هل ستغير ” منظمة شنغهاي للتعاون ” المعادلة السياسية والاقتصادية الدولية؟

” منظمة شنغهاي للتعاون ” هي منظمة حكومية دولية تأسست في شنغهاي في 15 يوليو/ حزيران 2001، وتضم تسع دول هي روسيا، والصين، والهند، وباكستان، وأزباكستان، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، وإيران.” ومن بينها أربع دول نووية، وحصلت مجموعة من الدول الأخرى هي مصر، والسعودية، والكويت، والإمارات والبحرين، وجزر المالديف، وميانمار، وأرمينيا، وأذربيجان، وتركيا، وسيريلانكا، وكمبوديا، ونيبال على ما يسمى بصفة ” شركاء الحوار ” التي ستمكنها من الحصول على العضوية الكاملة للمنظمة،
وعلى الرغم من ان هذه المنظمة التي تشكل نصف سكان الكرة الأرضية تقريبا، وتتحكم بما لا يقل عن 30% من الاقتصاد العالمي، أسست لتكون أداة للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين الدول الأعضاء، وليس كتحالف عسكري مثل حلف شمال الأطلسي” الناتو ” أو منظمة للتكامل السياسي مثل الاتحاد الأوروبي، الا انها تعمل لمواجهة تحديات أمنية مشتركة. فمنذ تأسيسها كان التعاون الأمني أحد مهامها الرئيسية، ولا يزال على قمة أولوياتها، وتتعاون عسكريا وتقوم بمناورات مشتركة؛ وعلى الصعيد الاقتصادي فإنها تخطط لتعزيز التعاون التجاري بين دولها، والاستغناء عن الدولار، واستخدام عملاتها المحلية في التبادل التجاري ردا على الغرب الذي يفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على البلدان التي تعارض سياساته وهيمنته، كما فعل مع العراق وإيران وروسيا وسوريا وغيرها ولجأ إلى مصادرة ممتلكاتها وأصول شركاتها. ولهذا يرى بعض المحللين أن هذه المنظمة هي أيضا بمثابة حلف عسكري جديد في الشرق لمواجهة حلف” الناتو “، وإنها تؤسس لتغيير المعادلة السياسية والعسكرية والاقتصادية الدولية بإنهاء عالم القطب الواحد، وتكوين عالم متعدد الأقطاب ينهي الهيمنة الغربية على العالم ويؤسس لنقل القوة من الغرب إلى الشرق.
ويعقد قادة دول المنظمة قمة سنوية، واختتموا الجمعة 16/9/ 2022 أعمال قمتهم الثانية والعشرين التي انعقدت في مدينة سمرقند في أوزبكستان وحضرها رؤساء الصين وروسيا وإيران وتركيا ورئيس وزراء الهند، ناقشوا خلالها، سبل تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والعلمي والتقني والثقافي والأمني بين بلادهم، والحرب في أوكرانيا، والمواجهة الصينية الأمريكية بشأن تايوان، والعديد من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية الدولية الهامة، وأصدروا بيانا ختاميا أكدوا فيه رفضهم لعالم القطب الواحد، وعزمهم على مواصلة العمل للقضاء على الإرهاب، وعدم انتشار الأسلحة النووية ونزعها، وتعزيز نظام تجاري عالمي مفتوح متعدد الأطراف يكون أكثر عدلا ويشكل رؤية مشتركة ” لمجتمع يجمعه مصير مشترك للبشرية “، وأكدوا فيه على أن التطبيق الأحادي الجانب للعقوبات الاقتصادية بخلاف تلك التي اعتمدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي تستخدمها أمريكا ودول الغرب الأخرى ضد عدد من دول العالم التي ترفض الهيمنة الغربية تتعارض مع القانون الدولي ولا يمكن قبولها.
ولهذا جدد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال المؤتمر رفضه لعالم أحادي القطب بقوله إن ” بكين ترغب ببذل جهود مع روسيا للقيام بدور القوى العظمى ولعب دور توجيهي لبث الاستقرار في عالم تهزه اضطرابات اجتماعية “، وأشاد الرئيس فلاديمير بوتن بمراكز النفوذ الجديدة وطالب بمحاربة الأحادية الأمريكية، وانتهز الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الفرصة للتذكير بتحدي العقوبات الأمريكية الظالمة المفروضة على بلاده.
ولهذا يمكن القول ان هذا التحالف الجديد بإمكانياته الديموغرافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية الهائلة سينجح في تغيير موازين القوى العالمية وإنهاء عالم القطب الواحد والهيمنة الأمريكية الغربية على الوضع الدولي، وخلق عالم جديد يكون أكثر أمنا وأمانا وعدلا واستقرارا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى