خلافها مع جيهان السادات.. لماذا طلبت ام كلثوم عدم اذاعة اغنية لها كتبها نزار قباني في رثاء عبد الناصر/ 2 فيديو

كشف الإعلامي المصري محمود سعد، أن كوكب الشرق أم كلثوم كانت تتلقى العلاج في روسيا، وقت وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وعادت منها على الإذاعة مباشرة لتسجيل أغنية لـ”عبد الناصر”، كتبها نزار قباني. أغنية أم كلثوم لعبد الناصر

وقد استعرض سعد، خلال حلقة قديمة من برنامجه المذاع  على قناة “النهار”، تسجيلا صوتيا للإعلامي الراحل وجدي الحكيم، يروي فيه كواليس تلك الأغنية، قائلًا إن مصر كلها حزنت على فراق “عبد الناصر”، ولكن حزن أم كلثوم كان عظيمًا وعميقًا، فأغلقت على نفسها الأبواب ولم يستطع أحد أن يتصل بها، ومنهم نزار قباني.

أضاف “الحكيم” أن “قباني” اتصل به هاتفيًا ليبلغه أنه كتب قصيدة في رثاء الزعيم الراحل، ولكنه لا يستطيع الوصول إلى ام كلثوم، ثم أملى عليه كلماتها، وتابع الحكيم قائلا أنه قد ارسل لام كلثوم القصيدة لتقرأها، وبعدها بيوم اتصلت به لتطلب منه أن يرسلها إلى الموسيقار رياض السنباطي لتلحينها، وقد لحنها الأخير بطريقة “التراكات”، والتي كانت حديثة بالنسبة لأم كلثوم.

أردف الحكيم أنه في يوم التسجيل كان معها في الإذاعة حيث ظلت تسجلها من الثانية عشر منتصف الليل وحتى الثامنة صباحًا، وكانت تغني جملة وتجهش بالبكاء، ثم تهدأ وتستأنف الغناء بعدها، لتخرج أغنية “في رسالة إلى الزعيم” إلى النور.

واستطرد الحكيم قائلًا إنه بمجرد وصوله إلى المنزل، تلقى اتصالًا من “إحسان” سكرتيرتها، ومديرة المنزل تخبره أن كوكب الشرق تريده في منزلها فورًا، فذهب إلى منزلها، فأخبرته: “الأغنية اللي سجلناها متتزاعش، لأن في رئيس جديد هيحلف اليمين وهو اللي هيصدر قرار الحرب وبلاش نغلوش عليه، حزننا على عبد الناصر هيظل في قلوبنا إلى الأبد”، وطلبت منه سحب الأغنية من الإذاعة وعدم إذاعتها أبدًا.

الحكيم لم يعلن، وربما انه لا يعرف، سبب تراجع ام كلثوم عن اذاعة القصيدة، بعد ساعات قليلة من إعدادها.. فهل هناك جهة متنفذة اوعزت لها بذلك ؟؟ أم انها تحسبت من عواقب عهد انور السادات وسطوة زوجته جيهان المعروفة بميولها الصهيونية؟؟

حين رفضت أم كلثوم  طاعة جيهان السادات
على خلاف زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، التي لم تشارك الحياة العامة باعتبارها سيدة للقصر، وفضلت العيش كما كان الوضع قبل صعود زوجها لمنصب رئيس الجمهورية، كسرت جيهان السادات هذه الصورة، عبر تقلدها لقب «سيدة مصر الأولى»، وإطلاق وسائل الإعلام الرسمية هذا اللقب عليها دومًا، إلى جانب خلق أدوار لها في الشأن العام، وإطلاق مشاريع باسمها، عززت من حضورها.

كان هذا النشاط من جانب قرينة السادات، والرغبة في الظهور سياسيًا واجتماعيًا بوصفها سيدة مصر الأولى، متزامنًا مع ذروة سطوع نجمة الغناء العربي أم كلثوم، التي كانت قد تحولت لأيقونة في العالم أجمع، ما أثار غيرة جيهان السادات، التي وجدت في «كوكب الشرق» منازعها الأوحد على الشهرة والحضور والسطوة.

وقد كان العامل الأساسي وراء نشأة هذه الغيرة، التي تحولت بعد ذلك لخلاف بين أم كلثوم وجيهان السادات، هو رغبة الأخيرة في إخضاع الفنانة المصرية لسطوتها الممتدة آنذاك، باعتبارها زوجة الحاكم، إذ حاولت بطرق مختلفة إدخالها حظيرة السلطة، غير أن محاولاتها فشلت، بعدما تمسكت أم كلثوم بمواقفها، والتزمت الصمت حيال سياسات السادات دون دعم أو تأييد.

يتصل بالعامل السابق ارتباط اسم أم كلثوم الوثيق بأسرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي غنت له العديد من الأغاني مثل «يا جمال يا مثال الوطنية»، وأغنية «قم»، وحتى بعد حرب 1967، كانت أم كلثوم أول من غنت له أغنية «حبيب الشعب». وامتدت العلاقة الوطيدة إلى العائلة كافة، وتحديدًا زوجته تحية كاظم، التي كانت صاحبة الدور الرئيسي في عودة كوكب الشرق للغناء بعد إعلانها التوقف عنه عقب وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر (أيلول) 1970، وذلك بعد اتصال تحية كاظم بها وإقناعها بالرجوع.

تروي رفيقة سابقة لكوكب الشرق في مقابلة تلفزيونية، أحد مظاهر هذا الخلاف، فتقول: «أم كلثوم رفضت مقابلة السادات، بتحب الحق، ومبتخافش. مرة أتت جيهان السادات للبيت أثناء مرض الست. وأبلغتني أم كلثوم أنها لا ترغب في لقائها، وأوصتها بالنزول لحرم الرئيس بإبلاغها بأنني «كويسة»، وغير مسموح لي مقابلة أحد. جيهان السادات كانت تُحب نفسها».

غير أن لدوافع هذا النزاع خلفية أخرى لها علاقة بالغيرة النسائية التي كانت أشبه بالشرارة التي أشعلت العلاقة بينهما؛ فقرينة الرئيس الراحل كانت ترى في نفسها السيدة الأولى التي لا يجب أن ينازع شعبيتها أو حضورها أي وجوه نسائية أخرى حتى لو كانت أم كلثوم. بينما الواقع آنذاك كان يرجح كفة الأخيرة، بصيت عالمي، وحضور طاغ، وعلاقات بحكام الدول من المحيط للخليج؛ لتثار غضبة جيهان السادات من تخطي كوكب الشرق لسطوتها.

يُصادق على الرواية السابقة الكاتب الصحفي، مصطفى أمين، الذي كشف في مذكراته «سنة أولى سجن» أن سر انقلاب السيدة جيهان السادات علي أم كلثوم هو قصة الصراع بين لقب سيدة مصر الأولى الذي سعت إليه جيهان السادات بحرص شديد، وسيدة الغناء العربي الذي تربعت به أم كلثوم على عرش وقلوب الجماهير المصرية الغفيرة.

أحد الشهود أيضًا على هذه المرحلة سياسيًا وأدبيًا هو الأديب الراحل يوسف إدريس الذي نقل شهادته كاملة عما ما رأه وعاشه، قائلًا «الخلافات بين أم كلثوم وجيهان السادات زادت في الفترة الأخيرة من حياة الأولى، لرغبة جيهان في أن تكون السيدة الأولى، وظهر ذلك في أكثر من حوار بين المقربين منهم». ويضيف إدريس: «أن أم كلثوم كانت ملكة حقيقية، لم يظلمها سوى جيهان السادات، حتى أن نصف ضباط الجيش دخلوه بكارت فقط من «أم كلثوم»، لكن رغبات جيهان كانت السبب وراء الخلاف، بل وأوقفت حفلات لأم كلثوم أيضًا».

أحد أبعاد هذه الغيرة أيضًا لها صلة بتوطد علاقة أم كلثوم بالرئيس محمد أنور السادات؛ بشكل أثار غضبة قرينة الأخير التي بدأت تتحرك للحيلولة دون استمرار هذه العلاقة. كانت الواقعة التي أرّخت لهذا البعد من الخلاف، مناسبة غداء في منزل سيد مرعي، وزير الزراعة ورئيس مجلس الشعب خلال سنوات حُكم السادات.

تتلخص هذه الواقعة في غداء خاص داخل استراحة سيد مرعي بالمنصورية، وكان الحضور السادات وحرمه ومحمد حسنين هيكل وحرمه وأم كلثوم وآخرين. وعندما دخل السادات إلى الاستراحة قابلته أم كلثوم بقولها «أهلًا يا أبو الأنوار…» فما كان من السيدة جيهان السادات إلا أن انتفضت بعصبية وقالت لأم كلثوم: «قصدك سيادة الرئيس. هو إنتي ناسية أنه رئيس الجمهورية.. واتعلمي إزاي تتكلمي مع رئيس الجمهورية»، وذلك حسبما رواها سامي شرف، مدير مكتب الرئيس الراجل جمال عبدالناصر في كتابه «سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر».

بعد رد جيهان السادات، غادرت أم كلثوم المكان غاضبة، وقالت لسامي شرف، راوي الواقعة في كتابه، أنها «قرفانة من الأوضاع إللي جبتوها لنا دي. دي حاجة تسد النفس، ماحنا متعودين بقي لنا 20 سنة بنناديه كده. هو إيه الي استجد يعني».

حين سعت جيهان لمحو أثر أم كلثوم 
انعكست خلفيات التنافس والغيرة المذكورة سلفًا من جانب جيهان السادات نحو أم كلثوم، إلى سعي الأولى لتقييد تحركات الأخيرة، والتحرك بشكل دؤوب لاستهداف بعض المساهمات الخيرية التي أطلقتها أم كلثوم، أو تجميد أي مشاريع تحاول تخليد صورة كوكب الشرق على الأراضي المصرية، مستعينة في ذلك بصلاحياتها المطلقة بوصفها زوجة رئيس الجمهورية الذي يخضع الجميع له، ويتعامل معها الجميع باعتبارها «سيدة مصر الأولى».

وتوثق شهادات وروايات شهود لوقائع بعينها وقفت فيها جيهان السادات حجر عثرة أمام أي مشروع لكوكب الشرق، فيما رأه البعض ترجمة علنية للغيرة النسائية، التي عززت من استهداف زوجة الرئيس الراحل أم كلثوم.

من بين هذه الوقائع كان المشروع الخيري الذي أعلنت أم كلثوم عنه، ونال موافقة بالفعل، قبل أن تتدخل جيهان السادات، وتستخدم سلطاتها في تجميد المشروع، ووقف الموافقات الرسمية له؛ لترحل أم كلثوم، وفي نفسها ألم من تلك الحرب الخفية التي شنت ضد مشروعها الخيري الذي كنت تأمل أن تتركه لأبناء وطنها بعد رحيلها.

شهود هذه المرحلة الزمنية ذكروا أن الأوامر العليا صدرت بعدم الحديث إعلاميًا عن مشروع أم كلثوم الخيري، حتى بعد موتها، ولم يجرؤ أحد على ذكره بعد ذلك، أو الإشارة إليه، خوفًا من غضب «سيدة القصر» التي كانت ذات سطوة واسعة، ومتحكمة في العديد من الملفات.

وكان مشروع أم كلثوم قد حظي بالموافقة عليه وتحدد موقعه بالفعل، وهو أرض المعارض بالجزيرة التي أقيمت عليها بعد ذلك دار الأوبرا الحالية. وكانت وقتها أرضًا فضاء تقام عليها بعض المعارض من آن إلى آخر، ومنها معرض القاهرة الدولي للكتاب قي دورته الأولى عام 1965، قبل أن تحاول جيهان السادات محو أثر هذا المشروع خوفًا من أن ينافس صيته مشروعها الخيري الآخر آنذاك «الوفاء والأمل»، لتقرر الأخيرة وقف تنفيذ مشروع أم كلثوم، وسحب الأرض منها.

وبحسب شهادة محمد سلماوي، رئيس اتحاد كُتاب مصر السابق، وأحد أصدقاء أم كلثوم، في كتابه «مذكرات يوم أو بعض يوم»، الصادرة عن دار الكرمة للنشر: «فالتنافس الذي كنا نشعر به جميعًا، لم يقتصر على المشروعين، وإنما امتد ليشمل صاحبتي المشروعين، فالأولى كانت لسنوات طويلة هي «سيدة مصر الأولى» تحمل من الدولة جواز سفر دبلوماسيًا، والثانية كانت كذلك بحكم كونها زوجة الرئيس، وقد وصل الأمر إلى حد المواجهة بينهما في منزل المهندس سيد مرعي، صهر الرئيس، في واقعة معروفة أدت بعد ذلك إلى قطيعة كاملة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى