إسرائيل تستغل الحرب الأوكرانية لتهجير اليهود إلى فلسطين

بقلم: توفيق المديني

في ظل ضراوة الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاثة أسابيع ،استغلت إسرائيل هذه الأزمة الأوكرانية لتشجيع هجرة اليهود الأوكرانيين إلى فلسطين المحتلة ، إذْ كشفتْ وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد أنَّ الكيان الصهيوني مستعدٌ لاستيعابِ أكثر من 100ألف يهودي من أوكرانيا(بكل تأكيد هذا العدد من اليهود مبالغ فيه).وتستهدف إسرائيل توطين اليهود القادمين من أوكرانيا في الضفة الغربية التي تريد ضَمَّها.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، دعا يهود أوكرانياالبالغ عددهم في الوقت الحالي 48000نسمة، إلى مغادرتها إلى إسرائيل، مؤكدًا أنَّ “كل يهودي ويهودية، في كل مكان في العالم، يعرف تمامًا أننا ننتظرهم هنا وأن باب دولة إسرائيل مفتوح دائمًا”.ووصف بينيت اللحظة الراهنة بالقول “هذه لحظات صعبة ومأساوية، وقلوبنا مع مواطني أوكرانيا الذين وجدوا أنفسهم في وضعٍ مماثل دون إثم اقترفوه”.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا،أقامت وزارة خارجية الإسرائيلية غرفة طوارئ “لبحث تطوّرات الوضع في أوكرانيا، في ظل وجود 8000 إسرائيلي هناك. وذكر موقع “ynet” الإسرائيلي أنَّه في العقد الماضي هاجر أكثر من 51000 يهودي من أوكرانيا، وفي السنوات الثلاث الماضية، هاجر حوالي 13000 يهودي.
وعرفت إسرائيل أكبر موجة من هجرة اليهود إليها عقب انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، إذْ استوعبتْ إسرائيل خلال بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين قرابة مليون مهاجر من الاتحاد السوفياتي السابق.
على الرغم من مشكلات الاستيعاب، فإنَّ هذه الهجرة ساهمت مساهمة كبيرة في نمو إسرائيل. نحو نصف المهاجرين البالغين الذين جاؤوا كانوا يحملون شهادة أكاديمية وتعليماً عالياً، وأصبحوا جزءاً مهماً في تأسيس صناعة الهاي – تك(la haute technologie). في إبان موجة الهجرة، وصل إلى إسرائيل 110 آلاف مهندس، و80 ألف تقني، و35 ألف أستاذ، و17 ألف عالم، و40 ألف طبيب وممرض، ونحو 60 ألف عامل صناعي.
وكانت المساهمة في نمو دولة إسرائيل كبيرة جداً، سواء بالمفهوم العام أو النسبي. يشكل الناتج المحلي العام مقياساً لاقتصاد البلد، لكنَّ الأهم منه هو الناتج الفردي العام. بينما الناتج العام الحالي في الصين هو 14.7 تريليون دولار، وفي إسرائيل هو “فقط” 402 مليار، فإنَّ نصيب الفرد من الناتج العام في الصين هو 8.840 دولارات، بينما في إسرائيل هو 43.600 دولاراً – أي خمسة أضعاف تقريباً. هجرة المهاجرين المتعلمين تشكل عاملاً مهماً جداً في النمو الاقتصادي في إسرائيل)حسب قول الأستاذ الجامعي، ميخائيل هومفرايس ،ى في مقالته :يسرائيل هيوم : الهجرة من أوكرانيا فرصة ذهبية للاقتصاد الإسرائيلي، بتاريخ 15مارس2022).
هذا وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أنَّها مستعدةٌ وجاهزةٌ لتقديم أي مساعدة إنسانية لليهود في أوكرانيا، ووجهت بتسهيل إصدار التأشيرات لهم عبر منصات الإنترنت، دون الاضطرار إلى مغادرة المنازل خوفا على سلامتهم. كما تعمل الحكومة الإسرائيلية بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأمريكي بايدن على القيام بدور الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، فإذا نجحتْ في هذه الوساطة ستتحول من دولة احتلال وقمع وعنصرية إلى (وسيطٍ دولي عادل)! يسعى لتجنيب العالم حرباً نووية ثالثة، حينئذٍ فإنَّ دول العالم ستكفُّ عن مطاردتها باعتبارها دولة أبارتهايد عنصرية.
الخلفية التاريخية لليهود في أوكرانيا
حسب الموسوعة الحرة ويكيبيديا،فإنَّ تاريخ اليهود في أوكرانيا يعود إلى أكثر من ألف عام، عندما تواجدت المجتمعات اليهودية في أراضي أوكرانيا في زمن “كييف روس” ، في أواخر القرن التاسع حتى منتصف القرن الثالث عشر، وطوروا العديد من التقاليد الدينية والثقافية اليهودية الأكثر تميزًا مثل حركة الحاسيديم.
يقدر عدد سكان أوكرانيا بحوالي 43.518.051 مليون نسمة. كما وتتعدد العرقيات التي ينحدر منها سكانها، حيث يشكل العرق الأوكراني ما نسبته 77.8 % من السكان. أما المجموعات العرقية الأخرى ففي مقدمتها الروس وتشكل نسبتهم 17.3 %. ثم البيلاروس ونسبتهم لا تتجاوز 0.6 %، والمولداف وتتارالقرم ونسبة كل منهم 0.5 %، والبلغار 0.4 %، والمجريون، واليهود 0.4 %، والرومان 0.3 % والبولنديون 0.3 %، والأرمن 0.2 %. أما اليونانيون وتتار أوروبا، فنسبتهم لا تتعدى 0.2 %. كذلك يلاحظ أن أوكرانيا تمتلك أحد أدنى معدلات الخصوبة في العالم.
وتشكل الجالية اليهودية في أوكرانيا ثالث أكبر جالية يهودية في أوروبا وخامس أكبر جالية في العالم، وفقًا للمؤتمر اليهودي العالمي.واجهت الجالية فترات من الاضطهاد والسياسات التمييزية المعادية للسامية، على الرغم من ازدهار ظروفها في بعض الأحيان. كانت اليديشية لغة دولة إلى جانب الأوكرانية والروسية في أوكرانيا الشعبية.وأُنشئ الاتحاد القومي اليهودي في ذلك الوقت، ومنح المجتمع اليهودي حق الحكم الذاتي. استُعملت اليديشية على العملة الأوكرانية بين 1917 و1920.
وكان ما يقل عن ثلث سكان المناطق الحضرية في أوكرانيا يتألفون من اليهود، الذين مثلوا أكبر أقلية قومية في أوكرانيا قبل الحرب العالمية الثانية. ويتألف اليهود الأوكرانيون من عدد من المجموعات الفرعية، بما في ذلك اليهود الأشكنازويهود الجبل ويهود بخارى والقريميين ويهود كريمتشاك ويهود جورجيا.
ذُكر اليهود لأول مرة في عام 1030 في أقصى غرب أوكرانيا، حين ذبح جيش من القوزاق وتتار القرم العديد من اليهود والروم الكاثوليك والمسيحيين الموحدين وأسرهم بين 1648 و1649. وتتراوح التقديرات الأخيرة إلى مقتل أو أسر ما بين خمسة عشر ألفًا وثلاثين ألف يهودي، فضلًا عن تدمير 300 مجتمع يهودي بالكامل؛ كما قُتل 14 يهوديًا خلال أعمال الشغب المناهضة لليهود عام 1821 في أوديسا بعد وفاة بطريرك الروم الأرثوذكس في القسطنطينية. تدعي بعض المصادر أن هذه الحادثة كانت البوغروم الأول الذي شهده اليهود، قبل أن تستمر البوغرومات المعادية لهم في بداية القرن العشرين. يمكن رؤية المواقف المعادية للسامية في عدد حالات فرية الدم عندما كانت أوكرانيا جزءًا من الإمبراطورية الروسية في الفترة الممتدة من 1911 إلى 1913. وطردت الحكومة آلاف اليهود من المناطق الحدودية للإمبراطورية في عام 1915.
قُتل ما يقدر بنحو31.071 يهوديًا بين 1918 و1920 خلال الثورة الروسية عام 1917 وما تلاها من الحرب الأهلية الروسية. واستمر ارتكاب المذابح على الأراضي الأوكرانية أثناء قيام جمهورية أوكرانيا الشعبية بين 1917 و1921،إذ تراوح عدد القتلى اليهود المدنيين في أوكرانيا خلال هذه الفترة ما بين 35 و50 ألفًا. واندلعت البوغرومات في يناير/كانو الثاني عام 1919 في مقاطعة فولينيا الشمالية الغربية، وانتشرت إلى العديد من المناطق الأخرى في أوكرانيا؛ واستمرت البوغرومات الضخمة حتى عام 1921.
وكانت تصرفات الحكومة السوفيتية سببًا في تزايد معاداة السامية في المنطقة بحلول عام 1927.يقدر إجمالي الخسائر المدنية خلال الحرب العالمية الثانية والاحتلال الألماني لأوكرانيا بنحو سبعة ملايين نسمة، بما في ذلك أكثر من مليون يهودي قتلوا بالرصاص على يد وحدات القتل المتنقلة أينزاتسغروبن، والعديد من أنصارهم الأوكرانيين المحليين في الجزء الغربي من أوكرانيا. تواجد 840 ألف يهودي في أوكرانيا في عام 1959، بانخفاض يقارب 70٪ عن عام 1941، داخل حدود أوكرانيا الحالية؛ كما انخفض عدد السكان اليهود في أوكرانيا بشكل ملحوظ خلال الحرب الباردة.
كان عدد السكان اليهود في أوكرانيا في عام 1989 أكثر بقليل من نصف ما كان عليه قبل ثلاثين عامًا، أي في عام 1959. غادرت غالبية اليهود الذين بقوا في أوكرانيا عام 1989 وانتقلوا إلى بلدان أخرى، معظمهم إلى إسرائيل، في تسعينيات القرن الماضي، أثناء وبعد انهيار الشيوعية.
لماذا تصر إسرائيل على إجلاء يهود أوكرانيا؟
تعيش “إسرائيل” أزمةً وجوديةً، بسبب تناقص عدد اليهود في العالم ، وانخفاض معدل المواليد في التجمعات اليهودية في العالم، واندماج الطوائف اليهودية الكبيرة في المجتمعات التي تعيش فيها ، ولاسيما الطائفة اليهودية الأمريكية منها ،و تزايد عدد اليهود الذين تزوجوا من غير اليهوديات من دون أن يتخلوا عن الديانة اليهودية، وهؤلاء لا يخفون قلقهم على المستقبل اليهودي لأطفالهم أو المستقبل العام لليهود في “إسرائيل” . فمن بين ثمانين ألف يهودي أميركي هاجروا إلى “إسرائيل” عاد الكثير ،بينما هاجر ثلاثمائة وخمسون ألف يهودي منذ إنشاء الدولة العبرية.
وبحسب الإحصاء المركزي الإسرائيلي الصادر في نيسان/أبريل 2021 ، فإنَّ إجماليَ عدد اليهود في العالم بلغ حتى نهاية عام 2019،نحو 14مليونًا و800 ألف،وهو نفس العدد الذي كان عليه عام 1925،على ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرنوت”.
وتظهر البيانات أيضًا، أنَّه في عام 1939 عشية الحرب العالمية الثانية ،كان عدد اليهود في العالم 16.6مليون،وفي عام 1948،عشية قيام الكيان الصهيوني،كان عدد اليهود في العالم 11.5مليون،منهم 650000 يعيشون في “إسرائيل”(6%).
وحول خريطة توزيع اليهود في العالم الآن،كشف معهد الإحصاء أنَّ 12.3مليون منهم (أكثر من 83%) يعيشون في دولتين “إسرائيل” و أمريكا. ويبلغ عدد اليهود في “إسرائيل”6.8 مليون،وفي الولايات المتحدة 5.7مليون.
وبحسب المعطيات،يعيش 46% من يهود العالم في “إسرائيل”،5.3مليون من مواليد “إسرائيل”،ونحو 1.5مليون ولدوا في الخارج- مليون منهم في أوروبا و أمريكا،و289ألفًا في إفريقيا،و159 ألفًا في دول القارة الآسيوية.
وذكرت الوكالة اليهودية التي تأسست عام 1922 كجهاز تنفيذي للحركة الصهيونية، وتركز عملها على إقامة دولة لليهود في فلسطين، أنَّ عدد اليهود في العالم انخفض من 12 مليونًا عام 1970، إلى 11 مليونًا و800 ألف نسمة في 2007.وقد لفتتْ أيضًا إلى أنَّ عدد اليهود في أوروبا انخفض منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي ، مشيرةً إلى أنَّ عددهم انخفض من مليون و331 ألف نسمة عام 1970، إلى مليون و155 ألفًا عام 2007.
وأشارتْ الوكالة إلى أنَّ فرنسا حلَّتْ ثالثًا في عدد اليهود في العالم،حيث يعيش فيها 448 ألف يهودي، تليها كندا 393 ألفا، فبريطانيا 292 ألفا،و180ألفًا في الأرجنتين،و155ألفًا في روسيا،و118ألفًا في ألمانيا،و118ألفًا في أستراليا، البرازيل 93 ألف، جنوب أفريقيا 67 ألف، أوكرانيا 48 ألف، المجر 47 ألف، المكسيك 40 ألف، هولندا، 30 ألف، بلجيكا 29 ألف، إيطاليا 27 ألف، سويسرا 19 ألف، شيلي 18 ألف، أوروجواي 16 ألف، السويد 15 ألف، إسبانيا 12 ألف.ويعيش 26 ألف يهودي في الدول العربية والإسلامية، منها 15 ألف في تركيا،  8500 في إيران،حوالي 2000 في المغرب، وحوالي 1000 في تونس.
وبالعودة إلى موضوعنا حول قيام الوكالة اليهودية بدورٍمركزيٍ في عملية هجرة يهود أوكرانيا إلى فلسطين المحتلة، فهم يفضلون عدم مغادرأوكرانيا، رافضين الهجرة منها إلى إسرائيل . لعلّ ذلك يعود لعدة أسباب حسب قول الصحافية ميرنا عيد قره ، ومنها:
أولاً: كونهم لا يميزون أنفسهم عن أشقّائهم الأوكرانيين. يرون في الهُروب من البِلاد حلًّا في هذه اللّحظات الحرجة جدًّا في تاريخها.
ثانيًا:لم يعد يرى اليهود ضالتهم في الوطن المنشود، المقام على أرض فلسطين ، التي تعاني من اضطرابات، وقلة الأمن والأمان. رغم أن القانون الإسرائيلي يُجِيزُ لليهود فقط، الهجرة إلى إسرائيل.
ثالثًا:الهجرة والاستِقرار في دولةٍ محاطة بمئات الآلاف من منصات الصّواريخ، والآليات الحربية الموجهة نحو الكيان الصهيون من منطقة الشرق الأوسط والتي من الممكن أن تشهد اشتِباكات في أي لحظة لا تشكل الملجأ المثالي ليهود أوكرانيا.
رابعًا:ظهور قِوى إقليميّة عُظمى في المنطقة كإيران، وتتالي الهزائم الأمريكيّة في كل من أفغانستان والعراق وسورية واليمن. بالمقابل تراجع التفوق العسكري الإسرائيلي وسقوط ادعاء (الجيش الذي لا يقهر).
خامسًا:اعترفت وسائل إعلام الكيان الصهيوني ، بأنَّ يهود إسرائيل قاموا بهجرة معاكسة، من إسرائيل إلى وجهاتٍ أخرى أكثر أمانًا نحو دول أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية. لاسيما بعد معركة (سيف القدس)، التي أطلقت فيها المُقاومة الفلسطينية، ما يزيد عن 4200 صاروخ، ألزمت فيها نحو6 ملايين إسرائيلي البقاء في الملاجئ على مدى 11 يومًا، والتي أسفرت عن إغلاق مطاريّ البلاد الدولييّن. بينما عُزلت اسرائيل عن العالم.
زواج المصلحة بين الأوليغارشيين الرأسماليين اليهود واليمين النازي في أوكرانيا
دخل الرئيس بوتين الحرب في أوكرانيا لتحقيق أهدافٍ عدَّةٍ، ومنها إسقاط قيادة اليمين النازي الحاكم في أوكرانيا،بزعامة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ، الذي كان ممثلاً كوميديًا، واستلم مقاليد الحكم في أوكرانيا في شهر آيار/مايو 2019، وذلك بعدما أزاح الرئيس السابق بيترو بوروشينكو من سدة الحكم خلال الانتخابات الرئاسية، والتي جرت جولة الإعادة منها في نيسان/إبريل 2019.وبذلك أصبح الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي (41 عامًا) الرئيس السادس في تاريخ البلاد، التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي عقب تفككه عام 1991.
يعود الفضل في صعود الرئيس فلاديمير زيلينسكي وهو يهودي إلى سدة الرئاسة في أوكرانيا، إلى الدعم الذي تلقاه من المواطن الأوكراني الإسرائيلي، إيغور كولومويسكي،الذي ينتمي إلى أقلية من اليهود الأوليغارشيين الذين استفادوا من انهيار الا تحاد السوفياتي عام 1991، وانتقال أوكرانيا إلى اعتناق الرأسمالية الليبرالية، فأصبحت أوكرانيا، شأنها في ذلك شأن روسيا، مرتعًا خصبًا للسرقة، بحيث تمكّن كل من كان بحوزته المال من شراء الممتلكات العمومية :مصانع وشركات وبنوك في إطار عمليات الخصخصة للميراث السوفياتي، وأيضا السلطة.
وكان من بين كبار المنتفعين من بيع القطاع العام إلى الرأسماليين الأوليغارشيين اليهود، المواطن الأوكراني الإسرائيلي، إيغور كولومويسكي، الذي استطاع أثناء موجة الخصخصة من السيطرة على جزء كبير من الصناعات الأوكرانية، ليصبح بنك “بريفات”الأوكراني، المملوك لكولومويسكي، أكبر مصرف في البلاد.
تؤكد مصادر متعددة أن كولومويسكي كان على اتصال وثيق برئيس الوزراء الأوكراني الأسبق، بافل لازارينكو، وكانت نتيجة الخصخصة الأوكرانية أن تصبح الدولة كلها في يد حفنة من الأوليغارشيين، بينما ضعفت السلطة الحكومية، وانتقلت السلطة الحقيقية إلى مجموعة من هؤلاء يخوضون حربا مستعرة ومستمرة فيما بينهم على الممتلكات. وكان أحد هؤلاء الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، والذي وقف ضده في الانقلاب الحكومي عام 2014، إلى جانب الغرب، مجموعة من أعدائه الأوليغارشيين، ومن بينهم كان بيوتر بوروشينكو، الذي أصبح بعد الانقلاب رئيسا لأوكرانيا، ومعه كولومويسكي، الذي أصبح وقتها حاكما لمقاطعة دنيبروبيتروفسك. لكن التناقض الأكثر إثارة للدهشة، كان في تمويل اليهودي كولومويسكي لمجموعات وكتائب نازية صريحة (وهو ما يعني بطبيعة الحال أنها معادية للسامية!)، استخدمت وتستخدم في مواجهة المواطنين الروس، والناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا.
إلا أن كولومويسكي اختلف مع الرئيس بوروشينكو عام 2015، حول السيطرة على بعض الممتلكات، وتفاقم الخلاف بينهما، حتى كاد أن يصل إلى استخدام السلاح. حينها أعفى بوروشينكو كولومويسكي من منصبه في مقاطعة دنيبروبيتروفسك، وفرّ الأخير بدوره إلى إسرائيل، بينما أمّمت الحكومة الأوكرانية بنك “بريفات” الذي يملكه، وانتقلت السيطرة على الكتائب النازية إلى أوليغارشي آخر، أصبح يشغل منصب وزير الداخلية الأوكراني هو أرسين أفاكوف، على حد قول الصحافي علي كرم ، في مقاله: قصة يهود أوكرانيا وعلاقة الرئيس فلاديمير زيلينسكي بإسرائيل ونتنياهو،المنشور بتاريخ 25فبراير2022.
من جانبه انتقم كولومويسكي من غريمه بوروشينكو بدعم الرئيس الحالي، فلاديمير زيلينسكي، في الانتخابات الرئاسية عام 2019، وعقب ذلك عاد كولومويسكي من إسرائيل إلى أوكرانيا، وعلى الرغم من تأكيدات زيلينسكي على ابتعاده عن الأوليغارشي، إيغور كولومويسكي، إلا أن الرئيس الأوكراني، على أرض الواقع، ينفذ كل ما ينطق به كولومويسكي، الذي يعادي روسيا،ويطمح إلى تقسيم أغنى الأراضي الأوكرانية و أكثرها خصوبة على وجه الكرة الأرضية، والكنز الحقيقي الذي تمتلكه أوكرانيا. لكن القانون الأوكراني الحالي يمنع تملّك الأجانب لأراضي الدولة. وبهذا الصدد وعد الرئيس زيلينسكي أنَّه سوف يلغي هذا القانون بنهاية العام الحالي، حيث أنَّ ذلك أيضا يُعَدُّ مطلبًا من بين مطالب البنك الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى