التنسيق الأمني جريمة وطنية مرفوضة شعبياً

1- . قبل أيام دخلت قوات خاصة تتبع لجيش الاحتلال إلى مدينة نابلس واغتالت ثلاثة مجاهدين في جريمة وحشية وقعت داخل منطقة تحت سيادة أجهزة التنسيق الأمني وفي منتصف النهار وفي قلب شارع عام. للأسف هذه هي ثمرة التنسيق الأمني الذي تعتبره قيادة السلطة في الضفة مقدسًا، وتتعلل بالعلل وتفرض الشروط من أجل استمراره خدمة لمصالح الاحتلال ومصالح المتنفذين في هذه السلطة بعيدًا عن مصالح الوطن، إن ما حدث ليس أمرًا عابرًا، بل حدثٌ جللٌ، ودخول قوات إلى مخيماتنا واغتيال أبطالنا أمام أعيننا على مسمع ومرأى من عناصر أمن التنسيق الأمني يضعنا أمام ضرورة الاعتبار ممّا تحمله هذه الجريمة من أسرار ورسائل.
بداية تكشف هذه العملية حجم التعاون الأمني بين قوات الاحتلال وأجهزة التنسيق الأمني بالضفة، ثانيًا هي بمنزلة رسالة للمقاومين والمطاردين أنهم وإن كانوا في مناطق السلطة فإن الاحتلال قادر على الوصول إليهم، وهي عملية إجرامية توقيتها جاء بعد اجتماع المجلس المركزي الذي عقد بصورة فردية بعيدًا عن الإجماع الوطني لتكريس اختطاف منظمة التحرير وقرارها في دكتاتورية وتفرد بالقرار السياسي، فكان هذا الاجتماع أشبه باجتماع دار الندوة في الجاهلية للتآمر على الإسلام، وكان المجتمعون يقولون فيما بينهم إنهم يريدون الحفاظ على مكة وأهلها والثوابت الوطنية. وما أشبه وسوسة إبليس لهم بالأمس منها باليوم.
سمعنا ما صدر عن اجتماع المركزي من قرارات لا تعدو كونها مجرد حبر على ورق، ومنها وقف التنسيق الأمني ووقف الاعتراف بالاتفاقيات مع الاحتلال، وبعدها بيومين تأتي عملية الاغتيال الصهيونية في نابلس لتؤكد أن التنسيق الأمني أكبر وأعمق من السلطة نفسها، وأن التنسيق مع الاحتلال هو معادلة البقاء لهذه السلطة في ظل تفشي الفساد المالي والإداري في أركان منظومة سلطة التنسيق الأمني في الضفة واشتعال نيران معركة التوريث وارتفاع وتيرة الفلتان الأمني في الضفة الغربية ومدنها ضمن توازنات القوى بين الأجنحة التي تطلب كرسي قيادة السلطة وتركز عملها على إرضاء الأمن الصهيوني لكسب أسهم الولاء والطاعة التي ستنعكس على فرصة حصولهم على الكرسي .
2. إن ما هو قائم في الضفة من ملاحقة المجاهدين واعتقالهم والاعتداء عليهم وقمعهم يكشف الدور الحقيقي لأجهزة أمن التنسيق الأمني، كل هذه الأسباب تدفع شرفاء شعبنا أن يثوروا في وجه هذه الفئة غير الوطنية التي لا تعبر عن أصالة أهل الضفة الذين ضحوا وجاهدوا وتصدوا للإجرام الصهيوني. واليوم بات لزاما أن يقفوا في وجه أدوات الاحتلال كجزء من مقاومة الاحتلال؛ فمن يمارسون التنسيق الأمني لا يمثلون شعبنا، فهم يسلمون المقاوم الفلسطيني لقوات الاحتلال متاجرة بالثوابت ودماء الشهداء في انتهاك للقيم الوطنية، وأن إنهاء التنسيق الأمني يحمل أهمية كبرى لفلسطين، فالتنسيق الأمني عبودية للاحتلال الصهيوني بصورة حديثة.
من الضروري أن يكون هناك تحرك وطني عاجل لإيقاف التنسيق الأمني الذي بات مفسدًا ويقتل أبناء شعبنا يوميا؛ الأمر الذي لم يعد يحتمل وطنيًا وبات مطلوبًا من الفصائل والقوى الوطنية العمل بشكل حازم لوقف جرائم التنسيق الأمني، على سبيل المثال لا الحصر قامت أجهزة التنسيق الأمني بـ 265 انتهاكًا بحق المواطنين في الضفة خلال شهر يناير فقط بحسب تقرير لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية، وتصدرت محافظة نابلس وجنين أعلى الانتهاكات، إذ شملت استدعاءات بحق 52 محررًا و30 معتقلًا سياسيًّا سابقًا وصحفيين.
3. وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فإن تل أبيب تقدم الدعم الاقتصادي للسلطة من أجل الحد من نفوذ المقاومة وتقوية أجهزة أمن السلطة في وجهها، ويجدر التأكيد أن التنسيق الأمني ليس مسألة عابرة أو طارئة، بل هو في صميم اتفاقية طابا التي وقعت بين الاحتلال والسلطة في عام 1995 حيث توضح دور السلطة بخصوص التنسيق مع الاحتلال، وأنها أي السلطة، مسؤولة عن منع المقاومة من ممارسة أي أعمال ضد الاحتلال، فكانت أجهزة أمن السلطة بمنزلة بنادق مستأجرة بصورة غير مباشرة للدفاع عن الاحتلال وخفض تكلفة الاحتلال على قيادة الأمن الصهيوني. وهو ما قاله مايكل مولشتين مدير مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب أن هنالك اهتمامًا عميقًا بالضفة الغربية وبقاء السلطة قوية وفي موقع بارز، لأنهم بذلك يصلون إلى الاستقرار”، كل هذه الاستدلالات تؤكد أن أجهزة أمن التنسيق الأمني أصبحت أداة وظيفية في يد الاحتلال من أجل محاربة المقاومة.
4. بحسب القانون الثوري الفلسطيني المادة 40، يعاقب بالإعدام كل فرد تخابر مع العدو أو أعطاه أخبار بصورة تنطوي على الخيانة أو قام عن علم بعمل من شأنه أن يعرض عمليات تقوم بها الثورة للخطر، لقد حاولت في أثناء قراءتي للتاريخ أن أجد مثالًا قريبًا لما يحدث في واقعنا الحالي من ما حدث سابقا في تاريخنا الإسلامي، فوجدته حاضرا في المعركة التي خاضها القائد المجاهد صلاح الدين الأيوبي قبل تحرير المسجد الأقصى المبارك، حيث قضى 20 عاما في القضاء على الخونة من المتعاونين مع الاحتلال الصليبي قبل أن يقضي على علة الاحتلال معالجًا جانبًا مهمًّا للغاية؛ وهو الخونة من أعوان الاحتلال وأدواته، وإن كانوا يتحدثون لغتنا. فلقد آمن صلاح الدين الأيوبي إيمانًا عميقًا بأن الجهاد هو الحل، وأن ذلك لن يتم إلا بتوحيد الجهود الإسلامية. ولقد بدأت المقاومة في توحيد جبهة المقاومة من خلال غرفة العمليات المشتركة، وإن تحليل المواقف اليوم يدفع أهل الضفة وفصائلها الوطنية الفلسطينية لضرورة مقاومة التنسيق الأمني ورفض الانصياع له بمختلف الوسائل والسبل لتدمير التنسيق الأمني، فزوال الاحتلال وزوال التنسيق الأمني مرتبطان.

جوال :00972599921328
الايميل :[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى