نحو مدن مستدامه لصالح الاجيال القادمة

” يفكر الوطني بالاجيال القادمة ، اما السياسي فيفكر بالانتخابات القادمة “.. المفكر اللبناني شكيب أرسلان

المدن مثل الكائن الحي تنمو وتتنفس ويزداد حجمها كل عام ، وهذا النمو سواء كان طبيعيا ام قسريا من خلال الزيادة في السكان نتيجة لعمليات النزوح من الارياف تجاه المدن وكذلك من البوادي طلبا للعمل والخدمات او نتيجة للزيادة الطبيعية في عدد السكان، فان هناك ظروفا اقتصادية اجتماعية خدمية تلازم هذا النمو ، من هنا فان موارد هذه المدن في حالة استنزاف واستهلاك جائر ودائم لمواردها دون النظر الى مستقبل الاجيال القادمة التي ستعيش في هذه الحواضر ، لهذا جاءت فلسفة المدن المستدامة واهميتها في عملية تطوير المجتمعات والاعمال بشرط ان تلبي احتياجات الحاضر بدون مساس بمقدرة الاجيال القادمة على تلبية حاجاتها من الموارد والخدمات، حيث تقوم فكرتها و في جوهرها على عدة عناصر اقتصادية وبيئية وعدالة في التوزيع والترشيد في الانفاق .

فالمدن تتعرض بيئتها للتدهور المستمر الذي يجب علينا التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية الوازنة والمساواة والعدل الاجتماعي في توزيع الموارد والخدمات للجميع، فتحسين ظروف الحياة والمعيشة داخل المجتمعات الحضرية والمدن هدف اصيل من اهداف التنمية المستدامة للمدن ، وان اهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة للمدن هو الحد من الفقر ومكافحته من اجل القضاء عليه في قادم الايام ،والقضاء عليه يتطلب ايجاد فرص عمل وتحسين في وسائل الانتاج وتكنولوجيا وتقنيات حديثة وصديقة للبيئة تساهم هذه الاليات في ايجاد مشاريع انتاجية تولد فرص عمل لجيش العاطلين عن العمل داخل هذه المدن ،

لقد ادت الزيادات غير المنتظمة في عدد السكان داخل المدن الى نشوء مدن الصفيح والبناء العشوائي والاعتداء الجائر على املاك الغير حكومية وخاصة نتيجة النمو الاقتصادي وتسارع في حركة العمل، حيث اصبح الطلب على الايدي العاملة دون توفير سكن مخطط مبني على اسس ياخذ بالحسبان التخطيط العمراني الحضري من جهة ويلبي حاجة الناس للسكن والمساكن فالاعمال ودوران حركة الانتاج جذبت العمالة من الاطراف فتم تنمية العواصم على حساب تنمية الاطراف وزاد الطلب على المياه والكهرباء والخدمات الصحية والتعليمية والتخلص من النفايات بانواعها المنزلية والصناعية والانشائية والالكترونية، وعانت من جراء ذلك المدن كذلك من ازمات خانقة في النقل والمرور وقلت الفضاءات والمساحات الخضراء والحدائق والمتنزهات، واصبحت المدن اشبه بكراج كبير للسيارات وللحافلات وعمران باذخ من الحجر والاسمنت – فتم خلع الشجر وزرعنا مكانه الحجر وهذه معادلة غير سوية.

من هنا فان مفهوم التنمية المستدامة بدأ يأخذ زمام المبادرة بضرورة الانتباه الى مجريات الامور الحضرية، وبدات قيادات المدن العمل لهذا الانذار المبكر لواقع المدن مستقبلا من خلال ايجاد خطط مستقبلية تنموية توجه الاعمار ومشاريع الانتاج والتنمية المحلية ، والبحث عن مصادر تمويل جديدة لتواكب المستجد من الاعمال، ورسم خارطة طريق تكون بمثابة بوصلة طريق ومرشد لرؤساء البلديات، وذلك للعودة اليها كلما تطلب الامر ،من اجل خلق واقع بيئي جديد يتلاءم مع متطلبات برامج التنمية المستدامة للاستفادة من عمليات التمويل المادية والفنية التي تقدمها المنظمات والدول المعنية في تمويل موارد وبرامج التنمية المستدامة، وخلق حياة صحية صديقة للمواطن في المدن ملبية لمطالبهم وحافظة لحقوق الاجيال في هذه الموارد الطبيعية.

ان الانسان جزء لا يتجزأ من الطبيعة بمفهومها الاشمل، وعلى هذا الكائن ان يأخذ من الطبيعة الشىء الذي يحتاجه ويتعامل معها دون اسراف او تفريط، وعلية اولا واخيرا ان يتعلم من النحلة كيف تتعامل مع الزهرة، فهي تمتص رحيق الزهرة ولكن لا تؤذيها او تعبث بها بل تتركها للاخرين لكي يتمتعوا برائحتها العطرة وجمالها الاخاذ .

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى