جمال عبد الناصر في الذكرى الرابعة بعد المائة لميلاده

كل عام وأمتنا العربية بألف خير ، نحن في مطلع العام الجديد كانون ثاني، يناير.. وهذا الشهر هو شهر الزعيم جمال عبد الناصر ، ففي الخامس عشر من كانون ثاني  يناير جاء للدنيا جمال عبد الناصر بصرخة أولى كأي طفل يولد ، وكان ذلك بداية فجر جديد في تاريخ الأمة العربية ومصر بشكل خاص .
كان الاستعمار البريطاني الفرنسي مسيطرا على كل الأمة العربية التي كانت مقسمة وفق اتفاقية سايكس بيكو ، وكانت ارادة مصر، الدولة العربية الأكبر وصاحبة التاريخ الطويل بمقارعة الغزاة والمحتلين، مرهونة للمستعمر البريطاني .
وتشاء إرادة الأقدار أن يكون طرد الاستعمار البريطاني والفرنسي ومحاربة ورثيهما الأمريكي والصهيوني على يد ذلك البطل الذي رأى النور في الخامس عشر من كانون ثاني يناير عام 1918م .
لذلك شاءت الأقدار أن يرحل عن عمر يناهز الــ52 عاما وثمانية أشهر، وهو في قمة عطاءه الوطني والقومي والإنساني .
لذلك يتفق مؤيدو ومعارضيو الزعيم جمال عبد الناصر على أهمية دوره وما قدمه، سواء من باب الرضا والقبول والإيمان كما ترى الأكثرية العربية، رغم بشاعة التزوير التاريخي الذي اقترفته بحق هذا الزعيم جملة قوى محلية ودولية من المختلفين معه والرافضين لسياسته ، وهذا في الغالب صادر عن ثلاثة أنواع من الرافضين والمعارضين الكذابين ، الأول : تجار الدين والتاسلم الفارغ، عملاء الاستعمار وصنائعه .
وثاني الرافضين: بقايا الإقطاعيين ممن تضررت مصالحهم الطبقية بسياسة التأميم التي أقرها الزعيم عبد الناصر كنهج لحكمه .
أما النوع الثالث من الرافضين : فهم حديثو النعمة أولئك اللذين خاطبهم أنور الساداتي ((بأنهم إذا لم يغتنوا بعهده عمرهم لن يغتنوا بعده)) .
فهؤلاء هم إفراز انفتاح الساداتي المزعوم ، والمدافعون عن نهجه الاستسلامي ، والخطير بالأمر حجم القوى التي تدعمهم من الداخل والخارج .
من الداخل أصبحوا هم الحزب الحاكم أي حزب السلطة كما أسسه الساداتي ودعمته أمريكا والكيان الصهيوني وعرب الاعتلال ، ولا سيما الدول النفطية ، أولئك الإعراب الخونة الذين لم تعلن سياستهم الاستسلامية وانبطاحهم المقزز أمام العدو، إلا بعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر .
حتى قال أحد مناظري الحزب الحاكم حرفيا (( لن يأتي لمصر رئيسا إلا برضا إسرائيلي وموافقة أمريكية ))
لذلك يحاربون اسم جمال عبد الناصر حتى وصل الأمر بأحد الأنظمة الرجعية أن منعت اطلاق اسم عبد الناصر على أي مواطن يحمل جنسيتها ، وهي من موّل كل الأفلام والمسرحيات والأعمال التلفزيونية ، ودعمت كل من ينتقد جمال عبد الناصر بمخطط خبيث واضح .
أما النوعية الأخرى الرافضة للزعيم وسياسته فهي الدول الاستعمارية المشغلة والحامية للأنظمة الرجعية إياها ، فهذه الدول العظمى حاصرت مصر عبد الناصر وتآمرت عليها ، حتى وصل الأمر للعدوان العسكري الإجرامي المعروف بالثلاثي عام 1956م ، كما تآمرت لاغتياله ولا سيما بواسطة وكلائها من تجار الدين وغيرهم ، حتى وصل الأمر الى تواطئهم مع العدو بنكسة حزيران الأليمة، كما صلى بعضهم ركعتين شماتة بهزيمة عبد الناصر، تلك النكسة الأليمة التي لا أقول عنها حرب، بل هي عدوان صهيوني غادر وقفت خلفه الامبريالية الأمريكية، ودعمته بالمال الرجعية العربية خاصة ما يسمى بالملوك العرب بلا استثناء .
أولئك الأقزام الذين صنعهم الاستعمار للتآمر على الأمة ، حيث لم يجرؤ أحد منهم بالخروج عن الصف القومي بشكل فج كما نرى اليوم، إلا بعد رحيل جمال عبد الناصر ، وكان بعضهم يدعم، نكاية بعبد الناصر، ويدعو إلى التأسلم الكاذب الذي سرعان ما كشفه الزمن ولعل واقع اليوم خير شاهد على العصر .
نحتفل اليوم بذكرى ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر الرابع بعد المائة في ظل ما نرى ونشاهد من حالة السقوط والتردي العربي الذي قادنا منذ انقلاب أيار مايو عام 1971، وأصبح أكثر وقاحة وعلانية بعد حرب أكتوبر المغدورة التي أصبحت الطريقا للاستسلام والخنوع والذل .
ومن المفارقات، في ذكرى ميلاد القائد الخالد، أن يوصف اليوم المستسلم والخائن وعميل المخابرات الأمريكية ومن نسق مع العدو بانه بطل للحرب والسلام ، اما من تمسك بثوابت الأمة بالحرية والوحدة والتحرير فيوصف بأنه مغامر .
ومع ذلك ورغم كل هذا السقوط فلم يتحقق هذا السلام المزعوم لأن هذا العدو الخبيث يعرف ماذا يريد ، فالسلام الحقيقي كما رآه جمال عبد الناصر وأحرار الأمة من بعده، يعني نهاية هذه المسرحية المقرفة التي بدأها الساداتي، وأن يعود قطعان العدو عبر الجو والبحر من حيث اتوا، بعد أن جاء معظمهم عبر البحر من مختلف اقطار العالم، باعتراف الكثير منهم .
الزعيم جمال عبد الناصر في ذكرى ميلاده لا يريد منا أن نحتفل بعيد ميلاده فهو نفسه كان يتجاهل عيد ميلاده ، وهنا نورد حادثة رواها الأديب الراحل يوسف السباعي في كتابه الشهير (أيام عبد الناصر) حيث يقول السباعي أنه كان في زيارة للزعيم جمال عبد الناصر ذات يوم مع أحد الأصدقاء المقربين من الزعيم، وبعد انتهاء السهرة التي كانت عادية كما يقول السباعي، وأثناء الخروج قال له صاحبه هل باركت للرئيس بعيد ميلاده الذي يصادف اليوم ، وهنا عاد السباعي وهو في غاية الحياء كما يقول ليعتذر للرئيس قائلا : يا سيادة الرئيس كل سنه وأنت طيب ، وضحك جمال عبد الناصر ليرفع الخجل عن السباعي الذي استطرد (السباعي) قائلا : كنا أيام الملك تضاء مصر كلها بعيد ميلاد ابنه أو أحد الأميرات .
هذا هو جمال عبد الناصر الإنسان ، القائد ,الزعيم .
في عيد ميلاده الرابع بعد المائة نجدد ثوابتنا القومية على نهجه التحرري ورسالته الخالدة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، شاء من شاء وأبى من أبى.. وكل عام وأمتنا العربية وشعبنا ومصرنا العزيزة بألف خير ومحبة وسلام حقيقي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى