تفاصيل مُروعة حول حرق ثلاثة شبان سوريين لاجئين في ولاية إزمير التركية لـ “دوافع عنصرية عدائية”

تتفاعل حادثة حرق ثلاثة لاجئين سوريين في ولاية إزمير التركية منذ أول أمس الأربعاء، وبينما كشفت وسائل إعلام تركية ومنظمات حقوقية بعض التفاصيل، وجه سياسيون مجموعة أسئلة لوزارة الداخلية، في مسعى للحصول على أجوبة أكثر.

وحتى الآن لم يصدر أي تعليق رسمي من جانب الداخلية التركية بشأن الحادثة التي ارتكبت بـ”دوافع عنصرية”، حسب ما يقول حقوقيون أتراك ومحامين سوريين.

من جانبها استعرضت صحيفة “يني شفق” المقربة من الحكومة، الجمعة، نقاطا إضافية بشأن التحقيقات المتعلقة بالحادثة، والتي حصلت في منطقة “غوزال بهشة” بولاية إزمير.

والشبان هم: مأمون النبهان (23 عاما)، أحمد العلي (21 عاما)، محمد البش (17 عاما)، وبحسب “يني شفق” فإن حادثة وفاتهم حرقا ليست جديدة، بل تعود إلى السادس عشر من شهر نوفمبر الماضي، وتم الكشف عن ملابساتها قبل أيام.

وأفادت الصحيفة بأن الجهات الأمنية قامت بفحص جميع الكاميرات الموجودة في موقع البناء والمنطقة المحيطة للكشف عن ملابسات الحادث، حيث تم التعرف على المشتبه به، وهو مواطن تركي يدعى “ك.ك”، وجرى اعتقاله بتاريخ 29 من الشهر الماضي.

“تفاصيل مروعة”

وفي تفاصيل الجريمة قال “ك.ك” الذي اعترف بارتكابها إنه كان موجودا في حمامات المسجد، حيث لبس معطفه بالمقلوب، وحمل بيدونا (عبوة) تحوي مادة البنزين في صندوق سيارته وتوجه إلى موقع البناء الذي يقيم فيه الشبان السوريون.

وأضاف بحسب الصحيفة: “توجهتُ إلى مكان سكن السوريين، كنت أسعى إلى تخويفهم وإرسالهم إلى وطنهم، وتهديد صاحب العمل أيضا، لذا دخلت من الباب الخارجي، وسكبت مادة البنزين إلى أن تسرب إلى الداخل، ومن ثم أدخلت قطعة القماش وأشعلتها، وغادرت المكان فورا”.

ويقيم الشبان الثلاثة في تركيا منذ ست سنوات، وكانوا يعملون في ورشة لصناعة الحجارة الخاصة بالأرصفة، بينما عاشوا في غرفة متواضعة بالقرب منها.

حسين شقيق الضحية، أحمد العلي، يقول لموقع “الحرة” إن أخيه والشابين الآخرين اللذان يقيمان معه لم يكن لهما أي عداوات في المنطقة. “كانوا يعلمون لكسب العيش”.

ويضيف العلي “الآن أعمل على استخراج بطاقة حماية مؤقتة جديدة مع أخوة الضحايا الآخرين. هذه الخطوة من أجل البدء بعمليات توكيل المحامي من أجل متابعة القضية”.

بدوره يوضح الناشط الحقوقي المطلع على ملابسات الحادثة، طه الغازي، أنه التقى قبل يومين مع أسر الضحايا، حيث تم جمعهم مع محامين من “هيئة الدفاع”.

وتتكون “هيئة الدفاع” من عدد من المحامين الأتراك، وآخرين من منظمات حقوقية.

ويضيف الغازي لموقع “الحرة” أن “المنظمات الحقوقية التركية، على رأسها منظمة حقوق الإنسان، أبدت استعدادها للدفاع عن القضية. في الوقت الحالي بدأ التحرك القانوني”.

ويشير الناشط الحقوقي إلى بعض الإجراءات الإدارية التي يتم العمل عليها في الوقت الحالي بخصوص أخوة الضحايا، ويتابع: “أخوة الضحايا لا يحملون بطاقات الحماية المؤقتة. الآن نعمل على إصدارها، على أن يتم أخذ وكالة منهم في الأيام المقبلة”.

“روايتان”

ووفقا للمعلومات والتحقيقات الأولية فإن حادثة حرق الشبان الثلاثة “عنصرية بحتة”، بحسب ما يؤكده الناشط الحقوقي، طه الغازي.

وذلك يرتبط بعدم وجود أي خلاف أو شجار بين الضحايا والجاني، “الأمر أكده صاحب المعمل ومحامي الشركة ومواطنون أتراك في المنطقة سواء في المصنع أو الجوار”.

ويضيف الناشط الحقوقي أن “الحادثة أكدها الجاني أيضا بإفادته بعد اعتقاله من قبل السلطات التركية، حيث قال إنه ارتكب الجرم بناء على دافع عنصري”.

ويؤكد على ما سبق شقيق العلي بقوله: “الجاني ليس مختلا عقليا كما يشاع”.

في المقابل، نقلت وسائل إعلام تركية عن محامي المتهم قوله إن “موكله لا يتمتع بصحة عقلية جيدة، وتقدم بطلب لنقله إلى مشفى الأمراض العقلية”.

كما ذكر المحامي عن الشركة التي يعمل بها الضحايا، “غوكتوغ داغ ديلين” لموقع “ميديا سكوب” المحلي أن المتهم نفذ هجوما مزدوجا في غضون عشرة أيام، وتم احتجازه بعد هذا الهجوم.

ويعاني كثير من اللاجئين السوريين في تركيا من المشاعر المعادية للمهاجرين، حيث تم توثيق العديد من التجاوزات في حقهم، وكان أبرزها في حي “ألتن داغ” في العاصمة التركية، أنقرة.

وفي أغسطس الماضي، اندلعت أعمال عنف في أنقرة، حيث قام حشد غاضب بتخريب المحلات، والمنازل السورية، ردا على حادث طعن مميت راح ضحيته مراهق تركي.

وفي زيارة قام بها إلى تركيا قبل أشهر، أقر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، بأن ارتفاع عدد اللاجئين قد خلق توترات اجتماعية، لا سيما بالمدن الكبرى في تركيا.

وحث غراندي “الدول المانحة والمنظمات الدولية على بذل مزيد من الجهد لمساعدة تركيا”.

“تساؤلات”

في غضون ذلك تقدم أعضاء من “حزب الشعب الجمهوري” و”حزب الشعوب الديمقراطي” و”حزب الديمقراطية والتقدم” بمجموعة من الأسئلة لوزير الداخلية التركي، سليمان صويلو.

وجاءت الأسئلة بشكل منفصل، لكنها سعت في معظمها إلى الحصول على أجوبة حول تفاصيل الجريمة وطريقة تعامل وزارة الداخلية التركية، ومعلومات حول السجل الجنائي للمجرم.

ومن بين الأسئلة: “لماذا لم يتم إجراء تحقيق فعال على الفور بشأن حادثة القتل بالحرق بتاريخ 16 من نوفمبر؟”، “هل هناك أي سجل جنائي عن المشتبه به قبل هذا التاريخ، وهل هناك مذكرة توقيف اعتبارا من 16 نوفمبر؟”.

“هل بدأ التحقيق في مقتل ثلاثة سوريين بالحرق؟ إذا كان الأمر كذلك، في أي مرحلة يتم هذا التحقيق؟ هل التقرير معد؟ إذا تم الشروع في تحقيق، فهل تم أخذ البيانات المتعلقة بالجريمة التي تم ارتكابها بدافع عنصري في الاعتبار؟”.

من جهتها، قالت منظمة حقوق الإنسان التركية إن الجاني استخدم البنزين لإشعال النار في المنشأة في 16 نوفمبر، وتوفي الضحايا الثلاثة في المستشفى متأثرين بإصاباتهم.

ووصفت المنظمة عبر “تويتر” الحادث بأنه هجوم “بدوافع عنصرية”.

“مشاعر عداء”

ومنذ مطلع العام الحالي يتصدر ملف اللاجئين السوريين في تركيا حديث أحزاب المعارضة، التي اتجهت للضغط من خلاله على الحكومة، مطالبة بإرجاعهم إلى بلدهم، وتقييد أعمالهم التجارية التي نمت على نحو ملحوظ، بحسب ما تظهره البيانات الرسمية.

وفي يونيو الماضي، حذر زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كلشدار أوغلو، الحكومة التركية من أن اللاجئين “يشكلون تهديدا للأمن القومي”.

وتعهد كلشدار أوغلو بأن حزبه سيعيد كل سوري إلى بلده، إذا تولى السلطة في الانتخابات المقبلة في البلاد، نافيا أن تكون تلك الخطوة “عنصرية”.

وردا على ذلك قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان: “لقد لجؤوا إلينا. إنهم يتوسلون من أجل الأمان. لا يمكننا أن نطلب منهم العودة إلى حيث كانوا”.

وأضاف أيضا في تصريحات له، الأسبوع الماضي: “ما دمتُ رئيسا لتركيا فلن أسمح بطرد السوريين”.

ومن المتوقع أن تصبح الهجرة موضوعا رئيسيا في الحملات الانتخابية، على الرغم من أن الانتخابات العامة المقبلة في تركيا ما زالت على بعد عامين.

وبحسب معطيات “إدارة الهجرة العامة” في البلاد هناك 3 ملايين و701 ألف و584 سوريا تم تسجيلهم تحت وضع “الحماية المؤقتة” في تركيا.

وبصرف النظر عن المذكورين، هناك أيضا سوريون يعيشون في تركيا ولديهم تصريح إقامة، ويبلغ عددهم 97 ألفا و658، وفق أحدث البيانات التي أصدرتها المديرية العامة لإدارة الهجرة في وزارة الداخلية، في 19 من أغسطس عام 2021.

وبالإضافة إلى القسمين المذكورين هناك سوريون غير مسجلين “ينتهكون قواعد الدخول أو الخروج أو الإقامة القانونية في تركيا، وهم مهاجرون غير شرعيين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى