39 عامًا على رحيل شرير السينما “الطيب” محمود المليجي

 

عملاق في التمثيل، يؤدي أدواره ببراعة ليس لها مثيل، عرف بشرير الشاشة لكثرة ما قدم من أدوار الشر فى أفلامه، ولقب بأنتونى كوين الشرق لأدائه العظيم فى فيلم “القادسية”، كما استطاع الفنان الكبير محمود المليجى أن يجمع بين أدوار الشر والخير فى اعماله حتى حقق جماهيرية واسعة طوال مشواره الفني.

ولد الفنان محمود المليجي بحي المغربلين بالقاهرة، ورحل فى مثل هذا اليوم 6 يونيو 1983، أي منذ 39 عامًا، عن السادسة والسبعين من عمره..

التحق فى بداية حياته بفرقة التمثيل بمدرسة الخديوية الثانوية حيث شجعه مدير المدرسة على التمثيل لإعجابه بأدائه، وعندما حضر الفنان المسرحى عزيز عيد ليدرب فريق المدرسة اعجب به وتنبأ له بمستقبل كبير مما دفعه الى التفانى فى تعلم التمثيل والاجتهاد فيه.

فى أحد عروض المدرسة حضرت الفنانة فاطمة رشدى مع عزيزعيد، وانبهرت بأدائه وعرضت عليه العمل فى فرقتها، فقدم أدوارا صغيرة فى مسرحيتى مجنون ليلى، 667 زيتون، مقابل اربعة جنيهات فى الشهر، ثم انتقل بعدها الى فرقة رمسيس للعمل ملقنا مقابل عشرة جنيهات شهريا.

أنتجت له فاطمة رشدى فيلما عرض بعنوان (الزواج على الطريقة الحديثة) عام 1932، ثم اختاره بدر لاما لأداء دور ورد غريم قيس فى قيس وليلى.

وكانت المرحلة الأهم فى حياته وقوفه أمام أم كلثوم فى أول أفلامها “وداد”.. ثم اختاره المخرج يوسف شاهين فى أشهر أدواره أحمد أبو سويلم فى فيلم “الأرض” عن قصة عبد الرحمن الشرقاوى، وصل عدد أفلامه إلى ما يقرب من 400 فيلم.. وكان قاسما مشتركا فى معظم أفلام اسماعيل يس وفريد شوقي.

وصفه المخرج يوسف شاهين بالفنان الذى يقدم دوره بتلقائية لا توجد عند أي ممثل آخر، ومن هنا كان شريكا في معظم أفلام محمود المليجي.

كما وصفه اكثر النقاد السينمائيين بالنجم الكبير الذي لم يكن مجرد ممثل، بل كـان فنانًا كبيرًا عاش ليقدم لنا دروسًا في الحياة من خلال فنه العظيم، وإنسانًا راقيًا كان بمثابة الأب الروحي لعدد كبير من النجوم.

كانت معظم أدواره، حتى أدوار الشر، تهدف إلى مزيد من الحب والخير والإخـلاص للناس والـوطن.. كـان مدرسـة فنـية في حـد ذاته.. وكان بحق أستاذا في فن التمثيل العـفوي الطبـيعي، البعـيدـ كل البـعد عن أي انفعال أو تشـنج أو عصبـية.. كـان يقـنع المتــفرج أنـه لا يمـثل، ومـن ثـم اكتسب حـب الجماهير وثقتهم.

إنه «محمد أبو سويلم» الذى شاهدناه وهو مكبل بالحبال تجره الخيل على الأرض ويحاول التـشـبث بجذورها، هو الفنان الكبير محمود المليجي الذى تحل اليوم ذكرى وفاته الـ39، حيث رحل فى مثل هذا اليوم من عام ١٩٨٣.

لم تكن روعة محمود المليجي في فيلم الأرض تكمن في الأداء فقـط، بل في أنه كـان يؤدي دورا معبرا عن حقيقته، خاصة عندما رفض تنفـيذ هذا المـشـهد باسـتخدام بديل «دوبلير»، وأصر على تنفـيذه بنفسه.

قدَم «المليجى» أكثر من ٧٥٠ عملًا فنيًا، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة، وأطلق عليه الفنانون العرب لقب «أنتوني كوين الشرق»، بعدما شاهدوه يؤدي نفس الدور الذي أداه أنتوني كوين في النسخة الأجنبية من فيلم «القادسية» بنفس الاتقان، بل وأفضل كان دوره في فيلم «قيس وليلى»، هو بداية أدوار الشر له، والتي استمرت في السينما قـرابة الثـلاثين عامًا. حـيث قـدم مـع فـريـد شـوقـي ثنائيًا فنيًا ناجحًا، كانت حصيلته أربعمائة فيلم.

وكانت نقطة التحول في حياة «المليجي» في عـام 1970، عندما اختاره المخرج يوسف شاهين لقيام بدور «محمد أبوسويلم» في فيلم «الأرض». فقد عمل فيما بعد في جميع أفلام يوسف شاهين، وهي: «الاختيار، العصفور، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، حدوتة مصرية».

محمود المليجي لم يكن فنانًا عاديًا بل دخل مجال الإنتاج الـسـينمائي مساهـمة منه في رفـع مـستوى الإنتـاج الفني، ومحـاربة مـوجة الأفـلام الـساذجة، فـقدم مجموعة من الأفلام، منها على سبيل المثال: «الملاك الأبيض، الأم القاتلة، سوق الـسلاح، المقامر»، وقدم الكثير من الوجوه الجديدة للسينما، فهو أول من قدم فريد شـوقي، تحية كاريوكا، محسن سرحان، حسن يوسف، وغيرهم.

نجح محمود المليجي في تجسيد مختلف الأدوار، وتقمص أكثر من شخصية: «الـلص، المجرم، القوى، العاشق، رجل المباحـث، البوليس، الباشـا، الكهـل، الفـلاح، الطبيب، المحامي» كما أدى أيضًا أدوارًا كوميدية.

ومثلما كان «المليجى» فنانًا صادقًا مع نفسه كان كذلك مع رفيقة عمره الفنانة علوية جميل، التي تزوجها سنة 1939 وبقى مخلصا لها على مدى أربعة وأربعـين عامـًا حتى وفــاته، كما كـان إنسانًا مع زملائه الفنانين، وأبًا روحيًا لهم، ورمزًا للعـطاء والبـذل والصمود أمام كـل تيـارات الفن الرخيص، رغم أنه اضطر للعمل في أعمال تجارية في السبعينيات مثل «ألو أنا القطة»، إلا أنه يعد رمزًا لفنان احترم نفسه فاحترمه جمهوره.

رحل «المليجى» في ٦ يونيو عام 1983 إثر أزمة قلبية حادة بعد رحـلة عطاء مـع الفن استمرت أكـثر من نصف قـرن، قدَم خلالها أكثر من ٧٥٠ عملًا فنيًا، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة، وكما يموت المحارب في ميدان المعركة، مات محمود المليجي في مكان التصوير، وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيـلم التليفزيوني «أيوب» فجـأة، فأثناء تناوله القهوة مع صديقه عمر الشريف سقط «المليجي» وسط دهشة الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى