رسالة مفتوحة للمؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج
بقلم: د. إبراهيم حمامي
السادة القائمون على المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مما لا شك فيه أن انعقاد المؤتمر الأول لفلسطينيي الخارج في مدينة إسطنبول في 25 فبراير من العام 2017 وبمشاركة آلاف الفلسطينيين من مختلف بقاع الأرض شكل في حينها نقلة نوعية وذات أهمية كبرى استشعرها في ذلك الوقت من يختطفون القرار السياسي الفلسطيني الذين حاولوا إجهاض المؤتمر قبل انعقاده وحرضوا عليه واعتبروه تهديداً “تمثيلياً” لهم، وهو ما شكل برأيي المتواضع عامل ضغط على المنظمين للمؤتمر الشعبي انعكس في صياغة البيان التأسيسي الذي لم يكن بالمستوى المطلوب حيث حاول التخفيف من قلق من يدعون التمثيل الفلسطيني واسترضاءهم بصورة أو بأخرى.
خمس سنوات مرت بالتمام والكمال وما زلنا كفلسطينيين نراوح مكاننا دون التقدم ولو خطوة واحدة لأنهاء حالة الإقصاء والتفرد التي تسيطر على الساحة السياسية الفلسطينية، بل زاد الأمر سوء في الآونة الأخيرة بعد إلغاء الانتخابات العام الماضي ومن ثم جمع ما يُسمى بالمجلس المركزي ليغير ويبدل على أهواء ثلة لا تمثل أحداً، وصولاً لقرار محمود عباس الأخير بإلحاق منظمة التحرير الفلسطينية بدوائر سلطة رام الله الإدارية وإغلاق الباب تماماً أمام من يحاولون بلا طائل الحديث عن إصلاح أو إعادة بناء للمنظمة.
المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ورغم الآمال التي انعقدت عليه عقب مؤتمره الأول عام 2017 لم يكن استثناءً وبقي هو أيضاً يراوح مكانه، دون إضافة تُذكر، بل لا أبالغ إن قلت إنه تسبب بحالة من الإحباط لمن توقع أن يكون رأس حربة في مواجهة حالة التغول السياسي الفلسطيني.
وحتى لا يكون الأمر كمن يُلقى التهم جزافاً، أستعرض هنا بعضاً مما جرى في السنوات الخمس الماضية للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، ليس من باب التجريح ولكن من باب سرد الحقائق والوقائع كما هي حتى تتم المراجعة الذاتية وتعديل المسار إن جاز التعبير:
1. لا خطة عمل واضحة ومعلنة بل ارتجال وتعامل بردات الفعل
2. لم يقم المؤتمر الشعبي بأي أنشطة تعريفية أو تنظيم وفتح باب العضوية بشكل منظم
3. لم يتم التواصل مع الفلسطينيين في الخارج في ساحات الشتات عبر العالم، وهو ما كان من الأهداف المعلنة للمؤتمر
4. لا توجد إحصاءات أو أبحاث عن عدد وأماكن تواجد الفلسطينيين في الخارج، وإمكاناتهم العلمية والمادية والمهنية
5. وبالتالي لم يتم وضع خطة لتفعيل الفلسطينيين في الشتات
6. اقتصرت أنشطة المؤتمر على البيانات والندوات
7. في الأحداث الكبرى التي مرت كان الموقف موقف المعلق على الأحداث لا المؤثر فيها، أي دون مواقف حاسمة واضحة
8. غياب عنصر الشباب من القائمين على المؤتمر
9. تجاذبات لا تخفى على متابع في الصفوف القيادية للمؤتمر الشعبي
10. مهادنة في غير موضعها لمن يختطفون القرار السياسي الفلسطيني وصلت حد منحهم الشرعية في بعض المواقف
ورغم ما سبق ما زلت أؤمن أن انعقاد المؤتمر وتأسيسه كان علامة فارقة أثبتت تعطش الجمهور الفلسطيني لتمثيل حقيقي يعبر عنه ويعكس آماله وطموحاته ويرفض اختطاف قراره من قبل مجموعة لا تمثل أحد.
إن عملية تمثيل فلسطينيي الخارج هي الأولوية القصوى والوحيدة في هذه المرحلة، وأية مشاريع أخرى ستكون مجرد إلهاء لا تعني الكل الفلسطيني، وقد جاء البيان الأخير للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الصادر في بيروت في 20 شباط/فبراير 2022 ليصب في ذات الاتجاه خاصة الفقرة الأخيرة: “ولهذا فإن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إذ يشجب هذه الإهانة بمسخ منظمة التحرير الفلسطينية بإلحاقها إلى دائرة من دوائر السلطة؛ يعتبر أن هذا القرار/ القانون أسقط كل الحوارات التي عملت، أو تعمل، من أجل المصالحة وإعادة بناء م.ت.ف. فقد طوى صفحتها، واستنفذ كل أغراضها ودورها. الأمر الذي يوجب على الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة ونخبه، أن يبحثوا عن بديل لوحدتهم، وقيادة النضال ضد الاحتلال، بتشكيل جبهة متحدة، ما دام الطرف المعني الذي يقود منظمة التحرير الفلسطينية قد أخرجها من التداول بإحالتها دائرة من دوائر سلطة رام الله.”
ولتحويل ما جاء في البيان الأخير لخطة عمل، وحتى لا يكون الأمر كمن يتصيد الزلات دون وضع أو اقتراح حلول، وبعد نقاشات واستمزاج للآراء فإن التالي يُشكل برنامجاً عملياً وواقعياً للتعاطي مع متطلبات المرحلة:
1. الإعلان بشكل واضح بأن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ليس بديلاً عن أحد (وهي النقطة التي تهم البعض في موضوع منظمة التحرير الفلسطينية التي وبشكلها وشخوصها الحاليين لا تمثل أحد)
2. الإعلان أيضاً وبشكل واضح وصريح أيضاً بأنه من حق فلسطينيي الخارج – غير الممثلين في أي من المؤسسات الفلسطينية القائمة والذين يشكلون أكثر من نصف الشعب الفلسطيني – من حقهم أن يكون لهم اختيارهم الحر وتمثيلهم الحقيقي وبالانتخاب المباشر
3. وضع خطة شاملة لتفعيل فلسطينيي الخارج في مدة لا تتجاوز ستة أشهر، والإعلان عنها فور الانتهاء منها
4. الشروع وبشكل فوري في تنظيم وفتح باب العضوية للمؤتمر الشعبي لمن يرغب
5. البدء في عملية حصر أعداد وأماكن تواجد الفلسطينيين حول العالم، مع الاستعانة بالخبرات في هذا المجال والاستفادة من التجارب والدراسات السابقة
6. التواصل مع المؤسسات القائمة في مختلف الدول والتنسيق فيما بينها استعداداً لإجراء انتخابات حرة للفلسطينيين في الخارج
7. تحديد تفاصيل وقانون ومخرجات أي عملية انتخابية يتم التوافق عليها
8. الإعلان عن آلية واضحة ومنظمة للتسجيل للانتخابات الفلسطينية في الخارج
9. تحديد موعد لإجراء الانتخابات لا يتجاوز منتصف العام 2023
10. وضع خطة عمل شاملة للسنوات الخمس المقبل
الوقت يمر ولا ينتظر أحد، والأحداث تتسارع ولا تنتظر أحد، وإن لم يكن الجميع على جهوزية واستعداد وعلى قدر المسؤولية فلا داعي لمؤتمرات وندوات وإضاعة الجهد والوقت والمال.
إلى السادة الأفاضل القائمين على المؤتمر:
مرت خمس سنوات كنا نأمل أن تكون فاتحة للتغيير، ولن ننظر خمس سنوات أخرى على أمل التغيير وعليه نقول: إن المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج وهو يعقد هذا الشهر مؤتمره الثاني يقف على مفترق الطريق، وبوضوح وصراحة أقول: إما أن يكون على مستوى التحدي المطلوب من خلال وقفة واضحة جادة أجزم أنها ستحصد التفاف ملايين الفلسطينيين حوله، أو أن يتحول لمنبر آخر بأسماء ومناصب كالماء بلا لون أو طعم أو رائحة وكعنوان بلا أسنان، لا يؤثر ولا يلتفت إليه أحد.
إن شعبنا الولّاد المعطاء لن يعدم الوسائل ليحقق مراده وآماله، ولكنه بالتأكيد لن ينتظر سنوات أخرى.
والله من وراء القصد
د. إبراهيم حمامي
22 فبراير 2022