في مؤشر على فقدان أمريكا لنفوذها الدولي.. تحالف “أوبك+” يُخفض إنتاج النفط ، وبايدن يعتبر أن التحالف “يقف مع روسيا”

 

رغم كل الضغوط الامريكية، وافقت دول تحالف “أوبك+”  الذي يضم دول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين من خارجها بينهم روسيا، خلال اجتماعها امس الأربعاء في فيينا، على قرار بخفض كبير في الإنتاج بمقدار مليوني برميل في اليوم اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني، حسب الوفد الإيراني.

وردا على هذه الخطوة، اعتبر البيت الأبيض الأمريكي أن “أوبك بلاس تقف إلى جانب روسيا”، وقال إن الرئيس بايدن “يشعر بخيبة أمل من القرار “القصير النظر”.

فقد اتخذت دول تحالف “أوبك+”” خلال اجتماعها امس الأربعاء في فيينا قرارا بخفض حصص إنتاج النفط بشكل كبير، لدعم الأسعار المتضررة من مخاوف حصول انكماش، وفق ما أفاد عضو في الوفد الإيراني.

في هذا الإطار، قال أمير حسين زماني نيا ممثل ايران في الكارتل عند خروجه من اللقاء إن ممثلي الدول الأعضاء الـ13 في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاءهم العشرة اتفقوا على خفض بمقدار “مليوني” برميل في اليوم اعتبارا من شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

انتقادات أمريكية لاذعة

في المقابل، اعتبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار في تصريح بأن “من الواضح أنه عبر قرارها اليوم، فإن أوبك بلاس تقف إلى جانب روسيا”، وذلك بعدما قرر تحالف منتجي النفط خفض إنتاجه في شكل كبير. وقالت وهي على متن الطائرة التي تقل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى فلوريدا لمعاينة الأضرار التي خلفها الإعصار إيان، إن هذا القرار “يشكل خطأ”.

كما أفاد بيان صادر عن البيت الأبيض بأن بايدن “يشعر بخيبة أمل من قرار أوبك بلاس القصير النظر” والقاضي بخفض إنتاجه النفطي بشكل كبير.

وجاء في البيان الذي وقعه مستشار الأمن القومي جايك سوليفان وكبير المستشارين الاقتصاديين بريان ديس، بأن خفض الإنتاج سيضر بالدول “التي تعاني أصلا” من ارتفاع الأسعار بينما “يتعامل الاقتصاد العالمي مع استمرار التأثير السلبي” للهجوم الروسي على أوكرانيا.

وتابع البيان بأن بايدن سيأمر بخفض احتياطي النفط الأمريكي الاستراتيجي، ومن المقرر طرح 10 ملايين برميل في السوق الشهر المقبل في محاولة للحد من ارتفاع الأسعار.

لكن الاحتياطيات تنفد بسرعة بعد عمليات السحب القياسية التي أمرت بها الإدارة بدءا من آذار/ مارس الماضي. والاحتياطيات الآن عند أدنى مستوى لها منذ يوليو 1984 وليس من الواضح متى تخطط الإدارة لإعادة تعبئتها.

وقال البيان إن عمليات السحب المقبلة ستستمر “حسب الاقتضاء لحماية المستهلكين الأمريكيين وتعزيز أمن الطاقة، ووجه بايدن وزيرة الطاقة لبحث أي إجراءات مسؤولة إضافية لمواصلة زيادة الإنتاج المحلي في المدى القريب”.

إضافة إلى ذلك “ستتشاور إدارة بايدن مع الكونغرس حول أدوات وآليات إضافية لتقليص تحكم أوبك في أسعار الطاقة”.

ويحد قرار التخفيضات في إنتاج النفط من الإمدادات في سوق تواجه في الأصل شحا، رغم ضغوط من الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي نادت بضخ المزيد. كما قد يؤدي إلى تعافي الأسعار التي تدنت إلى نحو 90 دولارا بعد أن كانت بلغت قبل ثلاثة أشهر 120 دولارا، جراء مخاوف من ركود اقتصادي عالمي ورفع أسعار الفائدة الأمريكية وارتفاع الدولار.

كما ذكر مصدر مطلع بأن الولايات المتحدة تضغط على منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) حتى لا تمضي في خفض الإنتاج وتقول إن أساسيات السوق لا تدعم الخفض. كما أفادت مصادر بأنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت التخفيضات قد تشمل تخفيضات طوعية إضافية من قبل أعضاء مثل السعودية أو ما إذا كانت قد تتضمن النقص القائم فعلا في إنتاج الدول المنتجة.

وجاء إنتاج “أوبك+” في أغسطس/آب دون المستهدف بنحو 3.6 مليون برميل يوميا.

وكان محللو “سيتي جروب” قالوا في مذكرة: “إذا ارتفعت أسعار النفط بفعل تخفيضات كبيرة في الإنتاج، فمن المرجح أن يثير ذلك غضب إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي الأمريكية”. وأضافوا “قد يكون هناك مزيد من ردود الفعل السياسية من جانب الولايات المتحدة، بما في ذلك سحب إضافي من المخزونات الاستراتيجية”.

كما توقع جيه.بي مورجان أن تتخذ واشنطن إجراءات مضادة عن طريق الإفراج عن المزيد من الكميات من المخزونات.

وتقول السعودية وأعضاء آخرون في التحالف الذي يضم دول أوبك ومنتجين من خارجها بينهم روسيا، إنهم يسعون لمنع التقلبات وليس استهداف سعر معين للنفط.

بايدن مستعد للتصعيد مع السعودية

وقد كشف موقع أمريكي أن الرئيس “جو بايدن” سيتبع سياسة جديدة للتعامل مع السعودية تعتمد على التصعيد بعد قرار مجموعة “أوبك+” بخفض إنتاج النفط، فيما قال نائب بالكونجرس إن الشعب الأمريكي لن يسمح بالتنمر عليه من قوة من الدرجة الثالثة.

وأفاد موقع “أكسيوس” في تحليل بأن “بايدن”، حاول إقناع السعودية بضخ مزيد من النفط بهدوء، لكنه مع قرار “أوبك+” الجديد، الأربعاء بخفض الإنتاج، قد يلجأ إلى أسلوب أكثر حدة.

وقال الموقع إنه مع تحذير جديد من أن البيت الأبيض، قد يدعم تشريعا يستهدف “أوبك+” في الكونجرس، تجاوز “بايدن” عتبة رمزية، وأرسل إشارة واضحة إلى السعوديين بأنه مستعد للتصعيد.

وبالنسبة لبعض الديمقراطيين، يحتاج “بايدن” إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك، والاتصال بالملك السعودي نفسه، حسب التحليل.

وقال النائب “رو خانا” للموقع”: “يجب أن يقول له إن لديك 5 أيام للتراجع عن قرارك. إذا لم يكن الأمر كذلك، فسأعمل مع الكونجرس لتمرير حظر على توريد قطع الغيار الجوية للقوات الجوية الخاصة السعودية”.

وأضاف: “لقد طفح الكيل بالشعب الأمريكي. لن نتعرض للتنمر من قبل قوة من الدرجة الثالثة ترتكب فظائع حقوق الإنسان”، في إشارة إلى المملكة.

وكان مسؤولو الإدارة الأمريكية يتدافعون خلال عطلة نهاية الأسبوع بجهود ضغط في اللحظة الأخيرة لثني “أوبك+” عن خفض الإنتاج، ووصفوا الاحتمال بأنه “كارثة كاملة”.

ولكن فشلت هذه الجهود وأعلنت “أوبك+”،  امس الأربعاء، عن خفضها البالغ 2 مليون برميل يوميا المقرر في الشهر المقبل.

حرب الطاقة

ويتهم الغرب روسيا باستغلال الطاقة كسلاح، وخلق أزمة في أوروبا قد تضطر معها إلى تقنين الغاز والكهرباء هذا الشتاء. في المقابل تتهم موسكو الغرب باتخاذ الدولار والأنظمة المالية مثل سويفت سلاحا ردا على إرسال روسيا قوات إلى أوكرانيا في فبراير/شباط. ومن الأسباب الذي تجعل واشنطن ترغب في أسعار نفط منخفضة هو سعيها لحرمان موسكو من عائدات بيع النفط.

وفيما لم تستنكر السعودية تصرفات موسكو، باتت العلاقات متوترة بين المملكة وإدارة بايدن، الذي زار الرياض هذا العام لكنه فشل في الحصول على أي التزامات تعاون مؤكدة في مجال الطاقة.

ولفت وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع امس إلى تعديل الإنتاج الإجمالي “في ضوء عدم اليقين الذي يحيط بآفاق الاقتصاد العالمي وسوق النفط، والحاجة إلى تعزيز التوجيه طويل المدى لسوق النفط، وتماشياً مع النهج الناجح المتمثل في الاستباقية”.

وأضاف: “قررنا في التحالف تعديل الإنتاج الإجمالي نزولاً بمقدار 2 مليون برميل في اليوم، من مستويات الإنتاج المطلوبة في أغسطس/آب 2022، بدءًا من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022”.

وقال إنه تم تعديل وتيرة الاجتماعات الشهرية لتصبح كل شهرين للجنة المراقبة الوزارية المشتركة، فيما تم تمديد التعاون ضمن التحالف حتى نهاية 2023 بدلا من نهاية العام الجاري.

من جانبه، قال وزير النفط الكويتي بالوكالة، محمد الفارس إن قرار “أوبك بلاس” بخفض الإنتاج ستكون له انعكاسات إيجابية على أسواق النفط. واعتبر أن القرار يجعلهم أمام مسؤولية كبيرة إزاء متابعة تطورات السوق في حال زيادة المعروض أو كميات الإنتاج، وأن “أوبك بلاس” تعمل على خدمة الاقتصاد العالمي وليس تهديده.

وجرى تداول خام برنت القياسي العالمي على استقرار الأربعاء عند 92 دولارا للبرميل، بعد ارتفاعه الثلاثاء.

فرانس24/ رويترز/ أ ف ب

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى