حقوقيون مغاربة يتقدمون بشكاوى ضد 3 دبلوماسيين إسرائيليين في الرباط بتهم الاعتداء الجنسي على نساء مغربيات.

الحرة / خاص – واشنطن

تقدمت أكبر جمعية مغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بشكاوى ضد ثلاثة دبلوماسيين إسرائيليين في العاصمة الرباط بتهم التحرش الجنسي بنساء مغربيات.

وقالت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” غير الحكومية، أمس الخميس، إنها طالبت بفتح تحقيق قضائي في تهم اعتداءات جنسية ضد مواطنات مغربيات من طرف شخص أجنبي بالرباط.

سر التوقيت
وقالت الرئيسة السابقة للجمعية، الحقوقية خديجة الرياضي، إن الجمعية لم تختر توقيت الشكوى بل إن “الجريمة فرضت نفسها، والجمعية قدمت الشكاية بمجرد علمها بها”.

واستغربت الرياضي في حديثها لموقع “الحرة”، “علم الرأي العام المغربي بالحادث من وسائل إعلام أجنبية”.

ويتفق الإعلامي الباحث المغربي، يوسف منصف، أن “إعلان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مقاضاتها لثلاثة دبلوماسيين يأتي في سياق تفاعل الرأي العام المغربي مع هذه القضية لاسيما وأن المغرب قطع أشواطا مهمة في الدفع بحماية النساء من كافة أشكال التمييز والاستغلال”.

ووصف منصف خطوة الجمعية بـ”المفهومة، لولا بعض الاشكالات القانونية”، حسب قوله.

ونفى رئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في المغرب، ديفيد غوفرين، الاتهامات، وقال إن مزاعم التحرش الجنسي ضده ملفقة من قبل كبير ضباط الأمن في البعثة، وسط خلاف مرير بينهما.

وأضاف: “إنها افتراءات تم اختراعها للإساءة لي بشكل شخصي والمس في علاقاتي مع المسؤولين في المملكة. لن أسمح بذلك”.

ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن محامي غوفرين قال في رسالة إلى المدير العام في وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن “ضابط الأمن اختلق الاتهامات بدافع الانتقام”.

وقالت الجمعية المغربية إنه “نظرا لخطورة الأفعال التي يشتبه في ارتكابها، ولكونها تعتبر أفعالا جرمية خطيرة يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي” ، توجه المكتب المركزي للجمعية لرئيس النيابة المغربية من أجل “إعطاء أوامر للجهة القضائية المختصة قصد البحث والتقصي وفتح تحقيق جدي وفعال في الموضوع”.

واتهمت الحقوقية المغربية، الرياضي، في حديثها لموقع “الحرة” “السلطات المغربية بغياب استقلالية القرار”.

لكن الباحث، يوسف منصف، يوضح لموقع “الحرة” أن “المعتدي المفترض كان يشغل منصب رئيس البعثة الدبلوماسية كمدير مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط. والذي منع الدولة المغربية من التعاطي الحازم مع القضية، هو الحصانة الدبلوماسية التي تضمنها اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية سنة ١٩٦١ والتي تمنع منعا باتا تقديم أعضاء البعثات الدبلوماسية أمام قضاء الدولة المضيفة، فما بالك برئيس بعثة دبلوماسية”.

ويضيف منصف “كذلك تنسحب هذه الحصانة بموجب ذات الاتفاقية على جميع الدور وبنايات البعثة، بما فيها ذلك إقامة السفير أو رئيس البعثة، لا يمكن اقتحامها أو مصادرة أي من الأغراض أو المنقولات تحت أي طائل ولو كان لأغراض الدفاع أو المصلحة العامة للدولة المضيفة، بحسب بنود نفس الاتفاقية التي صادق عليها أكثر من ١٧٧ دولة بما فيها المغرب”.

وبحسب التفاصيل التي نشرتها الصحافة الإسرائيلية، فإن وزارة الخارجية تحقق في مزاعم تتعلّق باستغلال النساء المحليات والتحرّش الجنسي وجرائم ضد الحشمة.

وفي المغرب، أثارت هذه القضية انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت منظمة “خميسة” للدفاع عن حقوق المرأة إنّها “منزعجة للغاية من صمت السلطات”، مطالبة الحكومة بـ”فتح تحقيق عاجل”.

وكان ديفيد غوفرين البالغ 59 عاماً سفيراً في مصر من العام 2016 إلى أغسطس 2019، وعُيّن رئيساً لبعثة مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط في أوائل العام 2021، قبل تعيينه رسمياً سفيراً لإسرائيل في المغرب.

الصمت الرسمي المغربي
وتعهدت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، عدم السكوت “عما وقع للنساء المغربيات في البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية”.

ولم تعلق السلطات الحكومية المغربية على الحادث وعلى استدعاء السلطات الإسرائيلية للقائم بالأعمال في مكتب ممثليتها في الرباط.

ويقول منصف يوسف، الإعلامي المغربي، إن “الصمت الحكومي عن هذه القضية المثارة إعلاميا وحقوقيا، يفسر حجم وطبيعة الالتزامات والاتفاقيات الاقتصادية والعلمية إلى جانب الأمنية والعسكرية التي تربط المغرب بإسرائيل”.

ويتابع “في نظري الدولة ليست مستعدة لمجاراة المناضلين الحقوقيين الذين قد يلتبس عليهم النضال بالتزامات الدولة الاستراتيجية، ويبقى من حقهم متابعة كوفرين ومن معه خارج المغرب وفي إسرائيل نفسها، التي أحرجها هذا الأمر كثيرا أمام شريك استراتيجي من حجم المغرب. أما بالمغرب فلا أظن أن القضاء المغربي قد يجازف بمصادقة المغرب على معاهدة فيينا للعلاقات القنصلية التي تقر صراحة بحرمة الدبلوماسيين منازلهم وجميع منقولاتهم”.

وبعد الإمارات والبحرين والسودان، قام المغرب بتطبيع علاقاته مع إسرائيل في العام 2020 بدفع من الولايات المتحدة، مقابل اعتراف الأخيرة بـ”سيادته” على إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه.

ويترافق هذا التطبيع مع تدفّق منتظم للوفود الإسرائيلية إلى المغرب. وتوجّه وزير الخارجية المغربي إلى إسرائيل في بداية السنة في إطار القمة التي جمعت قادة الولايات المتحدة والدول العربية التي قامت بتطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى