سر منع اذاعة قصيدة “نهداك” لنزار قباني وطلال مداح/ فيديو

نجح الشاعر السوري الكبير (نزار قباني) كشاعر بقوة وسط المثقفين وعشاق الشعر، لكنه أصبح نجما له شهرة نجوم الفن الكبار حين عرفت أشعاره الجميلة المتميزة بلغتها، والجديدة بموضوعاتها، والجريئة بأفكارها، طريقها إلى أجمل الأصوات العربية، وساهم بقصائده فى إضافة قاموس لغوي جديد للأغنية العربية، معانيه ليست كالمعاني التي ألفها الجمهور عند شعراء الأغنية الآخرين وإن كانت لاتلغيها أوتقصيها، وكلماته ليست كالكلمات التى اعتاد عليها.
وطوال مشواره لم يكتب قصيدة لتغني عبر صوت مطرب أو مطربة، كان يبدع فقط، رغم علمه أن القصيدة المغناة هى الأبقي والأسرع في الوصول إلي الملايين، حيث كان يرى أن شاعرا كبيرا مثل (أحمد شوقي) قام الموسيقار (محمد عبدالوهاب) بتخليد أشعاره وتوصيلها الى كل الآذان وعلى كل الشفاه، حين قام بتلحين بعضها وغنائها أيضا، وبالمقابل استفاد الفن الغنائي العربي من قصائد عملاق الشعر.
غنى أشعار (نزار قباني) كثير من مطربي مصر والعالم العربي، ولكننا سنتوقف عند قصيدته الجريئة جدا (نهداك) التى أثارت ضحة كبيرة جدا عند نشرها، ومازالت من القصائد الممنوع إلقائها أو التفوه باسمها في الإذاعات المصرية والعربية.
وإذا كانت الجرأة أسلوب حياة بالنسبة لـ (نزار قباني) فالأجرأ أن يقع اختيار المطرب السعودي (طلال مداح) على هذه القصيدة ليغنيها فى نهاية الستينات!، وقد حذف (طلال مداح) كثيرا من أبياتها عند غنائها، منها البيت الذي يقول (صنمان إني أعبد الأصنام رغم تأثمي)، وذلك نظرا لجرأة القصيدة، ولكن رغم حذف المطرب السعودي لكثير من الأبيات إلا أن القصيدة مازالت ممنوعة من الإذاعات العربية حتى الآن، وإن كانت لها نسخة على العود في جلسة خاصة على موقع الفيديوهات الشهير (اليوتيوب).
وفيها يلي نص قصيدة (نهداك) كاملة، وبضمنها الأبيات المحذوفة..
سمراءُ.. صُبِّي نهدَاك الأسمرَ في دنيا فمي
نهداكِ نـَبْعا لذة حمراء تُشعلُ لي دمي
متمرّدان على السماءِ.. على القميص المُنعَم
صنمان ِ عاجيّان.. قد ماجا ببحر ٍ مُضرم
صنمان إني أعبد الأصنام رغم تأثمي
فكّي الغلالة َ.. واحسري عن نهدك المتضرّم
لا تكتبي النارَ الحبيسة وارتعاشَ الأعظم
نارُ الهوى في حَلمتيْكِ أكولة ٌ كجهنّم
خمريّتان.. احمرّتا بلظى الدم المتهجم..
محروقتان ِ بشهوةٍ تبكي وصبر ٍ ملجم
نهداكِ وحشيَّان.. والمصباحُ مشدوهُ الفم
والضوء منعكسٌ على مجرى الحليب المُعتم
وأنا أمدُّ يدي وأسرق من حقول الأنجم
والحَلمة الحمقاءُ ترصدني بظفر ٍ مجرم
وتغطُّ إصبعها وتغمسها بحبرٍ من دمي
يا صَلْبة النهدين.. يأبى الوهمُ أن تتوهّمي
نهداكِ.. أجمل لوحتَين على جدار المرسم
كرُتان من ثلج الشمال.. من الصباح الأكرم
فتقدّمي، يا قطتي الصغرى، إليّ تقدمي..
وتحرّري مما عليك وحطمي.. وتحطمي..
مغرورة النهدين.. خلي كبرياءكِ وانعمي
بأصابعي.. بزوابعي.. برعونتي.. بتهجّمي
فغداً شبابُك ينطفي مثل الشعاع المضرم
وغداً سيذوي النهد والشفتان منك.. فأقدمي
وتفكرّي بمصير نهدكِ بعد موت الموسم
لا تفزعي.. فاللثمُ للشعراء غيرُ محرَّم ِ
فكّي أسيريْ صدرك الطفـْليَتن.. لا.. لا تظلمي
نهدك ما خلقا للثم الثوب.. لكن.. للفم
مجنونة مَن تحجب النهدين أو هي تحتمي
مجنونة من مرَّ عهد شبابها لم تلثم..
وجذبت منها الجسم لم تنفـُرْ، ولم تتكلـّم
مخمورة ً مالتْ عليَّ بقدّها المتهدِّم
ومضت تعللني بهذا الطافر المكتوّم
وتقول في سكر، معربدة ً، بأرشق مبسم
يا شاعري.. لم ألق في العشرين من لم يُفطم.
جدير بالذكر أن هذه القصيدة كانت قد طرحت في أول دواوين الشاعر (قالت لي السمراء) الذي طبعه على نفقتة الخاصة عام 1944م وشكلت بداية شعرية جرئية جدا.