حرب تحرير أوكرانيا من النازية الجديدة

يذكرني الغرب الامبريالي المتصهين وعلى رأسه أمريكا بمقولة لرئيسة وزراء الهند الراحلة أنديرا غاندي حين قالت : إذا اختلفت دولة كبيرة ودولة صغيرة وذهبتا إلى الأمم المتحدة للفصل بينهما ضاعت حقوق الدولة الصغيرة ، وإذا اختلفت دولتان كبيرتان وذهبتا إلى الأمم المتحدة ضاعت الأمم المتحدة ذاتها .
لذلك هذه الحرب التي أفرزت أقبح وأقذر ما في العنصرية الغربية والتعالي على الأمم الأخرى تدفعنا لنقول : شكرا لروسيا العظمى ، شكرا للرئيس الشجاع فلاديمير بوتين فقد كشفتما ما هو مستور ،وأسقطتما ورقة التوت عن عورة الغرب وعنصريته ، وفضحتما كل تجار الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأسقطتما بحربكما العادلة من أجل شعبكما في روسيا العظمى وشقيقتها أوكرانيا معا، كل شعارات الطبشور في الغرب غير المتحضر ، الغرب الهمجي وعلى رأسه عميدة الإجرام والإرهاب أمريكا الصهيونية التي فرضت عقوبات بدون خجل ولا حياء على روسيا العظمى ، وهي دولة تمتلك كل الإمكانيات ولها مقعد دائم فيما يسمى بالأمم المتحدة ، عقوبات طالت كل شيء حتى القوى الناعمة وغير الناعمة .
ولا شك أن الحرب التي أجبرت روسيا العظمى على شنها على جارتها أوكرانيا هي حرب تحرير عادلة هدفها حماية الشعبين الروسي والأوكراني معا .
فهذه الحرب ليست وليدة 24 شباط فبراير 2022م ، بالهجوم الروسي على أوكرانيا، بل هذه حرب ممتدة منذ أكثر من ثمانية أعوام تحركها أيادي الغرب القذرة ، وهناك جذور قديمة لها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي الذي كانت روسيا عاموده الأساسي وأوكرانيا ثاني أكبر جمهورياته ، وهناك الكثير من الأراضي الروسية جرى منحها لأوكرانيا السوفيتية ، وكان ذلك مقبولا كون الجارتين تشكلان القوة الرئيسية للدولة السوفيتية ، وجزيرة القرم التي تنازل عنها الزعيم السوفيتي الراحل نكيتا خورتشوف عام 1954م ، وهو من (أوكرانيا ) أي بعد رحيل القائد الكبير ستالين بعام واحد فقط .
وكان الهدف استمالة الشيوعيين الأوكرانيين للتصويت لصالح خورتشوف ، كما جرى ضم جمهورتي (دونيتسك ولوغانسك)لأوكرانيا وهما ذات أغلبية روسية ، وفي الشرق من أوكرانيا كما هو معروف اليوم .
المشكلة ليست حديثة ولكنها قديمة منذ ما تسميه أوكرانيا بالاستقلال ، ولسوء الطالع كل الرؤساء الأوكرانيين المتعاقبين كانت ميولهم اتجاه الغرب ، ربما كان ذلك من إفرازات الانهيار السوفيتي المروع.
والدولة الأوكرانية برأيي كلها صناعة روسية، كما الكثير من دول المنطقة خاصة في وطننا العربي صناعة بريطانيا في عصرها الإمبراطوري .
وتداخل الجغرافيه في الحالة الأوكرانية ليس لصالح الغرب ولا دميته الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ، حيث المناطق الشرقية في أغلبها روسي أو مؤيد للتقارب مع روسيا ، بينما الغرب الأوكراني لحدود بولندا مؤيد للغرب وللتقارب مع الاتحاد الأوروبي ، والبعض من غرب أوكرانيا كان جزءا من بولندا قبل الحرب العالمية الثانية وتقسيم العالم ايدولوجيا .
هذه الحرب رغم مأساتها ولكنها أكدت للجميع كم هو منافق الغرب وعلى رأسه أمريكا، فمنذ اليوم الأول للحرب هاج الغرب وماج تحركه أمريكا من خلف الستار ، وإذا السياسة تصبح كل شيء وتتدخل في كل شيء حتى في الكرة والأدب والفن .
ورأينا ان ايطاليا مثلا وهي دولة أوروبية عريقة تمنع الأدب الروسي في إحدى جامعاتها، وهناك أدباء روس تمت محاسبتهم حتى بعد أكثر من قرنين على رحيلهم .
عقوبات غبية عنصرية جعلت الشعب الروسي يتكاثف كله خلف الرئيس بوتين الذي لم يدخل الحرب إلا بعد أن تجاوزت المجازر الأوكرانية بحق الشعب الأعزل في جمهورتي دونيتسك ولوغانسك ، اللتان طالبتا بتصحيح مسار التاريخ والعودة للوطن الأم روسيا .
الغرب الامبريالي وعلى رأسه أمريكا وجدوها فرصة لمحاولة تدمير روسيا اقتصاديا وسياسيا ولا يريد أن يعرف الحقائق على الأرض أو يستوعبها بل رأينا أول تصريح للرئيس الأمريكي بايدن يقول فيه أن الرئيس بوتين يريد إحياء الاتحاد السوفيتي ناهيك عن تصريحات القادة الأوروبيين التي يغلب عليها طابع الفوقية والغطرسة الكذابة وأصبح العالم نتيجة العنصرية الأوروبية مقسمة بين شرق وغرب .
وفي اليوم ألأول من عقوباتهم على روسيا زاد التضخم في أمريكا وأوروبا وارتفعت الأسعار خاصة الطاقة والغاز ما يقارب 10% مرشحة للزيادة نتيجة الحظر على روسيا والتبعية لأمريكا .
أليس من العيب التعامل مع روسيا وهي دولة عظمى هكذا ، وكأنها دولة صغيرة من العالم النامي وليست دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن ومن أهم دول العالم بحيث لا استغناء أممي عن روسيا .
وهكذا عاقب الغرب شعوبه قبل أن يعاقب روسيا ولم يقدم لأوكرانيا إلا الكلام وربما يسمح لبعض أصحاب السوابق للقتال في أوكرانيا كما حدث في أفغانستان في العصر السوفيتي ولن يكون ذلك ممكنا بسهولة والضحية سيكون الشعب الأوكراني والديمقراطية المزيفة التي سوقها الغرب عليه .
إن انتخاب الرئيس الأوكراني وعرض صوره وهو يستعرض عضلاته أثارت الكثير من السخرية قبل الحرب وهو بالأصل مجرد ممثل مسرحي محدود الإمكانيات ، وكان ضحية الغرب الذي لم يقدم له شيء وفي المقابل تجاهل هذا البهلوان الأوكراني حقائق التاريخ والجغرافيا وأن مصلحة بلده مع روسيا أولا وليس مع الغرب .
لا أرى نهاية لهذه الحرب إلا لصالح روسيا وتنفيذ كل مطالبها العادلة التي تريد حماية شعبها وجارتها الصغيرة معا من النازية الجديدة التي يؤيدها الغرب وتدعمها أمريكا .
فماذا يريد هذا الغرب وعلى رأسه أمريكا من أوكرانيا إلا أن تكون شوكة في الخاصرة الروسية ؟ فهذه الأزمة أوضحت لروسيا بأن مصالحها نحو الشرق ومع العملاق الصيني بالذات والهند وفنزويلا ومجموعة البريكس ، كما أوضحت الأزمة أن العالم قرية واحدة ولا غنى للغرب عن الشرق.. وأمريكا التي تدعي الشرف وتزعم تأييدها نضال الشعب الأوكراني سبق ان غزت ودمرت غواتيمالا ، وفي عام 1967م دعمت العدوان الصهيوني على مصر بهدف إسقاط جمال عبد الناصر وكان الاسم الحركي للعدوان قبل عشرة سنوات (اصطياد الديك الرومي ) ، اندونيسيا ، كوبا ، الكونغو ، مملكة لاوس ، فيتنام ، كمبوديا ، غرينادا ، السلفادور ، نيكاراغوا ،إيران ، بنما ، لبنان ، ليبيا ، العراق، الصومال ، السودان ، سوريا ، باكستان والبوسنه، حيث أسقطت الأنظمة في بعض هذه الدول واعادت بعضها إلى العصر الحجري .
هذه أمريكا وهذا القليل القليل من تاريخها الإجرامي الأسود، وهي اليوم المحرض الأول على روسيا، وكالعادة شعاراتها حقوق الشعوب والديمقراطية وهي قيم عظيمة و لكن أمريكا آخر من يتحدث بها ، لانها كلمة الحق التي يراد بها باطل، كما قال الأمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى