أيها الوطن ارفع سقفك كي أستطيع تحته أن أرفع رأسي
في ذكرى هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يقف الإنسان متأملاً عظمة هذا النبي وعظمة رسالته، حيث ضرب لنا أروع المثل في إقامة روح العدل والتآخي والحضارة والنور والهدى
تأتي هذه المناسبة الكريمة وامة الضاد تعيش في فترة تمزق فكري واخلاقي واجتماعي.. فهذا زمن الفتن والتشرذم القبلي والطائفي والمذهبي والهويات الفرعية واضمحلال لمفهوم الدولة الواحدة و الامة الواحدة والرسالة الخالدة.. زمن كثر فيه الجدل بغير علم والخوض في دين الله بلا هدى ولا كتاب منير، قل فيه اهل العلم الموثوقون المؤتمنون على “المشروع النهضوي” لهذه الامة فانتصب للناس وعاظ السلاطين ورؤوس الجهل والجهالة يفتونهم حسب رغبة السلطان فضلوا واضلوا العباد، واصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا والحسن قبحا والقبح حسنا، وفي غياب العلماء الربانيون – ورثة الانبياء والرسل – ظهر الدواعش وخوارج هذا العصر فنصبوا انفسهم امراء وعلماء فكفروا العباد وقطعوا الرؤوس وفجروا دور العبادة وكل منجز حضاري انساني باسم الدين – والدين برا مما يصنعون ، فتبدلت الاحوال وانهار البنيان العظيم وتمزقت الوحدة المنشودة ولف الضباب مفهومها ومضمونها.
لقد اذهل هذا المشهد العلماء والمفكرين رواد الفكر العربي والإسلامي المؤمنين بحتمية وحدة هذه الامة من المحيط الى الخليج، وامام هذا المشهد المأساوي وقف شرفاء الامة يتطلعون هنا وهناك لا يدرون ما العمل ، فانبعثت من بين الركام والزحام صرخات تنادي بضرورة الاصلاح السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والى ضرورة تصحيح المسيرة وإزالة أسباب التشرذم وإعادة بناء الانسان العربي نفسيا وفكريا وثقافيا، بناء يجعل منه مواطنا يعتز بانتمائه الى وطنه يؤمن بقيم وتراث امته ويصبوا الى تحقيق المجتمع العربي الديمقراطي يوفر الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع، ويوجه البوصله نحو القضية الاولى لامة الضاد – فلسطين – فهي الجامع الرئيس لامتنا العربية وهي الالهام لكل مشاريع التحرر من بقايا الاحتلال والاستعمار الصهيوني.. وشعبنا في الاردن يقف مع بقية شعوب الامة العربية في مواجهة افات العصر من الخوارج والدواعش والتحديات الاخرى بقوة وكرامة ليلعب دورة الطليعي في معركة التقدم والبناء والتطور الإنساني، يستمد عزيمته من مخزونه الروحي والمادي الزاخر بتراب ارضه وسماءه وفكرة التوحيد والوحدة العميقة الجذور والابعاد في القيم الانسانية السامية.. في الاخاء الانساني الاول والمواطنة وقيم العمل والانتاج والعدالة الاجتماعية بين العباد وحرية العبادة والاعتقاد وحرية الراي.
انها مبادىء وثيقة المدينة ودستور دولة المدينة التي شرعها صاحب الهجرة سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام عندما دخل المدينة مسالما مؤسسا لنهضة الانسان والعمران في الدارين معا، وموحدا لفلسفة وجود خالق واحد والتي هي الاس والمقام في فلسفة دعوته التوحدية وجودة وعنوان نضاله وكبريائه الانساني الخالد .