عشية الانتخابات الرئاسية الحرجة.. تسريبات زعيم المافيا عن فساد الطغمة التركية الحاكمة تطيح بمستشار أردوغان

اسطنبول – قدم قرقماز كاراجا، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استقالته من منصبه، امس الاول الثلاثاء، بعدما وجه إليه زعيم مافيا اتهامات بالفساد، في أحدث تطور يسلط الضوء على حقائق قاومت الدائرة المقربة من الرئيس منذ العام 2013 لإخفائها.

والرشوة والكسب غير المشروع واستغلال النفوذ تكاد تكون الشجرة التي تخفي غابة الفساد في تركيا والتي تَكشف بعضها في 2013، لكن أردوغان حرص حينها وكان وقتها رئيسا للوزراء على إغلاقها بحكم نفوذه وصلاحياته الواسعة قبل أن يصبح رئيسا للبلاد ويقلب النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي بصلاحيات تنفيذية واسعة.

وقد أعادت هذه الاستقالة وما سبقها من ‘حقائق’ كشفها زعيم المافيا التركي سيدات بيكر المتواري عن الأنظار والفار خارج تركيا، إلى دائرة الضوء حجم تغلغل الفساد في مفاصل الدولة التركية منذ تولى حزب العدالة والتنمية السلطة في 2002.

وتأتي هذه الاستقالة أيضا فيما يواجه الرئيس التركي وحزبه العدالة والتنمية الحاكم ضغوطا شديدة قبل استحقاق انتخابي تجمع كل التحليلات على أنه سيكون حاسما لمستقبل أردوغان السياسي، فيما تظهر أحدث استطلاعات للرأي تراجع شعبيته على وقع أزمة طاحنة متعددة الرؤوس.

وأعلن قرقماز كاراجا عضو المجلس الاقتصادي للرئاسة التركية وأحد كوادر حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان في تغريدة على حسابه بتويتر، أن هذا “الهجوم غير القانوني طال ابنتي وزوجتي وأصبح مرة أخرى تهديدا لصحتي ولهذه الأسباب أستقيل من منصبي”.

وكان كاراجا اتُهم في نهاية الأسبوع الماضي من قبل زعيم المافيا التركي سيدات بيكر، الهارب في الخارج، بأنه من بين مجموعة من كبار المسؤولين الأتراك الذين سعوا للحصول على رشاوى من شركات كبرى، لكن كاراجا نفى ذلك.

ويطلق سيدات بيكر اتهامات ضد مسؤولين أتراك كبار بمن فيهم وزير الداخلية سليمان صويلو في مقاطع فيديو ينشرها على منصتي تويتر ويوتيوب منذ العام الماضي ما تسبب في إحراج السلطة قبل أقل من عشرة أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة.

واستقال مستشار آخر للرئيس أردوغان بعدما استهدفته اتهامات مماثلة، من منصبه الأحد الماضي، فيما دعت أحزاب المعارضة التركية إلى إجراء تحقيق في هذه المعلومات.

ونقلت وسائل إعلام محلية اليوم الأربعاء عن ليفينت جوك نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري اكبر أحزاب المعارضة في تركيا، تعهده بإعادة فتح ملفات الفساد التي شهدتها البلاد منذ 2013 وأغلقها أردوغان.

وشملت تلك الملفات أسماء بارزة في حزب العدالة والتنمية وكذلك أفراد من أسرة الرئيس التركي الحالي ومقربون منه.

وقال جوك خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني، أثار القيادي في حزب الشعب الجمهوري عدة قضايا فساد ورشوة من ضمنها ورود اسم علي فؤاد تاشكسنلي أوغلو، مستشار أردوغان ورئيس هيئة أسواق رأس المال، متسائلا عن الجهة التي تولت تعيينه في هذا المنصب. وقال “شبكة الرشوة ليست أمر سهل. نحن نتحدث عن مستشار الرئيس ويبدو أن الرشوة بلغت القصر الحاكم”.

وقال ليفينت جوك “بالتأكيد سيتم إخضاع جميع المتورطين في قضايا الفساد للتحقيق. تحقيقات الفساد والرشوة التي شهدتها تركيا نهاية عام 2013 هو ملف فساد ضخم ثبت بالأدلة القوية تورط رئيس الوزراء (أردوغان) ووزرائه به. الآن يحاولون التكتم على هذا داخل البرلمان باستغلال الأغلبية البرلمانية (حيث يهيمن حزب العدالة والتنمية الحاكم على البرلمان).

وأشار كذلك إلى أن “تركيا تحتل المرتبة 96 من بين 180 دولة في مؤشر الفساد. عندما تولى حزب العدالة والتنمية الحكم كانت تركيا في المرتبة 64 والآن بلغت 96. تراجعنا 32 مرتبة خلال حكم العدالة والتنمية”.

وأحرج زعيم المافيا في تركيا الذي كان يتمتع بصلات وثيقة مع وزراء ومسؤولين في الدولة بما في ذلك الدائرة المقربة من الرئيس وقيادات من حزب العدالة والتنمية، السلطة بعد أن كشف في سلسلة تغريدات عبر تويتر عن شبكة فساد واسعة ومعقدة ورشوة، مشيرا إلى أن رئيس هيئة أسواق رأس المال وهو أيضا مستشار للرئيس التركي، يتزعم هذه الشبكة.

وفجرت تغريداته على تويتر وفيديوهات نشرها على يوتيوب، جدلا في تركيا التي تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية دفعت الرئيس رجب طيب أردوغان لمخاطبة الأتراك ومطالبتهم بالتحلي بالصبر مع وعود فضفاضة بتحسين الوضع المعيشي، فيما تجاوزت نسبة التضخم عتبة الـ80 بالمئة بحسب بيانات رسمية فيما تقول مجموعة خبراء مستقلين إن النسبة الحقيقية تفوق 170 بالمئة.

جدير بالذكر ان منظمة الشفافية الدولية قد وضعت تركيا في المرتبة 91 من بين 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2021 .

وتُظهر تقارير الفساد الدولية أن الفساد أصبح أكثر انتشارًا في القطاعين العام والخاص في تركيا في ظل حكم أردوغان لمدة عقدين تقريبًا في السلطة.

كما وضع مشروع العدالة العالمية ، وهو منظمة دولية مقرها الولايات المتحدة ، تركيا في المرتبة 117 من 139 دولة في مؤشر سيادة القانون لعام 2021.

وفي فبراير الماضي، وفي أعقاب تحسّن العلاقات بشكل ملحوظ بين تركيا والإمارات، طلبت وزارة العدل التركية من أبوظبي إلقاء القبض على زعيم المافيا التركي الهارب سادات بيكر وتسليمه، لكن يبدو أنه ما زال طليقا ومن غير المؤكد بقاءه في دبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى