بريطانيا تجدد العداء لشعبنا وقضيته

بقلم: جبريل عوده *

تصر بريطانيا على البقاء في خانة العدو لشعبنا الفلسطيني , بتاريخها الذي يعج بفصول العداء والإجرام منذ وعد بلفور ومؤامرة الإنتداب وسطوة الإحتلال , وما قدمته بريطانيا من تسهيلات للعصابات الصهيونية من أجل السيطرة على فلسطين , وبعد أن تجاهلت بريطانيا الدعوات المطالبة بإعتذارها على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني , تجدد بريطانيا وقوفها في مربع الأعداء لشعبنا وقضيته , وتقف مساندة للإحتلال الصهيوني ماديا ومعنويا , وتجرم المقاومة الفلسطينية وتصفها بالإرهاب في موقف يخالف كل المواثيق والأعراف الدولية .
القرار الذي صدر الجمعة (19-11) عن وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، بإعتبار حركة المقاومة الإسلامية “حماس” تنظيم إرهابي , يشكل إمعاناً في الحرب على الوجود الفلسطيني والهوية الوطنية , فهو لا يستهدف حماس كتنظيم , بل يستهدف كل الفلسطينيين سواء كانوا في أرض فلسطين أو مهجرين خارجها , ويضرب بكل خسة لمفاهيم المقاومة ودفع العدوان في وعي الشعوب , ويحاول فرض سياسات التدجين وترويج الإستسلام لواقع الإحتلال ، وإخضاع شعب بأكمله ضمن التصنيف الوقح واللامسؤول الصادر من وزيرة الداخلية البريطانية ، في إصطفاف واضح إلى جانب الجلاد والمجرم الصهيوني على حساب الضحية التي تنادي بالحرية والإستقلال طوال أكثر من مائة عام.
جاء في حيثيات القرار البريطاني الظالم الذي أصدرته بريتي باتيل, بأن حركة حماس معادية للسامية بشكل أساسي، وهذا تجني واضح من وزيرة الداخلية البريطانية ، فحركة حماس حسب الوثيقة الصادرة عنها في أيار2017 ، توضح بأنها لا تعادي اليهود لكونهم يهود وجاء في البند (16)من الوثيقة ” تؤكد حماس بأن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعا مع اليهود بسبب ديانتهم ” وتوضح حماس في وثيقتها “بأنها تخوض صراعا مع المحتلين المعتدين” , فهذا الكلام الصريح غير كافي في عرف الحكومة البريطانية , فالمستهدف في هذا القرار هو روح المقاومة ، وأن مسألة معادة السامية لازالت سيفا مسلطا على كل من يحاول فضح الإحتلال الصهيوني وجرائمه في فلسطين .
ولعل موقف حركة حماس مما يسمى “معادة السامية” والذي جاء في وثيقة العام2017 , يشكل رداً وافياً على مسببات القرار البريطاني, وينطلق من موقف مبدئي يعززه الإنتماء لدين التسامح والخيرية للبشرية جمعاء، وهذا ما جاء في البند (17) من الوثيقة ” ترفض حركة حماس إضطهاد أي إنسان أو الإنتقاص من حقوقه على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو طائفي “، وترى حماس أن معاداة السامية مصطلح يرتبط بالتاريخ الأوروبي ، وليس له علاقة بتاريخ المسلمين ، الذي يشهد على عقود طويلة عاش فيها اليهود , آمنين مطمئنين على حياتهم وأعراضهم وأموالهم , في ظلال الدولة الإسلامية .
كما جاء في حيثيات القرار بأن حظر حركة حماس ،وتصنيفها كتنظيم “إرهابي” يعود لعدم شعور اليهودي في بريطانيا بالأمان , وأن خطوة تجريم حماس مهمة خاصة للجالية اليهودية, وهذا تبرير غير منطقي وساذج ، لا يصدر إلا عن سياسة معادية ونهج متطرف في إدارة العلاقات الدولية , فكما أكدت حركة حماس موقفها الرسمي من اليهود ، وبأنها لا تقاتلهم بسبب ديانتهم , بل تقاتل الصهاينة المحتلين المعتدين , إلى جانب ذلك التأكيد فإن حركة حماس وجناحها العسكري كتائب الشهيد عزالدين القسام ، قد حصرت نطاق جهادها ومقاومتها للصهاينة المحتلين على أرض فلسطين ، وعبر تاريخها المقاوم لم تسجل حالة واحدة قامت خلالها حماس بتنفيذ عملية فدائية خارج فلسطين ، فكل عمليات المقاومة التي نفذها الجناح العسكري للحركة كانت على أرض فلسطين , فلم تشهد بريطانيا مثلا أي عمل ضد الجالية اليهودية وكان ورائه حركة حماس فلماذا هذا الخوف المصطنع ؟ .
فلماذا هذا القرار في هذا الوقت بالذات ؟ ، ألا يشكل ذلك فصلا جديداً من فصول إستهداف القضية الفلسطينية وطمس هويتها ، فهذا القرار يستهدف كل فلسطيني يقف شامخاً يقول للإحتلال والإستيطان لا وهذه اللاء قد تكون بارود ورصاص أو قنبلة ,هذا القرار يستهدف تجريم وتشويه تاريخ من البطولات والتضحية لشعبنا الفلسطيني المقاوم للإحتلال , بكل تأكيد هذا القرار لا يستهدف حماس وحدها بل يستهدف تاريخنا وحاضرنا ومستقبل أجيالنا , لذلك في التصدي لهذا القرار الظالم مسؤولية الكل الفلسطيني .
لقد حرصت حركة حماس على علاقة جيدة مع دول العالم أكدتها في البند (40) من وثيقتها المعتبرة وجاء فيها ” تؤمن حماس في علاقتها مع دول العالم وشعوبه بقيم التعاون والعدالة والحرية وإحترام إرادة الشعوب ” ، إلا أن العالم الظالم لا يفهم لغة الحوار الحضاري وتفهم تطلعات الشعوب نحو الحرية والإستقلال والإنعتاق من الإحتلال البغيض, فالعداء لازال يحكم سياسات العالم الإستعماري لشعوب المنطقة العربية ، وما نحتاجه في مزيدا من الإصرار على التمسك بمقاومتنا حتى إسترجاع كافة حقوقنا المسلوبة وبقوة الحديد والنار فهذا العالم الظالم لا يفهم إلا لغة القوة .

*كاتب وباحث فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى