الاحياء الشعبية بحاجة الى تمثيل عادل داخل المجالس البلديات

يقول احد خبراء البنك الدولي – ايد ايجاس فاسكير : “نحن نعمل في البنك الدولي مع القطاع الخاص والحكومات والمجتمع المدني والشركاء الآخرين لبناء مدن ومجتمعات شاملة للجميع وقادرة على الصمود ومستدامة في جميع أنحاء العالم، والمساعدة في خلق اقتصاد تنافسي يوفر أنواعا جديدة من الوظائف، لا سيما للفقراء في المدن.”

تعاني الاحياء الشعبية في اغلب المدن من التهميش غير المبرر في الحصول على الخدمات اليومية الضرورية، والغياب هذا يُنسب في العادة الى الزيادة في عدد السكان واتساع الرقعه الجغرافيه لحدود المدن وعدم توفر الامكانيات الماديه.. ولكن هذا ليس هو السبب الوحيد لتبرير تدني مستوى الخدمات في هذه الاحياء الشعبيه انما يعود من وجهة نظري الى عدم وجود تمثيل عادل لهذه الاحياء داخل المجالس المحليه والبلديه، وعدم وجود ممثليين منتخبين شرعيين عن سكان هذه الاحياء لدى السلطات المحليه في المدن من اجل العمل على ايصال اصواتهم الى الاجهزة التنفيذيه لتلبية مطالبهم الخدميه العادله.

لهذا فان اعادة بناء تصور جديد في ادارة المدن هو اول خطوة في طريق الاصلاح الديمقراطيه الشامله للادارة المحليه ، فالحي الشعبي في المدينه  هو حجر الاساس لبناء بقية الهياكل الديمقراطيه في الدوله، فاصلاح الاحياء الشعبيه وتمثيلها تمثيلا عادلا في المجالس المحليه وادارة المدن والبلديات هو اصلاح حقيقي سيلمسه المواطن عن قرب، ويجني ثماره فيما بعد في صورة خدمات تعود عليه وعلى ساكني هذه الاحياء بالفائده والخير الوفير، وعلى الدوله بالقوة والمنعه والولاء الكبير.

ان الديمقراطيه الحقه تبدا من الحي الشعبي ومن خلال اشراك المواطن وتمثيله في مجالس مدينته او قريته والمشاركه في صنع القرار فيها، وتفعيل دوره من متلقٍ للقرارات الى مشارك في صناعتها، ومن دور المغيّب عن الفعل الى دور الفاعل والمؤثر فيه، ومن دور الرافض الى دور المناصر والمنفذ له.

ولا شك ان اعادة التصور الجديد في ادارة المدن تحتم علينا اعادة تقسيم المدن الى مناطق والمناطق الى احياء، وضرورة منح الاحياء داخل المناطق تمثيلا عادلا يليق بعدد السكان للحي الشعبي، فلا يعقل ان يبلغ تعداد حي يضم اكثر من 50 الف لا يوجد له ممثل في مجلس ادارة المدينه .. ذلك لان الضرورة  تفرض اجراء تمثيل عادل لكافة الاحياء في المدن الكبرى من اجل توسيع قاعدة المشاركة الشعبيه، وتحقيق العادله الاجتماعيه والسياسيه للجميع.

ان الدوله الديمقراطيه هي الدوله التى يشعر الجميع انهم شركاء فيها وفي صنع قرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحامين لتوجهاتها و تطلعاتها – ومبدا اللامركزيه المحليه في ادارة المدن والتجمعات السكانيه هو مطلب وضرورة تصب في مجال تعزيز النهج الديمقراطي المحلي والذي هو في المحصله النواة الحقيقيه للديمقراطيه الشامله على مستوى الوطن.

ان وجود وزارة حاليا للادارة المحلية يقع عليها دور تحديث كافة القوانين والانظمة التي تعمل على ايجاد هياكل تنظيمية ادارية لادارة البلديات والمدن، هذا من جانب وكذلك تعزيز دورها في عمليات التنمية المحلية والمجتمعية،وهذا هو ” الاس والمقام ” في تعزيز مفاهيم الديمقراطيه المحلية العمليه، وتنمية المجتمعات المحليه التى تعاني من التهميش غير المبرر، وغياب المشاركه الشعبيه العادله للاحياء في المجالس المحليه لادارة المدن والبلديات، وانتفاء الرقابه على المال العام واوجه صرفه وجمعه وعلى ادارة المشاريع التنمويه.

ان وجود اداره تقريرية وتنفيذيه داخل كل بلدية صادقه ومؤمنه بقضايا الاصلاح الشامل والتغيير الايجابي سوف يؤدي لاحداث نقلات نوعيه وجوهريه في التفاعل مع القوانين والانظمه والهياكل التنظيميه والبنيوية المستقبلية للعمل البلدي والشأن المحلي، وان تحديث هذه المنظومة من الانظمة والتى عفا عليها الزمن وغير المواكبة لتطلعات المستقبل هو المطلوب، لان الشئ الوحيد والثابت في هذه الحياه هو التغيير – التغيير نحو الافضل ونحو خدمة الانسان، وقبل هذا وذاك تكريم انسانية المواطن في مدينته وفي الحصول على الخدمات داخل مدينته وقريته و حيه  بكل يسر وسهوله وبكل عزه وكبرياء.. فهذا هو جوهر الادارة المحلية وغايتها الحقيقية .

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى