها الله تعالى بها، وارتباطها بالنبي صلى الله عليه وسلم، لذلك كانت مناسبة المولد النبوي الشريف، وتذكر هذه البركة العظيمة التي حلّت بالأمة، والرحمة التي أهداها الله تعالى للعالمين، هي النبراس الذي يضيء دربنا، ويذكرنا بأهمية اتصالنا بالنبي صلى الله عليه وسلم السير على هديه ومنهجه المُبارك، وفقا للخصاونة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى