لوموند الفرنسية : أردوغان يلعب على الحبلين، فهو يسعى الى دعم أوكرانيا ولكنه يخشى من غضبة روسيا

 

باريس – كشف تقرير نشرته صحيفة ”لوموند“ الفرنسية، اليوم الثلاثاء، أن تركيا أصبحت تظهر بقوة في مشهد التوتر الدائر بين روسيا وأوكرانيا وتهديدات موسكو المتواصلة بشن الحرب على جارتها.

ولفت إلى أن الزيارة التي ينتظر أن يؤديها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى كييف، يوم الخميس القادم، تحمل في طياتها مساندة تامة من تركيا لأوكرانيا.

وقال التقرير: ”إن الرئيس التركي أردوغان يسعى بشكل أو بآخر إلى تحقيق التوازن بين روسيا وأوكرانيا، وهو الهدف الأول له قبل وصوله إلى كييف، يوم الخميس 3 شباط/ فبراير، واستقباله من قبل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ لبحث تعزيز الشراكة العسكرية ـ الصناعية بين تركيا وأوكرانيا؛ وهو الأمر الذي سيثير استياء موسكو بلا شك“.

ويبدو، وفقا للتقرير، أن دعم أوكرانيا دون إثارة غضب روسيا هو المعادلة الصعبة التي يريد الرئيس التركي تحقيقها، إذ تعد زيارته إشارة سياسية قوية موجهة إلى نظيره الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في وقت تحتدم فيه التوترات بين كييف وموسكو، وفي ظل تواجد عسكري روسي كبير على طول الحدود مع أوكرانيا وفي بيلاروسيا.

خيارات محدودة

وتبدو الخيارات ضيقة ومحدودة لإنجاح تلك المعادلة أمام أردوغان، الذي يفاخر دوما بأنه يسعى للحفاظ على علاقات مميزة مع كلا الطرفين، لدرجة أنه عرض وساطته لتسوية النزاع.

وقال أردوغان في 26 كانون الثاني/ يناير الماضي: ”من خلال الجمع بين الزعيمين زيلينسكي وفلاديمير بوتين في بلدنا إذا رغبا في ذلك، يمكننا تمهيد الطريق لاستعادة السلام، الغزو الروسي لأوكرانيا سيكون بمثابة تحرك غير عقلاني من جانب روسيا“.

لكن تلك التصريحات سرعان ما أثارت غضب الكرملين الذي رفض مطلقًا عرض الوساطة من أنقرة، وسارع إلى اتهام تركيا بتغذية ”المشاعر العسكرية“ في أوكرانيا، مذكرا في هذا الصدد بعملية تسليم طائرات تركية مسلحة بدون طيار للجيش الأوكراني، والتي استخدمها في أكتوبر 2021، لضرب منشآت عسكرية يديرها انفصاليو دونباس بدعم من الكرملين.

وأشار التقرير إلى أن بوتين أصر خلال محادثة هاتفية وُصفت بأنها ساخنة مع أردوغان، في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2021، على أن هجوم أكتوبر كان ”استفزازًا“.
ومنذ تلك الحادثة، شهدت العلاقات بين الرئيسين فتورا طفيفا، وهكذا رفض بوتين لتوه دعوة نظيره لزيارة تركيا، وأرجأ الزيارة إلى وقت لاحق، مبررا قراره بالوضع الوبائي وجداول الأعمال المزدحمة، وفق التقرير.

وعلى الرغم من التحذيرات الروسية، فإن دعم أنقرة للحكومة الموالية للغرب في كييف لا يتراجع، بل على العكس، فتركيا ليست مستعدة للتخلي عن اتفاقياتها الدفاعية مع كييف، ومن غير المرجح أن تعترف بضم موسكو لشبه جزيرة القرم، التي كانت ذات يوم تحت حماية الإمبراطورية العثمانية، حسب التقرير.

تعاون تركي أوكراني

في الوقت الحالي، يقول تقرير لوموند: ”لا يمكن للاتفاقيات التي سيتم توقيعها يوم الخميس، بين أردوغان وزيلينسكي – وتتضمن العديد من الاتفاقيات الصناعية العسكرية – إلا أن تزيد من حنق الكرملين الذي بدأ عام 2019، عندما طورت تركيا وأوكرانيا شراكتهما الأمنية بشكل كبير، وبين عامي 2019 و 2021 التقى الرئيسان خمس مرات“.

ويكشف التقرير أن تركيا وأوكرانيا تعاونتا في عديد المجالات على الصعيد العسكري، وأن هذا التعاون المتزايد يظهر بوضوح في الاتفاقيات والدعم الصناعي العسكري الذي توفره أنقرة لكييف، وهو ما يغضب بالتأكيد موسكو.
فقد حصلت شركة ”بايكار“ التركية، التي تتولى صناعة الطائرات بدون طيار، على أرض ليست بعيدة عن القاعدة الجوية الأوكرانية، جنوب غرب كييف، حيث يوجد مركز تدريب تجريبي وصيانة طائرات بدون طيار قيد الإنشاء، كما يدرس الطرفان الاستثمار في شركة ”فاسيلكيف“ الأوكرانية لصناعة المحركات.

وبصرف النظر عن التصنيع المشترك للمحركات وطائرات النقل العسكرية، تهدف كييف وأنقرة كذلك إلى التعاون في مجال أحواض بناء السفن في ميكولايف، وهو ميناء أوكراني على البحر الأسود، لكن هذا التعاون يعد بمثابة التهديد الواضح لمصالح موسكو في المنطقة، وهو ما يبدو أن الرئيس التركي على بينة منه.

وحرصا منه على خلق التوازن في موقف أنقرة إزاء جميع الجهات الفاعلة، يريد أردوغان تقوية التزامه تجاه حلف شمال الأطلسي، واستعادة صورته التي شوهها شراء صواريخ إس -400، وحماية تعاونه مع روسيا في قطاع الطاقة، إذ إن ما يقارب 40% من استهلاك الغاز الطبيعي في تركيا يتم توفيره من قبل شركة ”غازبروم“ الروسية.

ووفق التقرير، يبدو الموقف التركي محفوفا بالمخاطر للغاية قبل الزيارة المرتقبة لأردوغان إلى كييف، إذ يشير عديد الخبراء إلى أن ذلك سيؤثر على نفوذ السلطات التركية في سوريا، وأن أي ضربة محتملة لموسكو تجاه سوريا، وخصوصا منطقة إدلب ستكون لها تداعيات كبيرة على تركيا، وكذلك على دول البحر المتوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى