هكذا اقدم بايدن على مساعدة ابن سلمان في قلب الموازين لصالحه في حرب اليمن

إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يعتقد أن دعم جهود السعودية للاستيلاء على الأراضي في اليمن سيؤدي إلى التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار، فمن المحتمل أن يكون هناك مفاجأة في انتظاره، وهذا ما سلَّطت عليه الضوء أنيل شلين، زميلة أبحاث شؤون الشرق الأوسط في معهد كوينسي لفن الإدارة الرشيدة، في الذي نشره موقع «ريسبونسبل ستيت كرافت».
وفي مستهل المقال، تشير الكاتبة إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت سلسلةً من الانتصارات حققتها قوات تحالف «دعم الشرعية» المتحالفة مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، والمدعومة من السعودية والإمارات، وفي الأسبوع الماضي، تمكنت «ألوية العمالقة» الممولة من الإمارات من إخراج قوات «جماعة أنصار الله» الحوثية من أراضي محافظة البيضاء، وبعد معركة استمرت عشرة أيام، استطاعت «ألوية العمالقة» إخراج قوات «جماعة أنصار الله» من محافظة شبوة، وتتقدم «ألوية العمالقة» حاليًا في طريقها صوب مدينة مأرب الإستراتيجية، وتعتمد هذه المكاسب العسكرية بدرجةٍ كبيرة على الدعم الوثيق الذي تقدمه القوات الجوية السعودية.
توضح الكاتبة أن الحكومة السعودية طالبت بتزويدها بأنظمة دفاع جوي يُزعَم أنها من الولايات المتحدة لكي تتمكن من الدفاع عن نفسها من هجمات قوات «جماعة أنصار الله» الصاروخية عبر الحدود، وفي الوقت نفسه، نجحت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الضغط لإتمام صفقة بيع أنظمة صواريخ جو-جو متوسطة المدى متقدمة بقيمة 650 مليون دولار، على الرغم من اعتراض بعض المشرعين بسبب قلقهم بشأن دعم الولايات المتحدة للتدخل السعودي في اليمن منذ سبع سنوات، ومن خلال الإصرار على أن يقتصر استخدام هذه الأسلحة على الأغراض «الدفاعية» فحسب.
وتؤكد الكاتبة أن الهجمات الأخيرة المدعومة من السعودية تبين عدم صحة ادِّعاء السعوديين أنهم بحاجة إلى ذخيرة أمريكية للدفاع عن أنفسهم، كما أنها تدحض تبريرات إدارة بايدن بشأن صفقة الأسلحة الأخيرة، وفي المقابل تبدلت السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي اليمنية مرةً أخرى، وبحسب ما قاله هانز جروندبرج، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، أمام مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، إنه «لا يوجد حل دائم طويل الأمد يمكن التوصل إليه في ساحة المعركة»؛ أي إن تصعيد أعمال العنف يؤدي إلى تقويض الجهود المبذولة لحل النزاع.
ولفتت الكاتبة إلى أن الخلافات التي نشبت في العام الماضي بين القوات المدعومة من السعوديين والقوات المدعومة من الإماراتيين أدَّت إلى تقويض فعاليتها ضد قوات «جماعة أنصار الله» الحوثية، مما مكَّن الحوثيين من تحقيق مكاسب إقليمية في محافظتي البيضاء وشبوة التي أعادت قوات تحالف «دعم الشرعية» المدعومة من السعودية السيطرة عليهما مرةً أخرى في الوقت الحالي.
وكانت الإمارات تُموِّل بصورة أساسية الميليشيات التي تسعى إلى استقلال جنوب اليمن، بينما تدعم السعودية الحكومة الانتقالية التي تسلَّمت زمام السلطة في أعقاب تنحي الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح بعد شهورٍ من احتجاجات الربيع العربي في عام 2011، وتعتقد الإمارات أن جنوب اليمن المستقل سيكون دولة تابعة مفيدة في المستقبل، نظرًا لموقعها الإستراتيجي عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، بينما تخشى السعودية في الوقت نفسه من أن تجعل الحكومة المركزية، التي تسيطر عليها «جماعة أنصار الله»، حدودها الجنوبية معرَّضة لخطر الوجود والضغط الإيرانيين، إذ قدَّمت إيران الدعم السياسي والمادي لـ«جماعة أنصار الله» منذ التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية منذ عام 2015.
ولسوء الحظ، تشير الكاتبة إلى زيادة وتيرة تعرُّض السعودية للهجمات عبر الحدود على مدار الحرب، وهي النتيجة نفسها التي دفعت السعودية في البداية للتدخل لمنع حدوثها، وفي يوليو (تموز) الماضي، انتقد معلقون سعوديون علنًا دور الإمارات في اليمن، وهو أمر نادر الحدوث يُشير إلى استياء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من حليفه التقليدي ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد.
قلب الموازين في اليمن
نوَّهت الكاتبة إلى أن كلًّا من القوات المدعومة من السعودية ومن الإمارات وقَّعت في عام 2019 على اتفاق الرياض، الذي يهدف إلى إقامة شراكة فعَّالة؛ إلا أن الجانبين، بالإضافة إلى الميليشيات الانفصالية الأخرى، استمرَّا في التنافس على الاستحواذ على السلطة في عدن، مما أدَّى إلى إضعاف الحالة الأمنية هناك، فضلًا عن سوء الخدمات الأساسية، وهذا ما أسفر عن اندلاع الاحتجاجات المدنية في سبتمبر (أيلول) الماضي والتي تعاملت معها السلطات بالقمع العنيف.
وكان الشعور بتوفر الأمن الاقتصادي والمادي نسبيًّا في المناطق التي تسيطر عليها «جماعة أنصار الله» سببًا في استقطاب اليمنيين إلى تلك المناطق، والتي تشمل مُدن صنعاء وإب وذمار، وفي الخريف الماضي، تساءل بعض المراقبين للأوضاع في اليمن: هل تسعى جماعة «أنصار الله» إلى تعزيز سيطرتها على شمال اليمن من خلال إخراج الموالين لحكومة هادي من مأرب منها أم لا، وأعرب كثيرٌ منهم عن مخاوفهم من الآثار الإنسانية المترتبة على مثل هذه المحصلة، بالنظر إلى أعداد اليمنيين الهائلة الذين لجأوا إلى هناك؛ أما الآن وبعد ما يبدو من تعاون القوات المدعومة من السعودية والقوات المدعومة من الإمارات والعمل معًا، فقد يُطرد «أنصار الله» من مأرب ويُمنعون من الوصول إلى احتياطيات النفط الإستراتيجية في المنطقة.
ورجَّحت الكاتبة أن تشعر إدارة بايدن أن هذه الإنجازات العسكرية الأخيرة تُبرر قرارها بزيادة دعمها للسعودية من خلال الضغط المحتمل على «أنصار الله» للموافقة على وقف إطلاق النار بدلًا من المخاطرة بفقدان مزيد من الأراضي، وهذه إحدى النتائج المحتملة، على الرغم من تأكيد هشام شرف، وزير خارجية «جماعة أنصار الله» الحوثية، في يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) استعداد حكومته وانفتاحها على وقف إطلاق النار بشرط أن ترفع السعودية لأول مرة حصارها على ميناء الحُدَيدة ومطار صنعاء الدولي.
كيف ساعدت إدارة بايدن في استمرار الصراع؟
تلفت الكاتبة إلى أن السعوديين عززوا الحصار بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والذي يبرر دورًا سعوديًّا في منع تهريب الأسلحة إلى الجماعات الانفصالية، وينص القرار نفسه على إعادة الرئيس اليمني هادي، الذي يعيش في المنفى في الرياض منذ عام 2015 تقريبًا، وتُشير التقارير الأخيرة إلى أن المملكة المتحدة، بصفتها القائمة على صياغة النصوص المتعلقة باليمن في الأمم المتحدة، ربما تُقدِّم قرارًا جديدًا لمجلس الأمن يسمح باستبدال الرئيس هادي، ويكون البديل شخصية سياسية أقل فسادًا، مثل رئيس وزرائه معين عبد الملك سعيد، والذي وُلد في مدينة تعز بوسط اليمن ويُنظر إليه على أنه من التكنوقراطيين وربما يكون شخصية توافقية.
وتخلص الكاتبة إلى أن القرار الجديد لمجلس الأمن سيوفر فرصةً للمجتمع الدولي لطرح إطار عمل أكثر واقعية لحل الصراع اليمني الذي طال أمده، ويُطالب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 «جماعة أنصار الله» الحوثية بالتخلي عن أسلحتهم وجميع الأراضي التي استولوا عليها منذ عام 2014، وهي شروط يرفضها الحوثيون دائمًا ولن يوافقوا عليها أبدًا، ولسوء الحظ، فإن المكاسب الأخيرة التي حققها التحالف الذي تقوده السعودية قد تشجعهم على الإصرار على هذه الشروط، كما فعلوا خلال السنوات السبع الماضية، بدلًا من قبول حقيقة أن الحرب في اليمن، التي توصف غالبًا بأنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، ستستمر حتى تجد جميع الأطراف أسبابًا أكثر إقناعًا للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وفي فبراير (شباط) الماضي، تعهد الرئيس الأمريكي بايدن بإنهاء الدعم الأمريكي للسعوديين في اليمن، «بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة»؛ وبدلًا من ذلك، يبدو أن سلوكيات الإدارة الأمريكية أسفرت حتى الآن عن استمرار الحرب، مما أضر بالمصالح الأمريكية وحياة اليمنيين ومستقبلهم، بحسب ما تختتم الكاتبة مقالها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى