اردوغان يشرب “مقلباً بارداً” من ابن سلمان الذي قدم الدعم السخي لمصر.. والعواطف فقط لتركيا
سبوتنيك عربي
في حين ينظر إلى الجولة الإقليمية التي أجراها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هذا الأسبوع، على أنها ضرورية واستباقية قبل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة وعقد لقاءات مع قادة السعودية، فإن ثمارها أيضا كانت متفاوتة بالنسبة للبلدان التي حل الأمير ضيفا بها.
الزيارة التي عقد خلالها ولي العهد السعودي لقاءات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ثم الملك الأردني عبد الله الثاني، وأخيرا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التوالي، شهدت مناقشات حول الموضوعات نفسها تقريبا، بما ذلك القضية الفلسطينية وأمن المنطقة والبرنامج النووي الإيراني.
لكن الجولة حملت فوائد اقتصادية وتجارية أيضا للبعض؛ في مصر مثلا، وقع الجانبان (القاهرة والرياضة) اتفاقيات تجارية واستثمارية بنحو 8 مليارات دولار بين القطاعين الخاصين في البلدين، وأيضا أعلنت السعودية عزمها قيادة استثمارات بقيمة 30 مليار دولار في مصر.
هذه المكاسب الاقتصادية من زيارة الأمير محمد، وإن كانت تؤكد عمق العلاقات التاريخية كما صرح الجانبان، فإنها تأتي في وقت تتوق فيه مصر لمثل هذه الاستثمارات والاتفاقيات، حيث تتعرض لضغوط شديدة من جراء ارتفاع أسعار السلع الأساسية بما في ذلك النفط والغذاء، تزامنا مع خروج جماعي للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، ما ترك الجنيه عرضة لضغوط قاسية.
في المقابل، وفي تركيا، التي بلغ التضخم فيها 73% عند أعلى مستوياته منذ عام 1998، وفقدت العملة ربع قيمتها وتراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ العام الماضي، يبدو أن مكاسب الزيارة كانت سياسية فقط، وإن كان ذلك مهما بعد سنوات من تأزم العلاقات بين البلدين، لكن حزمة من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية كانت كافية لإضفاء قدر من الراحة في الأسواق التركية المهتزة بالفعل.
في الوقت الراهن، ربما أكثر ما تحتاجه تركيا هو تدفق العملات من الخارج لإنعاش احتياطياتها من النقد الأجنبي لتخفيف الضغوط عن العملة المحلية، لا سيما كما فعلت الإمارات في وقت سابق من هذا العام، عندما وقعت اتفاقا بقيمة 5 مليارات دولار مع أنقرة.
وقد تكهن محللون بالفعل، أن أمرا كهذا ربما نوقش في الاجتماع بين ابن سلمان وأردوغان، ومع ذلك، لا يبدو أنهما توصلا إلى اتفاق ملموس بعد لقاء استمر ساعتين، وانتهى بصدور بيان مشترك من وزيري خارجية البلدين وليس على مستوى الزعيمين.
واكتفى البيان بالتعهد بتعميق العلاقات بين البلدين دون الإشارة إلى أي اتفاقيات اقتصادية. فيما أشارت تقارير إلى أن العشاء الرسمي الذي حضره كلا القائدين انتهى خلال أقل من ساعة، قبل أن يتوجه الأمير محمد إلى اجتماعه التالي.
وجاء في البيان أنهما يؤكدان “بأقوى صورة على عزمهما المشترك لتعزيز التعاون في العلاقات الثنائية بين البلدين بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية”، وأن الجانبين أشادا بالمقومات الاقتصادية الكبيرة للبلدين بصفتهما عضوين في مجموعة العشرين، والفرص التي تقدمها رؤية المملكة 2030 في مجالات عدة.
حتى خلال زيارة الأمير السعودي إلى الأردن، والتي كان لافتا خلالها العناق الحار عند استقباله من قبل الملك عبد الله ونجله الحسين، حققت عمان مكاسب اقتصادية لا بأس بها أيضا، حيث وقعت حزمة من الاتفاقيات بين الجانبين.
ومن بين هذه الصفقات؛ اتفاقية تطوير عقاري، واتفاقية لتدريب الكوادر في مجال الطاقة الذرية، واتفاقية لتوريد حمض الفوسفوريك، واتفاقية لمعالجة النفايات وبقايا مخلفات عضوية.
زيارة الأمير محمد إلى تركيا، تركت الباب مفتوحا بشأن التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين الذي تحرك الماء الراكد فيه أخيرا بعد سنوات من التدهور، لكن ما الذي كسبته أنقرة من هذه الزيارة؟ ولماذا لم يتم الإعلان عن أي دعم اقتصادية لها، أم مجرد بداية لما سيأتي بعد ذلك؟؟