عقاقير مكافحة الشيخوخة ستطيل أعمارنا إلى 200 سنة.. فهل نستطيع تحمل كل هذه المدة ؟؟

هذا الاوان يجرى العمل حثيثا لانتاج دواء في شكل حبوب يقضي على الخلايا المسؤولة عن تقدُّم الشيخوخة في جسم الإنسان؛ مما قد يضاعف من اعمارنا؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يجد هذا الأمر رغبةً لدى اكثرية الناس، ام ان هناك من لا يطيق العيش لمدة قرنين من الزمان؟

فقد نشر موقع «ثريد» المتخصص في العلوم والتكنولوجيا مقالًا للكاتبة جيسيكا برين حول دواءٍ جديدٍ يعمل عليه الباحثون، يمكنه أن يطيل عمر الإنسان الى مئتي عامٍ، ولكن هل يرغب الإنسان العادي فعلًا في ذلك؟ وهل يتحمل الكوكب بموارده المحدودة عددًا كبيرًا من الأشخاص الذين يعيشون لمئتي عام؟
وتستهل الكاتبة مقالها بسؤال: هل أنت مستعد لتعيش مئة عام إضافية؟ نشر عالم الأحياء الحاسوبية البريطاني، الدكتور أندرو ستيل، كتابًا جديدًا عن طول عمر الإنسان، مجادلًا أنه من الممكن تمامًا لنا أن نستمر في الحياة لما يتجاوز قرنًا واحدًا بمساعدة نوعٍ معينٍ من الأدوية.
وذُكر في الكتاب، أن الأبحاث في مجال الأدوية المضادة للشيخوخة (senolytics) – وهي الأدوية التي تعمل على القضاء على الخلايا التي تؤدي إلى تدهور وظيفة الأنسجة – تُظهِر بالفعل نتائج واعدة، ويمكن أن تصبح متاحة في السوق في غضون العقد المقبل.

خلايا الزومبي
يقول الدكتور ستيل: «لا أعتقد أن هناك أي نوع من الحد الأقصى المطلق للمدة التي يمكننا أن نعيشها، ولا أستطيع أن أرى سببًا ماديًّا أو بيولوجيًّا لعدم إمكانية أن يعيش الناس حتى 200 عام؛ التحدي هو: هل بإمكاننا تطوير العلوم الطبية الحيوية لجعل ذلك ممكنًا».
وبمجرد التمكُّن من إتقان الدواء، سيدمر «خلايا الزومبي»، المعروفة علميًّا باسم الخلايا الشائخة، وتتوقف هذه الخلايا عن الانقسام على مدار حياتنا، وتتراكم داخل أجسامنا، وفي النهاية تُطلِق مركَّباتٍ تسرع من الشيخوخة.
وفي تجربة في عام 2020، أظهرت الفئران التي أُعطِيت الدواء تحسُّنًا في وظائفها البدنية وتحسَّنت صحتها وامتد عمرها، وبالنظر إلى أن وظائف الجينات في البشر والفئران متطابقة تقريبًا، يعتقد كثيرون أنه يمكننا جني الفوائد نفسها.

ما هي الجاذبية في طول العمر؟
إن اختراع هذا النوع من الأدوية يطرح السؤال الآتي: مَنْ يريد بالفعل أن يعيش حتى سن 200؟ حسنًا، قد تكون لديك فكرة بالفعل.
أولئك الذين يعبِّرون صراحةً عن رغبتهم في «العيش لمدة أطول من الإنسان العادي» هم من بين الأغنى في العالم، ويتمتعون بالفعل بنوعية حياة مميزة ومريحة ومرفَّهة للغاية مقارنةً بمعظم الآخرين.
وخير مثال على ذلك جيف بيزوس، الذي استثمر مؤخرًا جزءًا كبيرًا من ثروته في تطوير تكنولوجيا إعادة البرمجة الخلوية التي تعكس عمليات الشيخوخة؛ فالرجل (بيزوس) عازم على «العيش إلى الأبد»، ويبلغ صافي ثروته حوالي 200 مليار دولار، فهل يجد صعوبةً في أن يعيش لبضعة عقودٍ إضافية؟
وفيما يخص بقيتنا نحن البشر الفانين، قد تبدو فكرة إضافة مئة عام إلى عمرنا في وقتٍ، يبدو فيه أن الأمور تزداد سوءًا أمام أعيننا (تزايد عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، وتدهور النظم البيئية الطبيعية، واحترار المناخ) وكأنها قبول مواسم إضافية من المعاناة.
والغالبية منا لم يحصلوا – ومن المرجح أنهم لن يحصلوا أبدًا – على وضع الملياردير أو المليونير، فهل العيش حتى سن 200 أمر معقول؟ هل هو أمر قابل للاستدامة؟ وما هو حتى سن التقاعد عندما تستمر الحياة لمدة قرنين من الزمان؟
تضيف الكاتبة: «ربما أكون متشائمًا للغاية، وفيما يخص بعض الناس، قد تكمن الجاذبية في وجود مزيد من الوقت لتحقيق الأحلام والأهداف، وإنجاز أهم أعمال حياتهم، وعند النظر إلى الجانب المشرق، يمكنني أن أقف وراء هذا وأدعمه (إلى حدٍّ ما)، ولكن كما هو الحال مع كل شيء، هناك مشكلة تستحق التفكير فيها».

هل يمكن للأرض أن تعيل ملايين البشر؟
وتشير الكاتبة إلى أنه سيكون من المفيد التفكير في فوائد العيش لمدة 100 عام فقط، وفي الوقت نفسه التساؤل: هل يمكن أن يحافظ كوكب الأرض على سيناريو لا يتوقف فيه الناس عن الاعتماد عليه في الوقت المناسب، دعونا نرسم الصورة:
اليوم، يُعد 3.3 مليارات من الأشخاص معرضين بشدة لتغير المناخ؛ وهو رقم من المتوقع أن يرتفع في العقود القادمة، وتقدر منظمة الصحة العالمية أنه بين عامي 2030 و2050، ستؤدي ندرة الغذاء والمرض وإجهاد الحرارة الناجم عن المناخ إلى وفاة 250 ألف إضافية أو أكثر سنويًّا.
وفي خضم هذه التقديرات المروِّعة، يتَّخذ قادة العالم والشركات خطواتٍ بسيطة لإبطاء (الأفضل من ذلك، إيقاف) احترار الكواكب، وطوال الوقت، نقترب بسرعةٍ من عدد سكان العالم الذي يبلغ 8 مليارات نسمة؛ ضع في اعتبارك أن عديدًا من العلماء يعتقدون أن 9-10 مليارات هي السعة القصوى لأمِّنا الأرض، بناءً على حسابات توفر الموارد.
وعند الحديث عن الموارد، يعيش 698 مليون شخص – أي 9% من سكان العالم – تحت خط الفقر، ويكسبون حوالي 1.89 دولارات أمريكيَّة في اليوم، وعندما تكون الحياة اليومية مجرد مسألة بقاء للكثيرين، فما الذي سيحدث عندما تبدأ النخبة في المطالبة بأشياء مثل الماء والغذاء والطاقة تكفي لقرنٍ آخر؟
علاوةً على ذلك، من غير المحتمل أن تحصل الجماعات المحرومة اجتماعيًّا واقتصاديًّا على إمكانية الوصول إلى عقارٍ يتحدى العمر في المقام الأول، وهو ما يمثل عددًا قليلًا من المعضلات الأخلاقية الخطيرة الأخرى.
تستشهد الكاتبة بمقولة مارتن لوثر كينج الابن: «المهم، جودة الحياة، وليس طول العمر»، ومن المعقول أن نعتقد أن معظم الناس سيوافقون على ذلك، وإذا استُخدِم الدواء لمنع التدهور العام للصحة في أيامنا الأخيرة، لجَعَلَ الحياة أكثر متعةً بدلًا من تمديدها ككل، فربما يكون ذلك أكثر جاذبية.
ولكن إذا كان الكوكب الذي نعيش عليه لا يستطيع تحمل هذا الضغط، فكم من الناس سيعتقدون أن عيش قرنٍ آخر يبدو ممتعًا؟ إنه من المستحيل معرفة ذلك إلى أن تتم الموافقة على الدواء، ويوضع على الرفوف للبيع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى