سجلها سامى شرف.. مشاهد من دفتر القائد جمال عبد الناصر

حلت أمس الاول الذكرى 52 لسفر الزعيم جمال عبد الناصر الى جنان الخلد، لكن الكبار لا يرحلون سوى بالجسد، ويبقى منهم الفكرة والرمز والقدوة والتاريخ النضالي ضد قوى الاستبداد والطغيان والاستعمار، يبقى منهم ما تركته أيديهم على الأرض من منجزات جليلة يحفظها التاريخ.

ولهذا سيظل عبد الناصر شخصية قيادية رائدة مناضلة وطنية، واليوم ونحن نحيى ذكرى رحيله نقدم مقتطفات من مقال لمدير مكتبه، سامى شرف بعنوان: «قراءة فى دفتر عبد الناصر» سبق نشره فى «مجلة الوعى العربى» بتاريخ 26 نوفمبر1971، يقول فيه:

** فى عام 1953 أرسلت أمريكا 4 ملايين دولار إلى «ناصر» هدية شخصية للصرف على أمنه الخاص، ولم يكن المبلغ فى صورة شيك، بل أوراق بنكنوت فى حقائب حملها الملحق العسكرى الأمريكى، وتسلمها الضابط حسن التهامى،

لكن الزعيم عبد الناصر، سخرية من الأمريكان، أمر بصرف المبلغ فى بناء برج كبير، سمى «برج أمريكا» سخرية منها ثم أصبح «برج الجزيرة». وكانت رسالة منه للأمريكان بأن ناصر لا يرتشى ولا يشترى، وعلى أمريكا أن تفهم هذا، وهذا يدل على طهارة يد الرئيس الخالد.

** ويروى سامى شرف مشهداً آخر يقول فيه: «فى عام 1957 ظهرت بالقرب من «بنى مر» جزيرة مساحتها 140 فداناً من أراضى طرح النهر، فقام الأهالى، ومن بينهم بعض أقارب الرئيس عبد الناصر بزراعتها، وحدث خلاف بينهم وبين باقي أهالي القرية الذين سارعوا بتقديم شكاوى ضدهم، وتدخلت الشرطة للتوفيق بينهم لفضّ النزاع.

لكن الأهالي اتهموا الشرطة بالانحياز إلى صف أقارب الرئيس، وقاموا بإرسال شكاوى وتليغرافات إلى الرئيس، وتوجه بعض منهم إلى القاهرة وقدموا شكواهم إلى سكرتارية الرئيس، الذى أصدر قراراً جمهورياً بسحب كل أراضي هذه الجزيرة وما فيها من محاصيل زراعية، وتوزيعها على المعدمين من أهالى القرية والمسرّحين من الخدمة العسكرية في «بنى مر» والقرى المجاورة، وقام بتنفيذ القرار المهندس كمال سرى الدين مدير الإصلاح الزراعى فى محافظة أسيوط فى ذلك الوقت.

وقد علّق أحد أبناء القرية على هذه الواقعة بقوله: « كان ينصفنا نحن، وإن اضطر أن يظلم أقاربه، وكان يفضِّل أن يتمتع أبناء القرى الأخرى بمشروعات الثورة قبلنا، نحن في بني مر لم نشعر أبداً بعد هذا الحادث بأن بيننا أقارب لرئيس الجمهورية، إنما كنا نشعر بأنهم إخوتنا وجيراننا ورفاقنا فى كل شيء».

** وفى عام سنة 1953 شعر الرئيس عبد الناصر بآلام الزائدة الدودية، واستدعى الدكتور مظهر عاشور كبير الجراحين بالمستشفى العسكرى العام بكوبرى القبة، للكشف عليه بمنزله بمنشية البكرى، وبينما الدكتور مظهر عاشور يقوم بإجراء الكشف عليه، قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله»!

فسأله الرئيس: «هي الحالة خطيرة للدرجة دى؟».

فقال الدكتور: «أبداً.. دى العلة البدنية بسيطة، وتحتاج لعملية جراحية بسيطة لاستئصال الأعور، ولكننى استغفر الله لعلة أخرى، وهى أننى سمحت لأذنى أن تسمع عنك فرية دنيئة».

فسأله الرئيس: «وإيه اللى سمعته يا دكتور مظهر؟»

فقال الدكتور: «كنت منذ أيام أزور بعض الأصدقاء فى لقاء اجتماعى، فقال واحد من الحاضرين إنه زارك وشاف بيتك مفروش من قصر الملك.. من عابدين.. وأنا داخل لك النهارده شفت حجرة الجلوس وحجرة النوم اللى إحنا فيها دلوقت، ولكنى لم أجد شيئاً مما زعموه وافتروه عليك.. فسبحان الله»!.

ابتسم جمال عبد الناصر رغم آلامه، وقال: «إننى أتوقع الكثير من هذا الكلام.. وأن مثل هذه الفريات وغيرها موش حاتعقدنا ولا تقعدنا عن تحقيق أهدافنا.. يا دكتور مظهر أشهد بأن كل شيء حايكون لغيرى ولو على حسابى».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى