” المجــد” تستأنف مسيرتها، وتعاود النهوض برسالتها، وتُطل مُجدداً على جمهورها الاردني الحبيب
بقلم: فهــد الريمــــاوي

لأسباب وملابسات متعددة لا ضرورة لطرحها وشرحها، جرى نفي “المجد” من الوطن الاردني لما يُقارب الاسبوع، حيث تعرّض موقعها الالكتروني للحجب عن جمهورها العربي الاردني الذي عايشها وتفاعل مع خطابها القومي الناصري لما ينوف عن ٢٨ عاماً.
هذه ليست المرة الاولى أو حتى العاشرة التي تتعرض فيها “المجد” للمصادرة والحجب والتعطيل، فهناك ترسانة من العقوبات الظالمة والاجراءات التعسفية التي لحقت بها أيام كانت تصدر ورقياً، من مِثل سحب الترخيص، ومنع الطباعة، وعرقلة آليات التوزيع، وإرهاب المعلنين والمشتركين، وفرض الضرائب الجزافية، وحبس رئيس التحرير وجرجرته في المحاكم مراراً وتكراراً.
غير ان هذه هي المرة الاولى التي يجري فيها تعطيل “المجد” الالكترونية بقرار داخلي، والتي جاءت إستكمالاً للهجمة الضارية التي شنها قراصنة النازية في المانيا واوكرانيا منذ نحو شهرين، وإضطرتنا لإستبدال الشركة المُزودِة باخرى بريطانية اكثر حِرصاً واشد حماية.
حجب “المجد” وشلّ آلية إصدارها من الداخل الاردني يعني إضطرارها للانطلاق من الخارج، والانضمام الى المنابر والمنصات الاعلامية الاردنية المقيمة في المنافي، وهو الامر الذي يتعاكس تماماً مع مساعي وتطلعات الدولة الاردنية لاقناع تلك المنابر والمنصات المُعارضة، بالعودة الى أحضان الوطن، والصدور من داخله وتحت سقف لوائحه وقوانينه.
عموماً.. فقد عادت “المجد” الى بيتها الاردني، وإستأنفت هذه “الوقفية القومية” خطابها العروبي الوحدوي النهضوي الذي يحسبَه المهزومون صوت الماضي الفارط، وصدى الامس الغابر.. ولكننا – معشر القوميين الناصريين – نجزم أنه صوت المستقبل، ونداء الغد، وأذان الفجر الباكر، ومنطوق الحتمية التاريخية، ونشيد السائرين الى الأمام وليس الناظرين الى الوراء.
لا حرية او نهضة او تنمية او مكانة لائقة لهذه الامة العربية، إلا من خلال شكل من أشكال الوحدة او الاتحاد والتكامل السياسي والاقتصادي والعسكري.. فهذا هو الترياق السحري الكفيل بتنشيط مفاصل الامة، وتفعيل قواها، وبعث عَظَمتها، ووضعها مباشرة أمام واجباتها ومسؤولياتها.
أمة العرب ما ذهبت قط الى خيار الفُرقة، ولا سعت يوماً للتجزئة والمباعدة والتشطير، وإنما هي ضحية الاستعمار الاوروبي البغيض الذي أمعن فيها إحتلالاً وإستغلالاً وتفريقاً وتمزيقاً، ثم نَصّب عليها حكاماً وسلاطين، من عائلات وسُلالات أجنبية دخيلة وأعرابية عميلة، ظلوا يسبّحون بحمده ويدينون بالولاء والطاعة له، الى وقت نهاية الحرب العالمية الثانية، وبروز الشيطان الامريكي كقوة عظمى، سرعان ما إجتذبت هؤلاء السلاطين والحكام الخائبين للانخراط في طقوس التبعية والتذيل و”عبادة الشيطان”.
ما علينا، فالمهم ان “المجد” قد عادت الى الصدور، وبعودتها إسترجعنا نبض القلب، وفتحنا صفحة جديدة، وإستعادت شراييننا دورتها الدموية.. فـ”المجد” رفيقة درب، والصحافة معشوقة عُمْر، والقلم رسول بلاغة ما زال يسكب شهد المعاني في وعاء الكلمات.. وليس هناك اقسى على الكاتب من أن ينتهي دوره قبل إنتهاء عمره، وأن يغادر مهنته قبل فتور همته، وأن ينكسر قلمه قبل تحقيق حُلمه، وإن يكبو جواده قبل بلوغ مُراده.
ذات يوم بعيد أعجبني وأطربني قول الامام احمد بن حنبل: “مع المحبرة إلى المقبرة”، ولعله يسمح لي ان أقتدي به اليوم فأقول:”مع المجد إلى اللحد”.. وكل الشكر لمن أسهم في تجاوز هذه الإشكالية المباغتة، وعلى الله الإتكال.