هكذا أفسد عبد الوهاب علاقة الود بين العندليب وبليغ حمدي

إرتبط عبد الحليم حافظ وبليغ حمدي بعلاقة ود وصدافة فريدة من نوعها، بدأت عام 1957 مع أغاني فيلم “الوسادة الخالية”، وكان من الصعب تكرارها فنيًّا وشخصيًّا مرة أخرى، حيث قدَّما سويًّا أعظم وأنجح الأغاني التي غناها العندليب ولا تزال عالقة في أذهان الجمهور، حتى إن عبد الحليم وصف بليغ في إحدى حفلاته بـ”أمل مصر في الموسيقى”، وقد استمرت هذه العلاقة الحميمة حتى جاء موسيقار الأجيال وأفسدها هذه العلاقة بعدما أنتجت أجمل الألحان.
قدَّم الثنائى عبد الحليم وبليغ حمدى (الذي وُلد فى مثل هذا اليوم 7 تشرين الاول من عام 1932)، العديد من الأغنيات ذات الطابع الشعبي مثل: “أنا كل ما أقول التوبة، على حسب وداد قلبي، سواح”، كما قدَّمَا معًا أغنيتين وطنيتين في عام 1967 من كلمات الشاعر “عبد الرحمن الأبنودي”، وهما: “عدى النهار، وأحلف بسماها وبترابها”، وهما عملان لمسا وجدان الشعب المصري والعربي بشكل كبير، وتسببا في رفع الحس الوطني من حالة اليأس والإحساس بالهزيمة إلى حالة التفاؤل والتصميم على النصر.
إعتاد عبد الحليم كل عام، بمناسبة عيد شم نسيم، إقامة حفل كبير لجمهوره وبأسعار مميزة، بشرط تقديم أغنية جديدة لم تعرض من قبل على الشاشات أو في الأفلام التي كان يشترك فيها حليم، وفي هذا التوقيت تحديدًا قدَّم الموسيقار محمد عبد الوهاب لعبد الحليم لحن الأغنية الشهيرة “فاتت جنبنا”،بيمنا كان يستعد العندليب آنذاك لتقديم لحن أغنية “هو اللي اختار” من الحان بليغ حمدي.
خلال التجهيزات للحفل، ذهب عبد الوهاب إلى الإستوديو الذي يُقيم فيه حليم البروفات الخاصة بأعماله الفنية مع فرقته الموسيقية، فجلس الموسيقار واستمع إلى لحن بليغ حمدي وقارنه بلحن أغنيته “فاتت جنبنا” الذي صنعه لعبد الحليم، فوجد أن لحن بليغ متميز للغاية، وله مذاق موسيقي يتميز عن لحنه، فخشى عبد الوهاب من مصير لحنِه، خاصة بعد أن نجحت ألحان بليغ حمدى مع أم كلثوم.
ترك محمد عبد الوهاب البروفة مغادرًا الإستوديو فجأةً دون استئذان، وبعد البروفة بعدة ساعات اتصل عبد الوهاب بعبد الحليم حافظ ليبلغه بأنه لا يرضى بالجمع بين لحنِه ولحن بليغ حمدي في حفل واحد، وخيَّره بين أن يغني لحنه فقط أو لحن بليغ دون لحنه، وهذا الأمر وضع “العندليب الأسمر” في حيرة ومأزق كبير، فاختار ألا يُغضب “الأستاذ”، وقرَّر أن يتفاهم مع صديقه بليغ حمدي وديًّا، على أن يؤدي لحن الموسيقار عبد الوهاب قبل لحنه، وأن يؤجل غناء لحن بليغ إلى حفل آخر.
وهنا حدثت القطيعة الكبرى، فحينما عرض حليم هذا الأمر على بليغ وأبلغه بأنه يريد أن يغني لحن عبد الوهاب بدلًا من لحنه، جاء رد بليغ حمدى صادما حيث رفض بشدة وقال: “ده أنا شغال على اللحن علشانك بقالي سنة، فعشان ما تزعلش عبد الوهاب تزعلني أنا؟”
استمرت القطيعة بين حليم وبليغ بعد هذه الأزمة لسنوات عديدة، ولم يتم التصالح بينهما إلا عند انتشار خبر مرض عبد الحليم، الذي أودى بحياته في مارس 1977، حيث قام بليغ حمدي بإقامة عزاء للراحل عبد الحليم حافظ في منزلِه الخاص، وذلك يؤكد مدى العلاقة القوية التي جمعت بينهما،فرغم المقاطعة إلا أنه ظل يعشق صاحبه وصديق كفاحه.
الغريب أن أغنية “هو اللي اختار” التي كتبها محمد حمزة ولحنها بليغ حمدى وسجلها عبد الحليم بصوته أثناء البروفة، ولكن نتيجة للقطيعة بين حليم وبليغ لم يتم تنفيذ الأغنية وإذاعتها حتى رحل عبد الحليم حافظ، قد كانت من نصيب الفنان هانى شاكر الذي تغنى بها فيما بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى