تحت الغارات الجوية ولد نشيد “الله اكبر فوق كيد المعتدى”/ فيديو

كثير من الروائع الغنائية والأناشيد القومية العابرة للأجيال، ولدت بشكل تلقائى وانبعثت من مشاعر حقيقية وحماس وطنى وقومى تم نسجه بالكلمات والألحان ليعبر عن هذه المشاعر تعبيرًا صادقًا، جعلها تعيش فى أذهان الجماهير إلى الأبد.

ومن بين هذه الأعمال الخالدة أنشودة “الله أكبر فوق كيد المعتدى”، التى كانت بمثابة النشيد القومى والحماسى أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 ، وبقيت بعد ذلك رمزاً وأنشودة عابرة للأجيال.

وعن قصة ميلاد هذه الانشودة الرائعة تحدث ملحنها الموسيقار الراحل محمود الشريف فى مقال نادر، مشيرًا إلى أن أطفاله كانوا يشعرون برعب وفزع شديد كلما بدأت الغارات الجوية على مصر ويلتفون حوله، فيحاول تهدئتهم بلا جدوى، حتى أصبح الفزع والرعب يسيطر على البيت.

وقال محمود الشريف إن أطفاله كانوا يرتعشون من دوى القنابل الذى كان لا ينقطع ليلاً ونهاراً، وذات يوم كان يفكر فى كل هذا العدوان الذى تواجهه مصر ، وكيف تقف أمام ثلاث دول قوية، وكيف يؤمن شعبها بالنصر رغم اختلاف القوى وتفوق هذه الدول المعتدية ، فأيقن أن الله يقف مع مصر وهو أكبر من كل هذه القوى مجتمعة، وفجأة وأثناء تفكيره حلقت فوق بيته طائرة من طائرات العدو، كانت تصعد لأعلى حتى تبتعد عن مرمى المدافع المصرية التى كانت تلاحقها، وفى هذا الوقت استولى الرعب والخوف كالعادة على أبناء محمود الشريف.

وأشار الملحن الكبير إلى أنه فى هذه اللحظات ضم أطفاله إلى صدره وحاول تهدئتهم، ودون أن يدرى ظل يهتف :” الله أكبر ..الله أكبر..الله أكبر فوق المعتدى”، وهنا توقف أبناؤه عن البكاء وظلوا يهتفون معه وكأنهم كورس ونسيوا رعبهم حتى انتهت الغارة.

وأوضح الشريف أنه بعد انتهاء الغارة توجه إلى آلة العود، وقرر أن يكون هذا الهتاف أغنية وأنشودة يبدأ مطلعها “بعبارة الله أكبر فوق المعتدى”، وبعدها فكر فى أن يعطى هذا المطلع لشاعر يكمل هذه الأنشودة الحماسية، فوقع اختياره على الشاعر الصوفى عبدالله شمي الدين الذى كان يكتب شعراً كله إيمان وتبتل ودعاء، وفى الوقت نفسه يكتب أبيات وأشعار كأنها ميادين قتال، وعندما قابله الشريف واعطاه هذا المطلع كتب شمس الدين باقى الأنشودة خلال ساعة واحدة ، فأخذ محمود الشريف الكلمات عائداً إلى بيته ليضع باقى اللحن، وتصادف وجود غارة جوية أثناء عودته ، فظل يردد الأبيات والمقاطع حتى استكمل وضع اللحن مع عودته للمنزل.

وقد اختار الشريف أن تؤدى هذا النشيد مجموعة من الفنانين تعبيراً عن كل أبناء الشعب المصرى، وليكون هذا النشيد نشيد مصر كلها، وبالفعل تحقق ما توقعه الشريف، وأصبح هذا النشيد تعبيراً عن مصر العربية  القوية في الزمن الناصري المجيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى