العلاقات الجزائرية التركية في ظل غياب الاستراتيجية المغاربية

 

تٌعَدُّ الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تركيا يوم الأحد 15آيار/مايو 2022، وجاءت بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يسعى لتعزيز علاقات بلاده مع الجزائر سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، تحولاً استراتيجيًا في تطوير العلاقات الجزائرية – التركية، لا سيما في الجانب الاقتصادي وسعي البلدين لبناء شراكة اقتصادية ثنائية ،وأخرى مشتركة في القارة الإفريقية.
ومنذ توقيع اتفاقية التعاون بين الجزائر وتركيا عام 2006، تشهد العلاقات الاقتصادية الجزائرية -التركية تطورًا بارزًا، وصل إلى مستوى شراكةٍ اقتصاديةٍ أكبر، لا سيما بعدما أَزَاحَتْ تركيا في مجال ارتفاع حجم الاستثمارات في السوق الجزائرية بنحو 5 مليارات دولار ،الموقع الذي كانت تحتله فرنسا ،بناء على معطياتٍ إحصائيةٍ من المراجع الرسمية للدولتين، وهو ما يعكس رهانًا جزائريًا على القوة الإقليمية التركية الصاعدة والأقطاب الاقتصادية الناشئة،في الشرق.
تطور العلاقات الاقتصادية مع تركيا مقابل تدهور نظيرتها مع فرنسا
من الناحية التاريخية،تعود العلاقات الجزائرية -التركية إلى خمسة قرون مضتْ، عندما وصل القائد العثماني خير الدين بربروس إلى شمال إفريقيا في 1516، ولعب دوراً أساسياً لجهة مواجهة الإسبان والفرنسيين في حملات القرصنة،ورفض الكاثوليكية، والتحكم التي كانوا يقومون بها في البحر الأبيض المتوسط والسيطرة على السفن التجارية. وقد احتفلت الجزائر وتركيا في 2016 بمرور 500 عام على العلاقات بينهما.
غير أنَّ تطور العلاقات الجزائرية – التركية،أخذت منحىً جديدًا مع تزايد اهتمام تركيا بالقارة الإفريقية منذ عام 2005،لتوسيع مجال استثماراتها ،وتحقيق اختراقٍ كبيرٍ للسوق الإفريقية الواعدة،التي تتنافس عليها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين ،والكيان الصهيوني،والهند وإيران، إذْ احتضنتْ أنقرة القمة الأولى للتعاون التركي-الإفريقي في 2008، وقيام كل من أردوغان الذي كان يترأس الحكومة ،والرئيس التركي السابق عبد الله غل، بزيارات عدة إلى بلدان إفريقية. فقد زار أردوغان منذ وصوله إلى السلطة عام 2003، القارة السمراء أكثر من أي زعيم عالمي آخَر، وتجاوز عدد الدول التي زارها أردوغان 30 دولة.
وكانت زيارة الرئيس التركي أردوغان للجزائر في 26 يناير/كانون الثاني 2020 مناسَبة مهمة للبلدين من أجل تعزيز العلاقات بينهما، اقتصادياً ودبلوماسياً وثقافياً وأمنياً واستراتيجياً.غير أنَّ الاهتمام التركي بالجزائر يأتي أيضًا، نظرًا للمكانة الجغرافية السياسية لهذا البلد ، كبوابة رئيسية لمنطقة شمال إفريقيا(100مليون نسمة) ،وللقارة السمراء(1.2مليار نسمة)، إضافة للثروات الهائلة التي تتمتع بها الجزائر،فهي تحتل المرتبة 9 عالمياً في إنتاج الغاز الطبيعي، ولها عاشر احتياطي عالمي منه. كما تحتلّ الجزائر المرتبة 16 عالمياً في احتياطي النفط. وتحتلّ الجزائر ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي لتركيا بعد روسيا وإيران.
يؤكد الخبراء في الاقتصاد المهتمون بالشأن الجزائري، أنَّ تركيا استفادت من عاملين رئيسيين:
الأول :فشل الشراكة الأورومتوسطية بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، واتسام علاقة الجزائر مع مكونات الغرب، سواء كانت الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي ودوله أو حلف شمال الأطلسي، بالحذر لاعتبارات سياسية وتاريخية.
الثاني :تدهور العلاقات الاقتصادية الفرنسية – الجزائرية،وهذا ما عبر عنه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون -في مقابلة مع مجلة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية- أواخر مايو/أيار 2021، حين قال :إنَّ “الجزائر تتمتع بعلاقات ممتازة مع الأتراك ،خصوصاً بعدما أزاحت أنقرة باريس من تصدّر لائحة المستثمرين في الجزائر، وباتت تحتل الصدارة بحجم 5مليارات دولار. في الوقت نفسه، كان حجم الاستثمارات الفرنسية يسجل تراجعاً كبيراً لاعتبارات سياسية بالأساس ولتغير في العلاقة بين الجزائر وباريس. لكنَّ تبون رد قائلاً: “أولئك الذين أزعجتهم هذه العلاقة بين الجزائر وتركيا، عليهم فقط أن يأتوا ويستثمروا عندنا”.
الاستفادة التركية من تدهور العلاقات الفرنسية -الجزائرية في مجال الاستثمارات ، يمكن تفسيره أيضًا برغبة الجزائر في التحرر من قيود التبعية والضغوط الفرنسية التي كانت تعرقل لعقود طويلة كل محاولات تطوير الجزائر علاقاتها الاقتصادية و السياسية مع البلدان العربية والإسلامية الوازنة في العالم العربي والإسلامي ، لا سيما أنَّ تمركز اللوبيات الموالية لباريس ومافيات الفساد في عمق السلطة والإدارة الجزائرية، أو ما يسمى “حزب فرنسا في الجزائر”، أعاق كل رغبة في حضور اقتصادي وسياسي لقوى من خارج الدائرة الغربية، واستهدف بالأساس الاستثمارات الآتية من الشرق عموماً، وبطبيعة الحال ما ينطبق في هذه الحالة على الجزائر ،ينطبق على كل من تونس ،والمغرب.
نحو شراكة اقتصادية تركية – جزائرية واعدة
وفي تقييم المؤشر التعاوني بين الجزائر وباريس منذ مجيء الرئيس تبون، يعتبر الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمن تومي أنَّ التعاون مع فرنسا يتسم بالانحدار الدراماتيكي لعدة عوامل، أهمها الماضي الاستعماري لفرنسا،وعدم قبول باريس تقديم اعتذار للشعب الجزائري، والرغبة في إبقاء الحكومات الفرنسية المتعاقبة الجزائر سوقًا، عبر النفوذ في صناعة القرار داخل أروقة السلطة الجزائرية.
وكانت الدولة الجزائرية أوقفتْ العمل مع مكاتب الدراسات الأجنبية في المشاريع الكبرى، وأغلبها فرنسية، إذ كانت تستنزف الخزينة الجزائرية 10 مليارات دولار سنويًا،وهي ظاهرة منتشرة في العديد من البلدان العربية التي تعتمد على الخبراء الأجانب،بدلا من الخبراء العرب.
ومن مؤشرات تدهور العلاقات الاقتصادية-الجزائرية، تراجع واردات الجزائر من القمح الفرنسي بنسبة 50% لسنة 2020، وهي الأولى من نوعها منذ 58 سنة،حيث خسرت فرنسا نحو 2.5 مليار دولار، إضافة إلى عدم تجديد عقد تسيير المياه لشركة (سويز) الفرنسية، مما أدى إلى خسارتها 277 مليون دولار، وكذلك عدم تجديد عقد مترو الجزائر، بخسارة قدرها 130 مليون دولار.
كما سجل رفض السلطات الجزائرية استحواذ شركة “توتال “(Total) على حصة “أناداركو للنفط” (Anadarko Petroleum) الأمريكية بـ5.5 مليارات دولار، فضلا عن عدم تمكين الشركات الفرنسية سابقا من صفقات المسجد الأعظم بنحو 2 مليار دولار.
واعتبر تلك المؤشرات أدلة بارزة على وجود نية صادقة لدى السلطات الجزائرية في التوجه نحو جهات أخرى أكثر ثقةً وربحًا وأمانًا لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
من جهته، قال رئيس منتدى الأعمال الجزائري مراد عروج إنَّ السوق الجزائرية بمختلف قطاعاتها كانت حكرًا على الشركات الفرنسية حتى عام 2006، في حين تدخلها 70% من البضائع الأوربية عبر المؤسسات الفرنسية.
وانتقد عروج تركيز الطرف الفرنسي على قطاع الخدمات، على غرار تسيير الشركات العمومية ونشاط البنوك والتأمينات والاستشارات “بدون استثمار الأموال، بل (الاستثمار) بموارد الخزينة الجزائرية ومدخرات المواطنين، مقابل امتيازات تفضيلية لا مثيل لها”.
في مقابل تدهور العلاقات الاقتصادية الفرنسية الجزائرية ،شهدتْ نظيرتها الجزائرية التركية تصاعدًا ملحوظًا، في ما يبدو فرصة تاريخية للجزائر وأنقرة للتخلص من نفوذ باريس، بحسب مراقبين.فقد وقعت المؤسسة الوطنية للمحروقات في الجزائر (سوناطراك) مع شركة “رونيسانس” التركية 3 عقود لتطوير المشروع البتروكيميائي، لإنتاج البوليبروبيلان بمدينة جيهان التركية، بتكلفة قدرها 1.4 مليار دولار.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا و الجزائر في نهاية 2020 نحو 4 مليارات دولار، ضمن خطة تستهدف 10 مليارات دولار بحلول نهاية 2030، بما يمهد إلى شراكة إستراتيجية تُتوج بالتوقيع على اتفاقيةِ منطقةٍ تبادلٍ حُرٍّ.
كما سجلت تركيا مع نهاية 2020 استثمارات فاقتْ 5 مليارات دولار في الجزائر، متفوقة على فرنسا الشريك التقليدي بضعف الغلاف المالي، وذلك عبر تواجد1300 شركة ناشطة في مختلف القطاعات، أهمها شركة “توسيالي للحديد والصلب” بـ2.5 مليار دولار، وصناعة النسيج بقيمة 200 مليون دولار، مع توفير أكثر من 30 ألف وظيفة، إضافة إلى شركات الإنجاز العقارية التي كان لها النصيب الثاني بعد الصين. يضاف إلى ذلك فإنَّ أنقرة تسعى لتعزيز التعاون في مجال الطاقة مع الجزائر عبر زيادة الاعتماد على الغاز الجزائري والتعاون مع شركات طاقة جزائرية في مشاريع واعدة على الأراضي التركية، إلى جانب الاتفاقيات الأخيرة في مجال تطوير النقل البحري والموانئ.
وما يؤكد تطور العلاقات الاقتصادية التركية-الجزائرية، الزيادة الملحوظة في الجالية التركية التي تجاوزت 25 ألف تركي وأكثر من 35 رحلة جوية أسبوعية للخطوط التركية.
ورغم أنَّ الشركات التركية واجهتْ عقباتٍ كبيرةٍ في الجزائر وموانعٍ من مسؤولين بالوزارات، وصلتْ إلى حدِّ إلغاء صفقاتٍ فازت بها في قطاع المنشآت والطرقات والجسور والسكك الحديدية والأدوية، عن طريق اللوبي الفرنسي المتجذر في مراكز الحكم،والاقتصاد، والإدارة في الجزائر، فإنَّ تركيا اليوم في ظل توجه السياسة الإقليمية و الدولية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون شرقًا، تَحُوزُ اليوم فرصًا كثيرةً وقويةً لترقية علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر بفعل امتيازاتٍ غاية في الأهمية، برزتْ مع صادرات الجزائر من الحديد والتعاون في الطاقة، خاصة البتروكيمياويات.
وتبد آفاق الشراكة التركية مع الجزائر واعدةً، لا سيما في ميدان الصناعات الصيدلانية ومواد التجميل والصناعات الغذائية والتحويلية والنسيجية ومقاولات الأشغال والميكانيك.كما دخلت الاستثمارات التركية قطاعات الطب والرقمنة والسياحة والتعليم والصحة والمياه والفلاحة والطرقات، وهي تتطلع إلى الاستفادة من إنجاز ميناء الحمدانيّة الكبير، ضمن مشروع طريق الحرير الصيني.
ويكشف الخبراء الجزائريون أنَّ تطور التعاون التركي -الجزائري يأتي من دون قيدٍ أو شرطٍ سياسيٍّ، مما يُضْفِي طابع الثقة والتقارب أكثر في مجالات أخرى ذات مستوى أعلى، ويخلصون إلى القول أنَّ الشريك التركي سيكون بديلاً اقتصاديًا عن النفوذ الفرنسي وأكثر إنصافًا وإنسانية ًمع الجزائريين في غضون 5 سنوات القادمة.
خاتمة: لماذا غابت الشراكة الاقتصادية بين بلدان المغرب العربي؟
منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم في الجزائر تبنَّى مواقف سياسية تتطابق مع التوجهات التركية في كثير من الملفات ومنها الملف الليبي عسكرياً وسياسياً، وما يتعلق بالتطورات الأخيرة في تونس، والمواقف التقليدية للبلدين من القضية الفلسطينية ومساعي إسرائيل للتغلغل في القارة الإفريقية من خلال الاتحاد الإفريقي، لكنَّ معظم المحللين في الشؤون المغاربية يؤكد أنَّ ما تم تحقيقه من إنجازاتٍ بين البلدان المغاربية في إطار الشراكة الأورومتوسطية مع الاتحاد الأوروبي يظَلُّ مُتَوَاضِعًا، وربما هزيلاً في بعض المجالات، ولا يسمو إلى ما تضمنته اتفاقيات الشراكة من طُمُوحٍ.
لكِنَّ إذا عُدْنَا إلى تاريخ المنطقة سَنُلاَحِظُ أنَّ دول المغرب العربي تُعَدُّ على المدى الطويل دائنة للبلدان الأوروبية بتخلفها أولاً، ثم بالإزدهار الذي عرفته بلدان الاتحاد الأوروبي التي كانت تستغل سيطرتها الاستعمارية على هذه الدول لاستغلال مواردها الطبيعية والبشرية والعمل على تحويل فوائضها الاقتصادية إلى بلدانها، ثانياً.
إلا أنَّ بعضَ الاقتصاديين المغاربة في تَقْييمِهِمْ للشراكة المغاربية -الأوروبية يَرَوْنَ أَنَّ إِبْرَامَ اتفاقية لإنشاء منطقةٍ تجارةٍ حُرَّةٍ مع الاتحاد الأوروبي يعني إنشاء فضاء تنافسي غير متكافئٍ، بين دول الاتحاد الأوروبي والدول الشريكة المصادقة على اتفاقية الغات، ممَّا سَيُؤَدِّي إلى جرِّ بعض هذه البلدان الشريكة إلى أَنْ تطالب بتعميم المعاملة الجبائية وإزالة الحواجز، ولهذا التعميم آثار سلبية متوقعة نتيجة الوضع اللامتكافئ بين دول المغرب العربي ودول الاتحاد الأوروبي.فدول المغرب العربي الأقل نموًا مطالبة بأنْ تقوضَ جهازها الحمائي، وهذا اللاتكافؤ يحتم تعويضًا ماليًا يهدف إلى دعم السياسات الاقتصادية وتكييف الاقتصاديات المغاربية مع منطقة التبادلِ الْحُرِّ.
وتبدو الفوائد الاقتصادية محدودةً بالنسبة لبلدان المغرب العربي التي تواجه صعوبات متزايدة ناجمة عن إزالة الرسوم الجمركية أمام المنتجات الأوروبية، وما يترتب عن ذلك من تقييد موارد الخزانة العامة.كما أنَّ الاستثمارات المباشرة الموعودة قد تأخرت وطال انتظارها، حيث يُفَضِلُ الأوروبيون حاليًا الاستثمار في بلدان وسط وشرق أوروبا، التي التحق 10 منها عام 2004 بالاتحاد، وهي تَتَوَفَرُ على استقرارٍ سياسيٍ وديموقراطيةٍ حقيقيةٍ وشفافيةٍ في الْأدَاءِ.
من هنا ،كان من المفروض على الدولة الجزائرية أن تبلور استراتيجية إقليمية لبناء شراكة اقتصادية وسياسية مع البلدان المغاربية، وإنشاءِ قُطْبٍ تَنْمًوِيٍّ إقليميٍّ يَضُمُ حوالي 100مليون مستهلك ،وتعزيز الاستثمارات المغاربية البينية،وتنقل السلع والأفراد ،وحرِّية تنقل حركة رأس المال ، وتطوير البنية التحتية في مجال الطرقات السريعة التي يجب أن تمتد من طرابلس الغرب إلى نواقشط ، وكذلك تطوير خطوط القطارات السريعة من الطراز العالمي بين البلدان المغاربية الخمسة.
وتزداد أهمية هذه الشراكة المغاربية مع فرص الدول المغاربية في التنسيق والتعاون فيما بينها لدخول السوق الإفريقية التي تحتوي على إمكانيات هائلة، جعلت القارة محلّ اهتمام وتنافس واضح في السنوات الأخيرة بين واشنطن وموسكو والصين التي ضمت إفريقيا إلى طريق الحرير باستثمارات تقدر بأكثر من 300 مليار دولار.
فالدولة الوطنية الجزائرية مطالبة دبلوماسياً وجيوسياسياً من بناء شراكة مغاربية تحظى بالأولوية ،ومن لعب دورٍ حيويٍّ في دعم الاستقرار في المنطقة المغاربية والإفريقية، والاستفادة من حجم السوق الإفريقية المقدّر بـ 1.2 مليار نسمة، ومبادلات تجارية بحدود 3 تريليونات دولار، مع ناتج داخلي قاري إجمالي لـ 54 دولة أفريقية يقدر بـ 2.7 تريليون دولار.بدلاً أن يلعب المغرب رأس جسر للشركات الصهيونية المتغلغلة تحت أسماء شركات مغربية في بلدان القارة الإفريقية، وتونس التي لا تزال سجينة لوبيات فرونكوفونية متعفنة في تبعيتها لفرنسا ومافيات فساد تدين بالولاء للغرب بشكل مطلق، وترفض تغيير المنوال التنموي الذي تهيمن عليه 45عائلة تونسية ، والاتجاه نحو بناء شراكات اقتصادية منتجة ومفيدة للشعب التونسي مع الأقطاب الاقتصادية الناشئة، مثل الصين ودول جنوب شرق آسيا ،وروسيا ،وجنوب إفريقيا ،والهند.
إنَّ تركيز الدول المغاربية إذا ماتوحدت في بناء شراكة اقتصادية فيما بينها ، ونجحت في التحدث مع العالم الخارجي كتتكل إقليمي واحد، قادرة على دخول منطقة التجارة الحرة الأفريقية بوصفه خيارًا إستراتيجيًا، وفرصةً من أجل تنويع الصادرات ومحاور الشراكات الاقتصادية وفق قاعدة “الكل رابح” وتحقيق هدف تقليص التبعية مع الاتحاد الأوروبي، والغرب عمومًا.
فالقدرات الكامنة في الاقتصاديات الأفريقية تشكل فرصة سانحة أمام الدول المغاربية لوضع إستراتيجية إقليمية موحدة لتعزيز تنافسية المؤسسات الوطنية-المغاربية ، والاستحواذ على حصص سوقية، خاصة في الصناعات التحويلية الغذائية والتجهيزات الإلكترونية والكهرومنزلية.
السؤال الذي يطرحه الخبراء والمحللون على النخب الحاكمة في البلدان المغاربية، التي تدَّعي احتكار الوطنية بينما هي تمارس سياسة التبعية للغرب، و التطبيع مع الكيان الصهيوني ، لماذا لا تقوم الدُّول المغاربية بذلك المجهود التحرُّرِي الحقيقيِّ لإحياء الإطار المغاربي، بوصفه البناء التّكاملي – الإدماجي الإقليمي الذّي يحفظ لها مصالحها في مواجهة القطب الأوروبي (الاتّحاد الأوروبي الذي تربطه بالدُّول المغاربية الثلاث اتفاقيات شراكة) من ناحية ، أو يعيد رسم معالم تلك المبادرات التعاونية على صعيدين المتوسّطي – الأوروبي والأوروبي – الأطلسي، من ناحية أخرى؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى