هل يقود تعيين الأمير محمد رئيسا للوزراء إلى نقل وراثة الحكم لأبناء الملك سلمان؟

أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود يوم الثلاثاء 27/ 9/ 2022 أمرا ملكيا بإعادة تشكيل مجلس الوزراء السعودي برئاسة نجله وولي عهده الأمير محمد وعضوية 34 وزيرا، 25 منهم من خارج عائلة آل سعود الحاكمة. والملاحظ هنا أنه لم يحدث في تاريخ المملكة العربية السعودية أن استلم ولي العهد رئاسة الوزراء وولاية العهد إلا في حالتين سابقتين لحالة تعيين محمد ين سلمان في هذا المنصب. الأولى حدثت عندما عين الملك عبد العزيز ولي عهده سعود رئيسا للوزراء لمساعدته في القيام بأعباء الحكم، والثانية عندما عين الملك سعود ولي عهده فيصل في هذا المنصب.
فهل يشير تولي الأمير محمد رئاسة المجلس، واختيار الوزراء المشاركين فيه لوجود صراع على السلطة داخل أسرة آل سعود، ويعتبر خطوة إلى الأمام تمهد الطريق لجعل وراثة الحكم محصورة بأبناء سلمان؟ لقد ضم المجلس 34 وزيرا إضافة للأمير محمد ليس بينهم سوى عشرة من العائلة المالكة. لكن الملاحظ هو أن ثلاثة من أبناء سلمان يهيمنون على الوزارات السيادية؛ فالأمير محمد يتولى رئاسته، والأمير خالد وزارة الدفاع، والأمير عبد العزيز وزارة الطاقة التي تتحكم بإنتاج النفط وتسويقه.
أما ومن بين الأمراء السبعة الآخرين ثلاثة أسندت لهم وزارات هامة هم وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود بن نايف، ووزير الخارجية فيصل بن فرحان، ووزير الحرس الوطني عبد الله بن بندر. أما الأمراء الأربعة الآخرين وهم منصور بن متعب وزير دولة، وتركي بن محمد بن فهد وزير دولة، وعبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، وتركي بن محمد بن فرحان وزير الثقافة فإنهم عينوا في وزارات هامشية، خاصة منصور وتركي اللذان عينا كوزراء دولة لأن الوزارة الجديدة تضم خمسة وزراء دولة مما يعني أن الهدف من تعيينهم هو إرضاء أبناء الراحلين متعب والملك فهد. والملاحظ أيضا أنه لم يشارك في هذه الحكومة أي من أبناء الملوك والأمراء الراحلين سعود، وفيصل، وخالد، وعبد الله، وفهد، وسلطان ومقرن، وعبد الرحمن، ولا من أبناء الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية الأسبق الذي ما زال على قيد الحياة.
ولهذا يمكن القول بأن تشكيلة هذه الوزارة الجديدة التي يهيمن عليها أبناء الملك سلمان تشير إلى أن الملك وولي عهده يخططان لنقل وراثة الحكم من أبناء عبد العزيز الذين توفى معظمهم، ولم يبق منهم على قيد الحياة سوى ثلاثة طاعنين في السن هم عبد الإله 84 عاما، وممدوح 83، وأحمد 80، إلى أبناء سلمان، وإلى وجود انقسام وخلافات بين أفراد العائلة السعودية المالكة الضخمة التي لا توجد إحصائية تبين عدد أفرادها بدقة؛ لكن المتداول هو ان عددهم حوالي 15000 اميرا وأميرة، من ضمنهم 2000 يتولون إمارات المناطق، والوزارات السيادية، ومراكز في السلك الديبلوماسي ومؤسسات الدولة والجيش والحرس الوطني.
لقد نجح أبناء الملك عبد العزيز الراحلين سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله الذين استلموا الملك من بعده في توحيد العائلة وتجاوز العديد من خلافاتها؛ لكن الوضع تغير في عهد الملك سلمان الذي أقال ولي العهد السابق محمد بن نايف واستبدله بنجله الأمير محمد، الشاب المتحمس الذي سيطر على مفاصل الدولة، وأقصى العديد من كبار الأمراء، واعتقل عشرين منهم لفترة وجيزة بتهم تتعلق بالفساد في فندق ريتز كارلتون الرياض عام 2017 من بينهم محمد بن نايف ولي العهد السابق، ومتعب بن عبد الله، وعبد العزيز بن فهد، ومنصور بن مقرن، وسلطان بن تركي، وأبعدهم عن الحكم وما زال بعضهم يخضع للإقامة الجبرية.
هذه الاعتقالات وإبعاد العديد من كبار الأمراء عن السلطة، واستمرار حرب اليمن وتداعياتها عمقت خلافات آل سعود وصراعهم على السلطة، وخلقت المزيد من التذمر وعدم الرضى بين الأمراء المعارضين لهيمنة أبناء الملك سلمان على الحكم؛ فهل سيؤدي ذلك إلى مواجهات بين الأمراء تهدد نظام واستقرار المملكة؟
من الصعب جدا الإجابة على هذا السؤال. لكن تشكيل هذه الحكومة برئاسة الأمير محمد بن سلمان، وعدم مشاركة كبار الأمراء فيها يشير بوضوح إلى دعم الملك سلمان لولي عهده سعوديا وعربيا ودوليا، ويمهد الطريق لانتقال وراثة الملك لأبنائه، وقد يؤدي، في حالة حدوثه، إلى انقسامات في عائلة آل سعود تخلط الأوراق، وتعرض المملكة لصراع قبلي لا يمكن التنبؤ بمدى خطورته وتداعياته المحلية والعربية والدولية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى