الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين- الكرمل48، بخير.. وقفات مع الانسحاب ويا خُرّيبة يا لُعّيبة

الوقفة الأولى… فاتحة.
ربّ سائلٍ: من جاء مع العروس؟!
ومجيبٍ: عمّتها وخالتها، وعشرة من حارتها!
بغضّ النظر، فالأمر الطبيعيّ أن نجيء مع “عروستنا”، نحن ال139 عضوًا بالإضافة إلى ال11 الذين انضموا بعد المؤتمر، ولكنْ دون أن يأخذنا الفرح لدرجة أن نجعلها وكما أغانينا الشعبيّة نادرة الوجود لا شبيه لها، رغم أنّها بالاعتذار من فيروز: “عروستنا الحلوه. نيسانه حلوه. مشوار من دار لدار. تتبارك حجار البيت. تتبارك العتبه. والخوابي نبيد وزيت. وتفيض المحبه. كوني قمح وسكر.”
الوقفة الثانية… مؤتمرٌ وحدويّ بامتياز.
عقد الاتّحاد، كما هو معلوم، مؤتمره الوحدويّ الأوّل يوم 11 كانون الأوّل 2021 في مدينة شفاعمرو، وتحت الشعار: “تثبيت الوحدة ودوام الانطلاقة”. اسم المؤتمر وشعاره لم يأتيا من فراغ فقد كانت حركتنا الثقافيّة وحّدت صفوفها في إطار واحد أوائل العام 2019 بعد أن عملت في إطارين منذ العام 2010 و-2014. هذا الإطار هو الإطار الوحدويّ الأوحد على ساحة أقليّتنا العربيّة في ال48 والذي وصل عدد من انضوى تحت رايته في المؤتمر ال186 عضوًا من شتّى المشارب من أبناء شعبنا؛ الفكريّة والعقائديّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وهذا شكلًا ومضمونًا إنجاز غير مسبوق. وعلى هذا الإطار وانطلاقته المباركة شكلًا ومضمونًا كان يجب الحفاظ عليهما شعارًا للمؤتمر ودوام ممارسة بعد المؤتمر، وتمّ لنا ذلك على الأقلّ لدى الأكثريّة العظمى إذ خرجت بعض الأصوات “المتحفّظة” من نتائج المؤتمر وتعدّدت أسبابها لكّن الدوافع واحدة!
الوقفة الثالثة… وكلّ “قوّيل” يغزل على ليلاه!
المؤتمر ونتائجه أثارا وما زالا أصداء خفيضة، ولكنّها قائمة، بين الكتّاب والمتابعين في المشهد الثقافيّ عامّة؛ تنظيمات ثقافيّة وأشخاص، وأصداء أخرى ضاجّة و\أو عالية عند البعض من صفوف الاتّحاد “متحفّظة” على النتائج كما قلنا، فهذه وتلك طبيعيّة. فالمؤتمرات عادة ولأيّ تنظيم كان هي حدث احتفاليّ من ناحية ومنصّة تجدّد وانطلاق من الأخرى ومادّة للنقاش القَبليّ والبَعديّ. حقيقة هي ويجب أن نقولها على الملإِ: إنّا لم ننجح أن نجعل من مؤتمرنا هذا حدثًا احتفاليّا على خلفيّة ما سبقه من بعدٍ عن الموضوعيّة والحدّة في الأطروحات تنظيميّا وانتخابيّا. ولكنّها حقيقة أيضًا وناصعة أنّ المؤتمر عالج وبانفتاح كليّ كلّ القضايا المختلف عليها رغم حدّة النقاش، فلم يُحرم أو يُمنع أحد من طرح ما شاء إن كان ذلك على مستوى النقاش التنظيميّ أو الشخصيّ التنافسيّ. وحسم الأعضاء في الأطروحات والتي تمحورت حول اتّجاهين متناقضين بانتخابات سريّة أمام لجان انتخاب أعضاؤها من المؤتمرين ذوي التجارب التنظيميّة، وتمّ الحسم بأكثريّة عظمى لافتة وصلت في بعض الأطروحات إلى %74.
الشفافيّة تحتّم القول وعلى رؤوس الأشهاد، إنّه بدأ يظهر ويرشح ومباشرة بعد المؤتمر أنّ هنالك مجموعة من الزملاء والزميلات يتحفّظون على النتائج غير قابلين الحسم، وهؤلاء هم من لم تُقبل أطروحاتهم لا التنظيميّة ولا الانتخابيّة، وباشروا بالتواصل لعقد لقاءات خاصّة للتنسيق فيما بينهم حول خطواتهم. وبمعزل عنهم أو بالتنسيق لا نعرف فقد استقال من الاتّحاد بعض الأعضاء على خلفيّة نتائج المؤتمر أو لأسباب شخصيّة مثلما جاء في رسائلهم تصريحًا أو تلميحًا.
الحجّة الأكثر تداولًا من (القيل والقال)، أنّ عمليّة التصويت في المؤتمر شابتها شوائب، وكلّ “قوّيل” يغزل في هذا على ليلاه. اللجنة الانتخابيّة أعلنت النتائج الرسميّة على الملأ، لا بل وأعلنت أنّ كلّ مواد اللّجنة مفتوحة ليس فقط للأعضاء وإنّما للإعلام المعني كذلك.
الوقفة الرابعة… ودوام الانطلاق.
بغضّ النظر، الاتّحاد وبهيئاته المنتخبة ومباشرة بعد المؤتمر باشر بتنفيذ البرامج التي كانت مقرّة قبل المؤتمر وفي مقدّمها طباعة وتوزيع عدد كانون الأوّل من “شذى الكرمل” الرابع للسنة السابعة، ككتاب للمؤتمرين الثقافيّ الثاني والتنظيمي الوحدويّ. وقام بانتخاب مركّزي قطاعاته السبعة وانتخاب اللجان المختلفة والتي باشرت نشاطها وساحاتنا الثقافيّة أكبر شاهد. وتجدر الإشارة أنّه طلب الانتساب للاتّحاد بعد المؤتمر عدد من الكتّاب وقرّرت لجنة القبول قبولهم؛ عبد الرحيم الشيخ يوسف، وأحمد عازم من الطيبة، وكميل شقّور من حيفا، وهنالك عدد آخر ما زالت طلباته على طاولة لجنة القبول؛ د. ليلى حجّة من الناصرة، وأحمد الجربوني من عرّابة، وعزّت عساقلة من المغار، وآخرون طلباتهم في أيادي الأعضاء تنتظر التوصيل.
الاتّحاد ساهم في فعاليّات يوم اللغة العربيّة 18 كانون الأوّل 21 من راهط جنوبًا وعبر سالم حتّى شعب شمالاً. ويساهم بعشرات المحاضرين في شهر التراث والتاريخ والانتماء في مدارس كوكب أبو الهيجا، وكذا في مدارس طرعان كافّة.
الاتّحاد وضع اللمسات الأخيرة على “المؤتمر الأوّل لأدب الأطفال” والذي سيعقد يوم 25 آذار 2022 في بلدة طرعان، وبالتعاون مع مؤسّساتها المحليّة والثقافيّة.
الوقفة الخامسة… والانسحاب \ الانشقاق.
خلال كتابة مسودّة هذه الوقفات أطلقت المجموعة المتحفّظة على نتائج المؤتمر من الزملاء والزميلات أعضاء الاتّحاد بيان انسحاب من صفوفه، ذيّلته أسماءُ 48 عضوًا درّجوا حسب الشهادات الأكاديميّة والمكانة (!). لم يكن الأمر طبعًا مفاجئًا، وبغضّ النظر عن البيان وفحواه وشكله وكيفيّة ضمّ الأسماء إليه، فكتبتُه يعرفون ذلك وكثرٌ غيرهم يعرفون. بغضّ النظر، النقاش في كلّ المجتمعات المتحضّرة وخصوصًا إذا كان بين كتّاب وشعراء، يجب أن يرقى إلى أطروحات موضوعيّة وإن بلغت من الحدّة شأوًا، لكن أن يتمحور النقاش بالأساس حول شخصٍ وميّزاته وصفاته (الكاتب)، فهذه مسـألة فيها نظر، وكم بالحري إذا كان اكتشافها على يد الكتَبَة جاء متأخّرًا إلى هذا الحدّ وبعد سنوات(!)
نحن على ثقة تامّة، ولدينا بيّنات ممّا يعزّز هذه الثقة، أنّ كمّا كبيرًا من الزميلات والزملاء الذين ذيّلت أسماؤهم البيان، لا علم لهم بالبيان وفحواه ولا بالانسحاب حتّى وما تذييله بأسمائهم إلّا؛ الأُول من باب توصيف حال، والأُخر زورًا. وكما جاء في رسالة أحدهم: “يبدو لي أنّ اسمي هنا في القائمة يقع في مربّع المستقيلين من الاتّحاد ولست ممّن كتبوا البيان أو شاركوا في صياغته”.
ليس ما جاء في البيان من أسباب هي الأسباب، فالأسباب تعدّدت وتبدّلت وتغيّرت، لكن الدوافع واحدة، كانت عندنا كأمّة ويبدو أنّها ستبقى ولن تحيد عن “الأدباء” وتتمحور حول؛ “يا لُعّيبة يا خُرّيبة!”

أواسط شباط 2022
*الأمين العامّ للاتحاد
المقال يعبّر عن رأيي الشخصي وليس موقعي من الاتّحاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى