يائير لابيد وخدعة حل الدولتين!

دعا رئيس وزراء دولة الاحتلال يائير لابيد في الخطاب الذي ألقاه يوم الخميس 22/9/ 2022 من على منبر الأمم المتحدة في دورتها ال 77 المنعقدة في نيويورك الفلسطينيين إلى التخلي عن أسلحتهم ومقاومتهم للاحتلال، وقال إن” الاتفاق مع الفلسطينيين على أساس دولتين لشعبين هو الصحيح لأمن واقتصاد إسرائيل ومستقبل أطفالنا”، وأضاف ان هكذا اتفاق لحل النزاع سيكون مشروطا بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح لن تهدد إسرائيل، وطلب من الدول العربية والإسلامية الاعتراف بالدولة الصهيونية والتطبيع معها.
لا شك أن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام1967، وحل مشكلة اللاجئين؛ فهل يائير لابيد يريد تحقيق هذا السلام المقبول فلسطينيا فعلا؟ وإذا كان جادا في موافقته على حل الدولتين فلماذا لا يجتمع مع الفلسطينيين ويجري معهم مفاوضات مباشرة لتحقيق ذلك؟ ولماذا دعا للسلام من على منبر الأمم المتحدة؟
حكومة يائير كغيرها من الحكومات الإسرائيلية تمارس أبشع أنواع العنف والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني. فهي تشجع نهب الأراضي الفلسطينية والتوسع الاستيطاني الذي لا يتوقف، وتدعم المستوطنين بالمال والتقنية، وتسلحهم، وتحميهم، وبنت مئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية وزرعت مئات آلاف المستوطنين في الضفة الغربية، وقسمت الضفة إلى كنتونات غير متواصلة، وتقتل، وتسجن، وتنكل بالفلسطينيين على مدار الساعة، وتبذل قصارى جهدها لمحاصرتهم وإذلالهم ومنعهم من التنقل بحرية، ومن البناء، وتسهل هجرتهم وتمنع عودتهم. فعن أي حل سلمي يكذب يائير؟
الرجل لا يريد حلا سلميا يعطي الفلسطينيين حقوقهم ويمكنهم من إقامة دولتهم المستقلة الكاملة السيادة؛ بل إنه كغيره من قادة دولة الاحتلال يريد استسلاما فلسطينيا وعربيا وإسلاميا بدون شروط وبلا ثمن، واستغل فرصة القاء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان موافقته على حل الدولتين لأسباب عدة من أهمها: محاصرة الفلسطينيين وخداع وتضليل الرأي العام العالمي بالادعاء أن إسرائيل تريد السلام وتوافق على حل الدولتين وإن الفلسطينيين المنقسمين على أنفسهم هم الذين يعرقلون تحقيقه، وتشجيع المزيد من الدول العربية والإسلامية على التطبيع مع دولة الاحتلال ووقف دعمها السياسي والمالي للفلسطينيين، وإرضاء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والضغط عليها لتقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية والعسكرية لإسرائيل، ومحاولة توظيف هذه الدعوة لإرضاء الإسرائيليين المؤيدين لحل الدولتين وتشجيعهم للتصويت لمرشحي حزب لابيد في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الأول المقبل.
لابيد يدرك جيدا أن الشعب الفلسطيني الصامد المقاوم لا يمكن تضليله وكسر إرادته؛ ونذكره بما قاله الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي ” لا يوجد شعب يمكن أن يتحمل مثل الشعب الفلسطيني، لم يكن هناك شعب مثل هذا الشعب في التاريخ.” ولهذا فإن ليبيد الذي يعرف عظمة شعب فلسطين وقدراته وامكانياته العلمية والثقافية والاقتصادية المميزة يكذب عندما يقول بأنه يؤيد قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، وإن ما يريده في الحقيقة هو قيام دولة فلسطينية مسخ منزوعة السلاح، لا حول لها ولا قوة، تكرس احتلال اسرائيل للضفة الغربية وغزة بطريقة غير مباشرة، وتمكنها من التغلغل في العالمين العربي والإسلامي، ومن الاستمرار في تضليل وخداع دول وشعوب العالم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى