لماذا لا نفكر في بناء مدن للزراعة المختلطه؟

يشهد العالم تطورا سريعا وكبيرا في مجال الصناعه وانشاء المدن الصناعيه، وفي نفس الوقت في زيادة مضطردة في عدد السكان، وفي نفس المقام يعاني العالم من نقص شديد وحاد في توفير الغذاء ومصادر انتاجه.. والاردن لا يعيش بمعزل عن هذه التطورات، فلدينا زيادة مستمرة في عدد السكان وشح في الموارد الاقتصاديه وزيادة في الطلب على مصادر الغذاء الاساسيه الذي يشكل حاجة اساسية للفرد تسعى الدولة بكافة مؤسساتها الى توفيرها في السوق المحلي وعلى حساب مدخراتها من العملة الصعبه في البنوك الوطنيه.

لقد بدأ الريف المنتج سابقا الى الزحف تجاه التحضر والتمدن، وهذه الظاهرة ابعدت السكان عن العمل في الزراعه كمهنة اساسيه، كما اصبحت هذه المناطق تعتمد في غذائها على منتوجات المدن الصناعيه وما تنتجه هذه المدن وليس العكس حتى انني سمعت من بعض الاخوة ممن يسكنون القرى المجاورة للعاصمة انهم يقومون باحضار الخبز لاسرهم من عمان، وهنا تكمن الطامة الكبرى.. فبدل ان تكون القرى سلة الغذاء ومصدر الانتاج الزراعي، اصبحت تستورد حاجاتها الاساسيه من المدن المجاورة والتي هي ايضا مستورده من خارج حدود الوطن .

من هنا فان فكرة انشاء مدن للزراعة المختلطه اصبحت ضرورة معيشيه بالدرجة الاولى، وذلك من خلال تحديد اراضٍ مما تصلح للزراعة وتربية المواشي والطيور وتحصينها بقوانين محليه تعطيها الصفه الشرعيه لانتاج المنتوجات الزراعيه الاساسيه من قمح وشعير وعدس وحمص وخلافه، وفي نفس الوقت يتم انشاء مزارع للابقار والطيور بانواعها حتى نتمكن من توفير مصادر غذائنا محليا وتوفير فرص عمل دائمه للعاطلين عن العمل، وهذه المدن على المدى البعيد ستعمل على تحقيق عدد كبير من الاهداف منها توفير السلع الاساسيه في السوق المحلي، وتجويد الانتاج الزراعي، وتوفير العملات الصعبه، وبناء قاعدة زراعية متقدمه، وتنشيط البحث العلمي في مجال تطوير المنتوجات الزراعيه، والاستفادة من الفائض في التصدير والانتاج الصناعي الزراعي.

ان فكرة إنشاء المدن الزراعيه ستجلب الاستثمارات الخارجيه في مجال مضمون، فالناس بحاجة الى رغيف الخبز بعد كأس الماء النظيف، وبحاجة الى لحوم الدواجن والمواشي حتى تتمكن من العيش الصحي الامن.

وعليه.. فان فكرة اقامة المدن الزراعية المختلطه ليست خياليه، بل فكرة جديرة بالقراءة المتأنية حتى نتمكن من انتاج خبزنا مصدر قوتنا اليومي، والاهم من ذلك امتلاك استقلالية قرارنا السياسي.. فمن لا يملك مقومات انتاج قوته لا يملك قراره السياسي ولا استقلاله الوطني، لهذا علينا ان نفكر اليوم بهذا المشروع قبل الغد.. فلا خير في امة تاكل مما لا تنتج وتلبس مما لا تنسج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى