وعد بلفور الثاني.. والمستهدف هي المقاومة العربية عموماً

 
تابعت ردود الفعل على القرار الصهيوني الصادر من بريطانيا ، والقاضي بتصنيف حركة حماس منظمة إرهابية ، وفي نفس السياق قررت الحكومة الاسترالية تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية ، وتابعت بعد ذلك ردود الفعل في الإعلام العربي الرسمي والخاص ، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي على القرار ، ولم أجد للأسف ردود فعل بحجم الجريمة التي تستهدف ليس حماس وحزب الله فقط بقدر ما تستهدف المقاومة التي هي روح هذه الأمة، والتعبير الصادق عن وجودها.

لا أعلم سر هذا البرود، خاصة من قوانا الوطنية والقومية، في الرد على هذا القرار الخطير من صاحبة وعد بلفور المشئوم الذي هو عنوان تقسيم أمتنا وزراعة كيان سرطاني غريب جاء من الخارج بذلك القرار المشئوم . وقد لحقت بها استراليا التابع المخلص للصهيونية العالمية ، وهذا القرار برأيي (تجريم المقاومة)، ووصفها بالإرهاب لا يقل خطورة عن وعد بلفور الأول بل ومكمل له . وكما كنا كأمة، ايام وعد بلفور، خارج المعادلة فانه للأسف بعد أكثر من مائة عام أرى نفس النتيجة، حيث لا ردة فعل ترقى لمستوى الجريمة التي تمرر اليوم وتستهدف، كما أسفلت، قوى المقاومة والصمود .

الأمة العربية مشغولة بخلافاتها الداخلية ، وأصبح من يوجه السياسية الرسمية للأمة العربية دويلات النفط الأسود خاصة دولة الإمارات التي أصبحت علاقاتها مع الكيان الصهيوني اقتصاديا وسياسيا أكثر من أي بلد عربي أو أسلامي آخر ، حتى وصل الأمر الى إلغاء التأشيرات والدخول على الهوية بين الكيانين . ناهيك عن حصول 500 صهيوني على الجنسية الإماراتية ، وأصبح هؤلاء الصهاينة بموجب ذلك من رعايا دولة الإمارات وجميعهم كما نشر من رجال الأعمال أو الموساد بشكل أدق .

في ظل هذه الظروف تزداد حمى الحرب بكل أشكالها وألوانها على المقاومة ومحورها التي هي آخر ما تبقى من قلاع الأمة الصامدة . وعلى هذا الأساس جاء القرار الصهيوني الثاني من بريطانيا واستراليا  بتصنيف حماس وحزب الله كمنظمات إرهابية . استراليا التي لا يربط بينها وبين الأمة العربية أي رابط اللهم غير نفاقها السياسي للولايات المتحدة الأمريكية ، وعلى طريقها قد تحذو الكثير من الدول الباحثة عن دور أو مكان تحت الشمس، نفاقا لرأس الصهيونية العالمية أمريكا وبريطانيا . وطمعا في الكعكة التي يجري السباق على تقسيمها بين الكبار ، فيما تكتفي صغار الدول أمثال استراليا بجوائز الترضية .

يحدث هذا وأمتنا العربية وقواها السياسية مشغولة بالخلافات الفكرية والايدولوجية بينها حتى يجد الجميع نفسه لا سمح الله خاسرا في معارك طواحين الهواء بين القوى السياسية المختلفة، والمفترض أن تعدد الأفكار فيه إثراء للأمة وديمومة لها شأن كل الأمم والشعوب المتحضرة. ولكن ما أراه أن الكثير من أبناء أمتنا العربية وقفوا متفرجين ، وكأن هذا القرار الظالم ( دمغ المقاومة بالإرهاب ) انتصار لهم على حماس أو حزب الله .

نعم قد نختلف مع حماس وحزب الله في السياسة، ولكن لا نختلف على بأنهما أبرز وأهم قوى المقاومة والصمود ، ومن يريد التنافس فالميدان موجود والعدو واحد ويستهدف الجميع، وحقائق التاريخ تؤكد لنا ليس هناك دولة واحدة في العالم انتصرت وطردت الاستعمار إلا بعد أن وحدت كل قواها الوطنية خلف راية المقاومة . وشعبنا العربي في فلسطين كان أكثر فهما للمعادلة ومتقدما على قيادته السياسية . لذلك أدانت كل الفصائل الفلسطينية القرار البريطاني بينما الأخوة في حزب الله لهم ظروف خاصة و تتعلق بتركيبة لبنان الذي أصبح للأسف به أحزاب صهيونية لا تخجل من ذلك ناهيك عن التركيبة الطائفية والدينية التي فصلت بين سايكس وبيكو حتى يجري استغلالها في الوقت الذي يختارونه بكل أسف، والمقاومة اليوم بكل قواها في لبنان تناضل لأجل تغيير هذه التركيبة ولكنها تعمل وفق ظروف لبنان المختلفة عن فلسطين تحت الاحتلال ،وبالتالي لا خلاف على المقاومة في فلسطين إلا من السلطة المستفيدة التي ترى في  الانبطاح والتنسيق الأمني مع العدو ميدانها المفضل .

لذلك نقول ان المستهدف كما أسلفنا هي المقاومة أي مقاومة يصبح لها وزن أو قيمة في معادلة الصراع العربي مع العدو الصهيوني .و إذا كان المستهدف  اليوم حماس وحزب الله فغدا ستكون الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها . فهذا القرار الظالم يجب مقاومته بكل ما هو ممكن وبكل السبل ، وكلنا لدى العدو عرب سواء في مصر أو سوريا ، العراق أو لبنان . أما العربي الجيد فهو لديهم العربي الميت الذي لا يعرف أن يقول كلمة “لا “حتى يجد نفسه خارج المعادلة وخارج التاريخ .

ولا عزاء للصامتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى