وسط ترحيب رؤساء دول أميركا اللاتينية.. غوستافو بيترو أول مناضل يساري في تاريخ كولومبيا يفوز بالانتخابات الرئاسية

 

بوغوتا – وكالات

فاز المرشح اليساري غوستافو بيترو، امس الاحد، في الانتخابات الرئاسية في كولومبيا بعد حصوله على 50.47 بالمئة من الأصوات في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

وحسب النتائج الرسمية التي نشرتها الهيئة الوطنية المكلفة بتنظيم الانتخابات فإن بيترو أصبح أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا بعد فرز 99 بالمئة من الأصوات وحصوله على 50.47 بالمئة، في حين حصل منافسه المليونير رودولفو هيرنانديز على 47.27 بالمئة من الأصوات.

وكتب بيترو على تويتر تعليقا على فوزه في الانتخابات إن “اليوم هو يوم عيد للشعب فلنحتفل بأول انتصار شعبي” في حين اعترف منافسه هيرنانديز بالهزيمة في الانتخابات، وقال في بث حي عبر صفحته على فيس بوك: “أقبل النتيجة كما هي وآمل أن يعرف بيترو كيف يقود البلاد وأن يكون مخلصاً لخطابه المضاد للفساد”.

يشار إلى أن هذه المرة هي الثالثة التي يخوض فيها بيترو البالغ من العمر 62 عاماً انتخابات رئاسية حيث تمكن من الفوز في هذه الانتخابات التي دعي إليها نحو 39 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في 12 ألف مركز اقتراع تحت أنظار عشرات الآلاف من الناشطين الذين كلفوا من قبل المرشحين الرئيسيين وعدد كبير من المراقبين الدوليين خصوصاً بعثات الاتحاد الأوروبي ومنظمة الدول الأمريكية.

من هو أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا

بعد حصوله على 50,47% من الأصوات في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وفقاً لنتائج رسمية تشمل 99% من الأصوات، أصبح المرشح اليساري عن ائتلاف الميثاق التاريخي غوستافو بيترو أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا.

ولد غوستافو بيترو، في 19 نيسان/ أبريل 1960 في منطقة تُدعى مستنقع الذهب التابع لمقاطعة قرطبة في شمال كولومبيا. هو سياسي وخبير اقتصادي ومناضل مشهور انتسب منذ شبابه إلى حركة “19 أبريل”، وهي فصيلٌ حضريٌ مقاتل شارك في الصراع الداخلي المسلح بين عام 1974 حتى عام 1990 عندما تم حلها في سياق عملية السلام.

بعدها انتسب بيترو إلى حزب التحالف الديمقراطي الذي نشأ من حركة “19 نيسان”، وأصبح ثاني أهم قوة سياسية في الجمعية التأسيسية عام 1991، انتخب ليكون عضواً في مجلس النواب في انتخابات العام نفسه.

شغل منصب عمدة مدينة بوغوتا منذ 2012 وحتى 2015. وكان قد تخرج من جامعة كولومبيا إكسترنادو، وتخصص في الإدارة العامة والبيئة والتنمية السكانية يحمل ماجستير في الاقتصاد ودكتوراه في الاتجاهات الجديدة في إدارة الأعمال.

حاز جوائز عدّة منها: وسام لويس كارلوس غالان الذي تمنحه لجان الأخلاقيات بالكونغرس لمكافحته للفساد، وجائزة أمين المظالم عن عمله في مجال رعاية الحيوان، وجائزة الريادة العالمية في مجال المناخ. وحصل على لقب أستاذ فخري في الجماعة الوطنية “لانوس” لدفاعه عن حقوق الإنسان والسلام، وفي عام 2014 تم تكريمه باعتباره سادس أفضل عمدة في العالم.

عمل كملحقٍ دبلوماسي لحقوق الإنسان في سفارة كولومبيا في بلجيكا في عام 1994، وهو منصب شغله حتى عام 1996.

في عام 1998، عاد مرّة أخرى إلى مجلس النواب بتأييد من حركة “المسار البديل” التي أسسها مع أعضاء سابقين آخرين في حزب التحالف الديمقراطي، واختير في هذه الفترة كأفضل عضو في الكونغرس من قبل زملائه ومن قبل الصحافة الوطنية لإدانته للفساد ومناقشاته حول السيطرة السياسية.

شغل منصب عضو مجلس الشيوخ عن الجمهورية من عام 2006 إلى عام 2010، وفي تلك المرحلة كشف النقاب عن ما يسمى بالفضيحة شبه السياسية، والتي أظهرت صلات بين السياسيين والجماعات شبه العسكرية، وهو ما دفع إلى اختياره ليكون الشخصية السياسية لعام 2010.

ترشّح إلى الانتخابات الرئاسية في عام 2018 عن “الحركة الكبيرة – كولومبيا الإنسانية”، وحصل على أكثر من ثمانية ملايين صوت، وبحكم قانون المعارضة، من خلال الوصول إلى ثاني أعلى عدد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، أصبح عضواً في مجلس الشيوخ، وهو المنصب الذي يشغله حالياً.

وفي الانتخابات التشريعية التي جرت في 13 من شهر آذار/مارس، انتخب غوستافو بيترو كمرشح عن الميثاق التاريخي، بأصوات ما يقرب من 5 ملايين صوت، مؤكداً أنه في حال نجاحه في الانتخابات الرئاسية فإنه سيعيد العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع فنزويلا منذ عام 2019.

وقال مرشح تحالف القوى البديلة واليسارية، إنّه في حال فوزه في الجولة الثانية، سيقترح معاشاً لائقاً لكبار السن الذين لا يحصلون عليه اليوم، وتعليماً عاماً ومجانياً وجيداً، ووعد بتشكيل لجنة دولية للحد من الفساد ووضع خطة طوارئ ضد الجوع، وتقوية الشبكة العامة للمستشفيات لضمان تمكن الجميع من الحصول على الرعاية الصحية.

كما وعد بيترو بأنّه سينفذ اتفاقات السلام والأمن الإقليمي، ووقف الحرب وسيعمل على إحراز تقدم في الحوارات مع الجماعات المسلحة مثل جيش التحرير الوطني لإنهاء النزاعات الداخلية في البلاد.

وغرّد بعد فوزه في الانتخابات على تويتر قائلاً: “اليوم هو يوم عيد للشعب. فلنحتفل بأول انتصار شعبي”.

ويرى المراقبون أن بيترو قادر على الاستفادة من التعطش إلى التغيير الذي يتوق إليه الكولومبيون، فيما يُشكل توليه أعلى منصب في البلاد زلزالاً سياسياً في بلد يحتكر فيه المحافظون السلطة منذ عقود.

دول أميركا اللاتينية تشيد بفوز الرئيس بيترو

وقد أشاد رؤساء غالبية دول أميركا الجنوبية، سواء المنتمون منهم إلى اليسار الإصلاحي أو الثوري، بانتخاب الرئيس غوستافو بيترو، ليكون أول رئيس يساري في كولومبيا.

وغرد رئيس تشيلي، غابريال بوريك قائلاً: “تحدثت آنفاً إلى غوستافو بيترو مهنئناً بفوزه برئاسة كولومبيا مع فرانسيا ماركيز. أنا سعيد لأميركا اللاتينية! سنعمل معاً من أجل وحدة قارتنا في مواجهة تحديات عالم سريع التغير. إلى الأمام!”.

الرئيس الأرجنتيني، ألبيرتو فيرنانديز قال بدوره: “يملأني الفرح بالنصر الذي حقّقه غوستافو بيترو وفرانسيا ماركيز (…) نقلتُ آنفاً تهانيّ إلى الرئيس المنتخب بالثقة التي منحه إياها الشعب الكولومبي. انتصاره يؤكّد الديمقراطيّة ويضمن الطريق نحو أميركا لاتينية متكاملة في هذه الأوقات التي تتطلب أقصى قدر من التضامن بين الشعوب الشقيقة”.

أما الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، فغرّد قائلاً: “أهنّئ غوستافو بيترو وفرانسيا ماركيز بفوزهما التاريخي في الانتخابات الرئاسية في كولومبيا. لقد سُمع صوت إرادة الشعب الكولومبي الذي احتشد دفاعًا عن طريق الديموقراطيّة والسلام. أزمنةٌ جديدة تلوح في الأفق بالنسبة إلى هذا البلد الشقيق”.

النائب الأوّل لرئيس الحزب الحاكم في فنزويلا، ديوسدادو كابيلو، رأى من جهته أنّ “كولومبيا صوّتت من أجل التغيير. نتمنّى أكبر نجاح للرئيس بيترو ولنائبة الرئيس ماركيز، وللشعب الكولومبي”.

وقد اعتبر الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور فوز غوستافو بيترو “انتصاراً تاريخيّاً”. وقال: “لطالما كان المحافظون الكولومبيّون عنيدين وصارمين”.

رئيس كوبا، ميغيل دياز كانيل، هنأ في تغريدة له على تويتر الرئيس الكولومبي، قائلاً: “أتقدّم بالتهنئة الأخويّة من غوستافو بيترو بانتخابه رئيسًا لكولومبيا”، معتبراً أنّ الأمر يتعلّق بـ”انتصار شعبي تاريخي”. وأضاف “نكرّر رغبتنا في إحراز تقدّم في تطوير العلاقات الثنائيّة من أجل رفاهية شعوبنا”.

وكتب رئيس بوليفيا، لويس آرسي، في تويتر: “تهانينا للشعب الكولومبي! تهانينا للأخ غوستافو بيترو والأخت فرانسيا ماركيز بفوزهما اليوم في صناديق الاقتراع. التكامل في أميركا اللاتينية قد تَعَزّز. نشارك الشعب الكولومبي في احتفاله”.

أما رئيس البيرو، بيدرو كاستيلو: فقال: “اتّصلتُ آنفاً بغوستافو بيترو مهنئاً بفوزه الديموقراطي التاريخي في كولومبيا. نحن متّحدون بشعور مشترك يهدف إلى تحسين التكامل الجماعي والاجتماعي والإقليمي لشعوبنا. أخي غوستافو، يمكنك دوماً الاعتماد على دعم البيرو”.

وهكذا فقد تحقق الحلم وأصبح غوستافو بيترو، أمس الأحد، أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا، حاصداً 50,47% من الأصوات في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وفقاً لنتائج رسمية تشمل 99% من الأصوات التي جرى فرزها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى