روسيا ترسل قوات “حفظ سلام” إلى جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك المنفصلتين عن أوكرانيا عقب اعترافها باستقلالهما

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، القوات المسلحة في بلاده بإرسال قوات حفظ سلام روسية إلى منطقتين انفصاليتين بشرق أوكرانيا، وذلك وفقاً لمرسوم نُشر في وقت مبكر من يوم الثلاثاء 21 فبراير/شباط 2022، بعد أن قال إن موسكو ستعترف باستقلالهما.

في وقت سابق من يوم  امس الإثنين، وقَّع بوتين مرسوماً بالاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين، وهما جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوجانسك الشعبية المعلنتان من جانب واحد، كدولتين صغيرتين مستقلتين، في تحدٍّ للتحذيرات الغربية من أن مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية وستقضي على مفاوضات السلام المستمرة منذ فترة طويلة.

على أثر ذلك، تعهدت الولايات المتحدة وأوروبا بفرض عقوبات جديدة على موسكو، وسط تفاقم حدة الأزمة التي يخشى الغرب من تطورها إلى حرب شاملة.

فيما وصف بوتين، الذي بدا عليه الغضب بوضوح، في خطاب تلفزيوني مطول، أوكرانيا بأنها جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا، وقال إن شرق أوكرانيا كان أرضاً روسية قديمة، وإنه واثق بأن الشعب الروسي سوف يدعم قراره.

من جهته، قال الكرملين، في تحدٍّ لتحذيرات الغرب من عواقب مثل هذه الخطوة، إن بوتين أعلن قراره في مكالمتين هاتفيتين مع زعيمي ألمانيا وفرنسا اللذين عبَّرا عن خيبة أملهما.

هذا التحرك الروسي ربما ينسف جهوداً في اللحظات الأخيرة لعقد قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، بهدف منع روسيا من غزو أوكرانيا. وواصلت العملة الروسية “الروبل” خسائرها في الوقت الذي تحدث فيه بوتين عن المسألة، حيث تراجعت في مرحلة ما إلى ما دون 80 مقابل الدولار.

وكانت العلاقات بين كييف وموسكو قد توترت منذ نحو 8 سنوات، على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها ، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في “دونباس”.

يُشار إلى أن روسيا حشدت عشرات الآلاف من قواتها على حدودها مع أوكرانيا، وأرسلت قوات إلى روسيا البيضاء؛ للمشاركة في تدريبات عسكرية، وتريد من حلف شمال الأطلسي التعهد بعدم قبول أوكرانيا مطلقاً في عضويته. ورفض الحلف المطالب الروسية.

في حين تخشى الدول الغربية أن موسكو تخطِّط لشن هجوم جديد على كييف، ووجهت اتهامات، مؤخراً، إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، فيما هددت واشنطن بفرض عقوبات على روسيا في حال شنت هذا الهجوم.

إلا أن روسيا تنفي تخطيطها لشنّ أي هجوم، واتهمت الغرب بالتصرف بهستيريا، لكنها تقول إنها قد تُقْدِم على عمل عسكري غير محدد إذا لم تتم تلبية قائمة مطالبها الأمنية.

كما لفتت موسكو إلى أنها حشدت ما يزيد على 100 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية؛ للحفاظ على أمنها من “عدوان” حلف شمال الأطلسي.

دول الغرب اكتفت بالصراخ..
وفي وصلة من”صراخ وعويل دون محاولة للتصرف”، حصر الغرب خياراته في مواجهة الحشود الروسية حول أوكرانيا، ولم يحاول قادة أمريكا ودول الناتو اللجوء لخيارات بديلة كان يمكن أن تردع روسيا، والنتيجة أن التعامل الغربي مع أزمة أوكرانيا حقق لبوتين حتى الآن فوزاً دون رصاصة واحدة.

ومازالت التحذيرات الواردة من الولايات المتحدة بأن القوات الروسية تستعد للهجوم على أوكرانيا تزداد إلحاحاً وحِدَّةً.

ويرى الأكاديمي البريطاني كير جايلز، مؤلف كتاب (قواعد روسيا: ما الذي يقود روسيا لمواجهة الغرب) في مقال نشره بصحيفة The Guardian البريطانية، أنه لا مجال للتشكيك في قناعة الولايات المتحدة بأن أوكرانيا تواجه خطراً وشيكاً، بجانب أن موقف عدد الدول التي تنصح مواطنيها بمغادرة البلاد في أقرب وقتٍ، يوضح أن التحذيرات موثوقة في نهاية المطاف.

ولكنه يتساءل: ألم يكن هناك خيارات أخرى للرد على روسيا غير هذه التحذيرات المكثفة دون إجراءات على الأرض، والتي يبدو أنها جاءت لصالح بوتين.

المشكلة أن التأكيد على الحرب شبه الحتمية، وتحديد الأطر الزمنية الضيقة حول التوقيت المتوقع لاندلاعها، يتسبب كذلك في تقليص الخيارات أمام الولايات المتحدة وحلفائها، وفي الوقت ذاته يتيح لروسيا مزيداً من الخيارات، حسب المقال.

إذ لا تزال موسكو تحوز المبادرة، والخطر يتزايد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يتخذ موقفاً يحقق فيه نصراً دبلوماسياً عبر سحب البساط من أسفل ذعر الحرب الذي أثاره الغرب، ولحظتها ستعتبر الولايات المتحدة وحلفاؤها مجرد زوال خطر الحرب نجاحاً لها، وقد تقدم لبوتين ثمناً مقابل إنهاء الأزمة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى