بوتين يُعري الغرب يوماً بعد آخر، ويكشف إفتقاده لروح القتال، وإعتماده على وكلائه وعملائه لتنفيذ مآربه وخدمة مخططاته

أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم السبت، أن إغلاق الأجواء فوق أوكرانيا ستكون له عواقب وخيمة، ليس على روسيا وأوروبا فقط، بل على العالم بأسره.

وقال بوتين خلال لقائه مع طاقم طيران نسائي من الخطوط الجوية الروسية: “تنفيذ هذا المطلب لإغلاق السماء سيصاحبه عواقب وخيمة وكارثية، ليس فقط لأوروبا، ولكن للعالم بأسره”.

وأشار الرئيس الروسي إلى أن “روسيا ستنظر في أي محاولات من جانب الدول الأخرى لإنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا على أنها مشاركة في الأعمال العدائية”، مضيفا: “نسمع الآن أنه من الضروري إنشاء منطقة حظر طيران فوق أراضي أوكرانيا. من المستحيل القيام بذلك على أراضي أوكرانيا نفسها، فمن الممكن فقط على أراضي بعض الدول المجاورة”.

وفي نفس السياق، أكد بوتين أن “أي تحرك في هذا الاتجاه سنعتبره مشاركة في الصراع المسلح للبلد الذي ستنطلق من أراضيه تهديدات لجنودنا”، وأضاف “سنعتبرهم على الفور مشاركين في صراعات عسكرية ولا يهم المنظمات التي هم أعضاء فيها”.

ورغم فرض دول الغرب عقوبات غير مسبوقة وتقديم دعم هائل لأوكرانيا، الا انها لم تنجح في وقف الهجوم الروسي لهذا البلد، بل هي تتوقع “الأسوأ”، نظرا لان خياراتها لتشديد الضغط على الرئيس  بوتين تبدو معقدة ومحدودة للغاية.

لقد توعدت دول مجموعة السبع، امس الجمعة، بفرض “عقوبات صارمة جديدة” على روسيا، وتعهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بـ”إبقاء الضغط” إلى أن “تنتهي الحرب”.. غير أن هامش المناورة ضيق جدا أمام الغربيين.

حذر الأميركيون قبل بدء الغزو بأنهم سيفرضون تدابير تكون “في أعلى السلم منذ البداية” وهذا ما فعلوه، كما اوعزوا حلفائهم الأوروبيين بفرض عقوبات غير مسبوقة على النظام المالي الروسي وعلى الأثرياء المقربين من الكرملين، كما حظروا صادرات التكنولوجيا الحيوية وفرضوا حصارا جويا على روسيا، وأقصيت روسيا من المسابقات الرياضية الكبرى ومعارض القطط، وانسحبت عشرات الشركات من البلد، ولكن كل ذلك لم يجد نفعا للرئيس الاوكراني اليهودي المخدوع.

فقد قال السفير الأميركي السابق في كييف، وليام تايلور لوكالة فرانس برس: “أنا من الذين كانوا يعتقدون” أن التهديد بالعقوبات “سيكفي لردع الرئيس بوتين” عن شن هجومه العسكري “لكن هذا لم يكن الحال”.

وأضاف: “لست واثقا بالتالي أن المزيد من العقوبات سيقنعه بالانسحاب”.

وتم حتى الآن تحييد قطاع الطاقة نسبيا، لكن العديد من البرلمانيين الأميركيين يطالبون الرئيس جو بايدن بحظر واردات النفط الروسي إلى الولايات المتحدة.

ورد الرئيس الأميركي النائم: “لا شيء مستبعدا”.

كما يطالب بعض الصقور بقطع النظام المالي الروسي تماما عن باقي العالم، في وقت حرص الغربيون على استهداف المصارف الأقل ارتباطا بقطاع المحروقات.

وحذر بلينكن من حلول تخفض العرض العالمي على الطاقة وتتسبب تلقائيا بزيادة “الاسعار في محطات الوقود” في أميركا وأوروبا. وحذر من أن هذا ليس من “المصلحة الإستراتيجية” للغرب، موحيا بأن واشنطن تراهن بالأحرى على مفاعيل العقوبات المفروضة حاليا.

وقد طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحلف الأطلسي بفرض منطقة حظر جوي فوق بلاده للحد من الغارات الروسية على كييف ومدن أخرى، غير أن هذا يبقى في الوقت الحاضر خطا أحمر يرفض الحلف الذي لا تنتمي إليه أوكرانيا، اجتيازه.

وقد أوضح الأمين العالم للحلف ينس ستولتنبرغ أن “الوسيلة الوحيدة لفرض منطقة حظر جوي هي إرسال طائرات مقاتلة للحلف الأطلسي إلى المجال الجوي الأوكراني، ثم إسقاط طائرات روسية لفرض احترامها”، محذرا بأن ذلك سيؤدي حتما إلى نشوب “حرب شاملة في أوروبا”.

ويعتقد العديد من الخبراء بالتالي أن الأميركيين والأوروبيين سيلتزمون بهذا الموقف طالما أن النزاع يبقى محصورا في أوكرانيا، أو أقله خارج دول الحلف، مشيرين إلى مخاطر نشوب مواجهة نووية.

غير أن بعض الجمهوريين في الكونغرس الأميركي مثل آدم كينزينغر وروجر ويكر يعتبرون أنه سيتحتم على الحلفاء في نهاية المطاف أن يجازفوا ويفرضوا منطقة حظر جوي.

وإزاء رفض اعتماد مثل هذا الحل، تلتزم واشنطن والاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر بمواصلة تسليم أسلحة إلى القوات الأوكرانية، مع ارتفاع أصوات مطالبة بإمدادها بأسلحة أكثر هجومية مثل مقاتلات سوفياتية الصنع تملكها بعض دول أوروبا الشرقية، ويعرف الطيارون الأوكرانيون كيفية قيادتها وتشغيلها.

وازاء هذا العجز ، دعا السناتور الأميركي المجنون، ليندسي غراهام صراحة إلى اغتيال بوتين معتبرا أن “أحدا داخل روسيا” يجب أن يقدم على ذلك.

غير أن البيت الأبيض رد، امس الجمعة بشكل قاطع: “لا ندعو إلى اغتيال قائد بلد أجنبي، ولا إلى تغيير نظام. هذا لا يمثل سياسة الولايات المتحدة”. (ولكنهم فعلوها في العراق وافغانستان وليبيا).

لكن بعض المراقبين “يحلمون” أن العقوبات، بخنقها الاقتصاد الروسي واستهداف أصول الأوليغارشيين من أوساط الكرملين الذين حققوا ثروات طائلة، قد تدفع بعض أفراد الدائرة المقربة من بوتين على الانقلاب ضده.

فقد رأى مدير معهد الأبحاث الإستراتيجية في المدرسة الحربية في فرنسا، جانجين فيلمر أن ثمة “احتمال كبير بحصول انقلاب من داخل القصر أو تمرد أوليغارشي”.

لكن هذا الاحتمال يلقى تشكيكا لدى الكثيرين،  ومنهم صمويل شاراب من مؤسسة راند للدراسات، الذي قال ان “الأفراد الذين يمكنهم التأثير على مجرى الأمور في غاية الولاء وهم في موقعهم تحديدا بسبب ولائهم”.

وقال شاراب أنه يجدر بجو بايدن مواصلة المحاولات لإقناع بوتين بالتراجع، على غرار ما يفعله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، بالاستناد إلى “توازن القوى” الناجم عن العقوبات.

واضاف: “قد يكون هذا مستحيلا، لكنني أعتقد أنه افضل ما يمكننا القيام به في الوقت الحاضر”.. والعوض بسلامتكم!!!

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى