فى ذكرى ميلاده.. حوار مُمتع بين يوسف إدريس وفاتن حمامة

مرت، اليوم الخميس، الذكرى الـ95 لميلاد الاديب المصري يوسف إدريس، الذي ولد فى قرية “البيروم”، بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، يوم 19 مايو عام 1927، وعاش طفولته مع جدته بالقرية، وأكمل دراسته بالقاهرة، ثم التحق بكلية الطب في جامعة القاهرة، حيث حصل على درجة البكالوريوس عام 1951، فى الطب متخصصا فى الطب النفسى،

وقد عُينَ إدريس طبيبًا فى قصر العينى، لكنه استقال بعد 9 سنوات من العمل عام 1960، وقرر التفرغ للكتابة، وعُين محررًا بجريدة الجمهورية، وكاتبا فى جريدة الأهرام، وتوفى إدريس فى 1 أغسطس عام 1991 عن عمر ناهز 65 عامًا.

تزوج إدريس من السيدة رجاء الرفاعي، وله ثلاث أولاد، سامح، وبهاء، ونسمة، وانضم إلى “نادى القصة”، “جمعية الأدباء”، “اتحاد الكتاب”، و”نادى القلم الدولي”، حصل على العديد من الجوائز، أبرزها، وسام الجزائر، وسام الجمهورية، ووسام العلوم، والفنون من الطبقة الأولى.

تحولت روايات “إدريس” البارزة إلى أفلام سينمائية مثل رواية “الحرام”، ويوجد فى رصيد إدريس، العديد من المسرحيات، مثل “مللك القطن”، “المهزلة الأرضية”، “البهلوان”، “اللحظة الحرجة”، فيما تُعد أهم مقالات إدريس، “بصراحة غير مطلقة”، “اكتشاف قارة”، “شاهد عصر”، و”مدينة الملائكة”.

حوار نادر وساخن بينه وبين فاتن حمامة

في مايو عام 1968، ومن خلال البرنامج الإذاعى “الميكروفون مع..” الذى انفرد بفكرة استضافة كاتب كبير لفنانة شهيرة لإجراء حوار صحفى معها، كان اللقاء بين الأديب الكبير يوسف إدريس والفنانة فاتن حمامة، ودار الحوار التالى:

– قال الدكتور يوسف إدريس: في البداية هل هناك مقومات لنجاح الفنان غير الموهبة؟

* ردت فاتن حمامة بأن هناك أشياء كثيرة الى جانب الموهبة، منها المدة التي اشتغل بها الفنان فأنه كلما طالت المدة عاش الفنان في وجدان الناس لأنها تراه بانتظام وتشعر أنه يعيش معها، الشيء الثانى هو القبول أي أن الناس تقبلهم مباشرة وده شيء آلهى بغض النظر عن الشكل والسن، مما يعطى الفنان القوة، إلا أن الشرط هنا أن يجيد الفنان استعمال هذه القوة، فالفنان الذكى هو الذى يعرف كيف يقدم نفسه بشكل سليم ومقبول.

– سألها الأديب الكبير كيف يضيع الفنان ما بناه؟

* قالت على الفور: يضيعه بكلمة وحشة في مجلة أو تصريح مغرور في وسيلة إعلامية، فمثلا ممكن تكون مطربة ناجحة فنيا لكنها تلبس ملابس غير لائقة أو تصبغ شعرها أحمر أو أصفر لا يتناسب معها.. على طول يفقد الجمهور الإحساس بجمال صوتها لأن الجمهور يربط بين الإنسان وشخصيته وعمله الفني، أيضا الغرور والتعالى يفقدان الفنان الكثير وهنا يقع الفنان الذى ينجح فجأة فيختل توازنه ويتعالى على فنه ويسقط سريعا.

– سألها الدكتور يوسف إدريس: بعد رحلة فنية طويلة هل يجب ان تأخذ فاتن حمامة وقتا في الموافقة على أعمالها؟

* قالت فاتن: بعد كل هذه السنوات أصبح عندى ثقة بالنفس، لكن اتضح لى أننى في كل عمل فنى جديد أبدا في تصويره أشعر بالقلق والخوف وكأننى ما زلت في بداية حياتى الفنية وأرى العمل وحش مهما اجتهدت فيه كارهة للعمل لدرجة أننى ممكن أستخبى في أى مكان بعيد عن بلاتوه التصوير.

– سأل الدكتور إدريس فاتن عن رأيها في ارتباط فكرة الفنان بالجنون وكأن كلمة فنان أصبحت بديلة للجنون؟

* قالت فاتن: الفنان في رأيى إنسان حساس ومرهف الحس جدا وأحيانا تكون هذه الحساسية زيادة شوية فتجعله مختلف عن باقى الناس، لهذا يقال بسخرية ده فنان، لكن الفنان في النهاية شيء جميل ورائع.

– سأل إدريس عن سر هدوء فاتن وصمتها.

* فقالت ضاحكة: “أحب الإنصات ومراقبة الناس جدا، فالإنصات للناس يعلمنى ويفيدنى في شغلى جدا، وأحيانا عندما يُعرض على عمل جديد تقفز شخصية ما في ذهنى قابلتها في مكان ما ونسيتها تماما، هنا أستحضرها وأسترجع بذاكرتى أدق تفاصيل حركتها أثناء الكلام والمشى وطريقة نطق الكلام.

– سألها إدريس لمن تعطي فاتن حمامة أذنها؟
* قالت: استمتع جدا بالاستماع إلى الموسيقى الكلاسيك ولمطربينا الكبار، الست أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفيروز ووردة وشادية.

– ردا على سؤال وجهه ادريس عن أقرب أعمالها إلى قلبها.

* قالت: بصراحة أصعب الأعمال وأقربها إلى قلبى فيلم “دعاء الكروان”، لأن دكتور طه حسين كتب نصا مليئا بالوصف، فأحيانا يصف مشهدا في ثلاث صفحات وكل كلمة في هذه الصفحات لها أهميتها وضرورتها، أيضا الحوار في الجزء الثاني من الفيلم بين البطل والبطلة والتربص فيه كان من أصعب الحوارات، ولكي نصنع من نص كهذا عملا سينمائيا فذلك ليس سهلا، لكن الحقيقة أن المخرج هنرى بركات والسيناريست الكبير يوسف جوهر قدما عملا رائعا.
وأضافت فاتن حمامة: إن العمل الثاني بالنسبة لها هو قصتك، فقال إدريس: تقصدين رواية الحرام؟

* قالت طبعا فالرواية صعبة ومليئة بالخشونة وتصطدم بالواقع الاجتماعي، وتتحدث لأول مرة في السينما عن فئة وطبقة لم تقدمها من قبل، وهى فئة عمال التراحيل.

– سأل الدكتور إدريس عما لفت انتباهها في عزيزة بطلة الحرام؟

* فقالت فاتن: القهر والظلم الذى تعرضت له، صحيح هي أخطأت وهذا ليس مقصودًا من جانبها ولكن غصب عنها، وهذا القهر ما زالت تعانيه المرأة العربية، صحيح المرأة خرجت إلى التعليم لكن تظل المرأة البسيطة في المجتمعات الفقيرة تعانى القهر والظلم خاصة عندما يتم طلاقها.

– أخيرا سألها ادريس  عن أولوياتها في قراءة الصحف.

* قالت فاتن حمامة: أقرأ عناوين الصفحات الأولى، ولكني أواظب على قراءة الأعمدة والمقالات الصحفية لمصطفى أمين وأحمد بهاء الدين وأنيس منصور وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس.

فاتن حمامة ويوسف إدريس أثناء تصوير فيلم الحرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى